(وهي حملة تؤشر الخطر المستشري في المجتمع وهو مرض تليف الكبد اسبابه وطرق علاجه وسبل الوقاية منه.....
ويبقى المريض المصاب.........ينادينا بصوت عالي .....
اعيدوا لي كبدي......)
سهاد مدرسة لغة عربية متقاعدة افنت عمرها في خدمة التعليم مايقرب نصف قرن نعم خمسون سنة وهي تربي اجيال وتخرج اجيال تتابعهم في مراحلهم الدراسية وبسبب مرضها العضال الذي اصابها في باكورة شبابها واثناء دراستها الجامعية عكفت عن الزواج انه مرض التهاب المفاصل الرثوي (الروماتزم الرثوي) وهو مرض مزمن ذاتي المناعة يصيب المفاصل ويؤثر على الغشاء المبطن للمفاصل (الغشاء الزليلي) بشكل رئيسي ومن الممكن أن يؤدي إلى تآكل الغضاريف والعظام واختلال في تركيب المفصل وما حوله مثل الأربطة والعضلات ويؤدي في حالة التشخيص المتاخر وعدم اخذ العلاج المناسب الى تحديد حركة الشخص وتشوه المفاصل وخصوصا الكف والركبتين وكان في الماضي من الامراض المستعصية ولكن الان مع تطور العلاج الدوائي البايلوجي والادوية المتعددة ساهم في تقليل معاناة ومكابدة المريض ولذلك اطلق عليه علماء اللغة العرب الرثوي من الرثاء لحال المريض وعائلته ولحال بطلة قصتنا الحقيقية الست سعاد التي عزفت عن الزواج رغم جمالها وتقدم لها عشرات الخطاب وهم محملين بباقات الورد والهدايا ورسائل معطرة بالحب وهكذا هي نذرت نفسها لطالباتها وقامت بتبني اكثر من طالبة فقيرة او يتيمة او معدمة الحال لحين حصولهن على شهادات جامعية والوصول الى وظائف مرموقة وهكذا كان الطالبات ينادينها ماما ساعاد بدل من الكلمة المستشرية في منادات المدرسات ست ست..... وهكذا كان اسم ماما سعاد الاقرب الى اذنها وارضاء الى نزواتها المكبوتة وبلسما لجروح الروح والجسد المعلعل بالتهاب المفاصل الرثوي وهكذا كان في سبعينات القرن الماضي قد اكتشف علاج لمرض المفاصل الرثوي يقللمن مكابدات المريض ومعاناته ويمنع الى حد ما من الاعاقة الحركية والتشوه للمفاصل وتاكلها وهو علاج الميثو تركسيت(methotraxit) وهكذا كانت ماما سعاد متواصلة مع العلاج لفترة 25سنة متواصلة الى في يوم من الايام بداء الاصفرار على وجهها وبشرتها وتحول لون الادرار الى لون غامق مثل لون الشاي مع تعب مزمن واعياء ليس متعودة عليه من قبل وليس مشابه لعارضها المرضي المزمن مع غثيان وفقدان الى الشهية وتقيؤ واستفراغ للطعام مع صداع شديد وحالات نسيان وتوهم ذهني مفاجئة مع تورم الساقيين ورعاف (نزيف) من الانف وهكذا اضطرت ماما سعاد الى الاتصال باحدى طالبتها التي تبنتها في مرحلة من حياتها السابقة وهي طبيبة متخصصة في الباطنية وامراض الكبد والجهاز الهضمي وكان من السهل عليها وتشخيصها انها مصابة بتشمع الكبد الدوائي نتيجة علاج الميثوتركسيت وكانت الطبيبة تبكي وهي تستذكر مواقف ماما سعاد وكيف تبنتها في الصف الثالث متوسط عندما توفى والدها العامل البسيط نتيجة سقوطه من عمارة عالية قيد الانشاء وكانت عائلتها لاتملك رمقها ومصاريف الدراسة فما كان من موقف ماما سعاد الا ان تبنت الطالبة لكونها كانت شطورة ومجتهدة وتعفى سنويا وكانت تتوقع لها مستقبل علمي باهر وهكذا كانت تشتري لها الكتب وتتعهد بمصاريف الدراسة وعند قبولها في كلية كانت هدية ماما سعاد لها ان اشترت بدلة الزي الموحد وملابس شخصية اخرى والصدرية البيضاء التي طرزت اسم الطالبة عليها بانملها المرتعشة من التهاب المفاصل الرثوي هنا انسكبت دموع الطبيبة وهي تتطلع على نتائج الفحوصات لوظائف الكبد وتحاليل الدم والسونار والمفراس وان لاحل ولاعلاج امامها الا عملية زرع الكبد هنا استلت الطبيبة هاتفها المحمول واتصلت بجميع بنات ماما سعاد المتبناة من قبلها وهن كثر وعددهن يربوا على الثلاثين ممن كانت الطبيبة متواصلة معهن وهن يذهبن كل عيد ليقدمن التهاني الى ماما سعاد الذي يمتليء بيتها بطالبتها وهن يحملن الكليجة والحلويات وقدور الدولمة والقوزي والسمك المطبك ليجتمعن كعائلة واحدة في بيت ماما سعاد وهكذا لبن النداء بعد الاتصال بهن من قبل الدكتورة واملئت غرفة ماما سعاد في المستشفى بباقات الورد والهدايا.
وهنا انبرت الطبيبة في خطبتها لتذكيرهن بموقف ماما سعاد عليهن وتضحيتها من اجلهن وجاء اليوم لرد الدين لها ووضحت في خطبتها ان الخلية الانسانية تمتلك ما يسمى المايتوكنودريا عبارة عن جسيمات توجد في السيتوبلازم للخلايا حقيقية النواة ، وهي المصدر الرئيسي للطاقة في الخلايا حيث تتم بها تفاعلات التنفس الخلوي الهوائي. وان الكبد يمثل في الجسم الانساني المصدر الرئيسي للبناء حيث احد اهم وظائف الكبد هو تصنيع البروتين من الاحماض الايمنية المتتصة من الامعاء وهي ناتج هظم اللحوم الحيوانية والبروتين النباتي وان الكبد هو المصنع الوحيد للالبومين المسؤول عن الحفاظ على الضغط الاسموزي في الاوعية الدومية وهو يمنع نفاذية السوائل الى الادمة ولذلك حيت تلف الكبد او تعطلها يبداء الالبومين والبروتين في الدم بالانخافظ مما يسبب قلة الضغط الاسموزي مما يسبب تورم الساقين والاستسقاء البطني والاستسقاء في التجويف الصدري كما تلاحظون الان في حالة ماما سعاد وكما تشاهدون هزالها ولذلك علينا الان رد الدين عبر تبرعنا بجزء من كبدنا الى ماما سعاد وان الواهب لاتتاثر صحتة لان الكبد قابل للتجدد والتعويض......
فانبرن جميعهن للتطوع تبرعهن الى ماما سعاد ليس بجزء من اكبادهن ولكن كل اعضائهن فالبنسبة لهن ان ماما سعاد هي الام المعطاء وهي بريق الامل الذي انقذهن في محطة من محطات حياتهن وهكذا قررن من الصباح في اليوم التالي لاجراء فحص المطابقة من اجل التبرع لماما سعاد وهي تنظر لهن بشموخ وعز وتبكي وتقول ان تعبي وحبي وعطائي في سبيل الله لن يذهب هباء منثورا وهكذا بعد اجراء فحص المطابقة وقع الاختيار على احدى طالبات ماما سعاد وهي الاقرب الى قلبها لانها كانت تشاطرها السكن لان والديها قد استشهدوا في القصف الجوي لطائرات التحالف على بغداد سنة 1991 وكانت في الرابع العام مما اضطرت ماما سعاد لتبنيها بالكامل لحين اتمام دراستها الجماعية وزواجها وتم زفافها من بيت ماما سعاد وقد بكت هذه المهندسة وقالت كنت ادعي ربي كل يوم ان يتيح لي المجال لرد دينك وهذا انا كبدك على الارض ارد جزء منه الى جسدك العليل وتم زراعة الكبد في احدى مستشفيات لبنان وبعد عام ذهبت ماما سعاد وكبدها الاحتياطي بنتها الواهبة الى بيت الله الحرام للحج سويا انه العطاء المتجدد من اجل هبة الحياة.
ان الكبد عضو مهم فلذلك علينا في حالة اخذ اي علاج لفترة طويلة علينا متابعة حالة الكبد وخصوصا الان كما هو مشاع بالنسبة للادوية الخافظة للدهون وعدم اعطاء الاسبرين للاطفال تحت سن ال 12سنة واخذ عادوية امراض المفاصل لفترة طويلة وعدم الاكثار والادمان الكحولي والمخدراتي لانهن احد الاسباب الرئيسية لتلف الكبد وتشمعه ان الكبد مصدر الطاقة الانساني وهو المايتو كوندريا الجسد المتحرك.
مقالات اخرى للكاتب