قبل ثلاثة اعوام بالتمام والكمال كشف موقع الكتروني متخصص ان عدد الاسرى العرب وغالبيتهم من المسلمين ، المتدافعين خلف قضبان سجن الشاب "مارك زوكربرغ" تجاوز الـ ٣٥ مليون ، ورجح الموقع ان يرتفع الرقم بحلول الفين وخمسة عشر الى سبعين مليون اسير كرْب كحد ادنى . ما يعني ان في غضون ستة اسابيع او دون ذلك فان واحدا من خمسة عرب يستخدم موقع التواصل الاجتماعي الاشهر "فيسبوك" والذي يوشك ان يقيم دولة عالمية بحجم الصين . ولانها الاكثر كثافة سكانية في العالم العربي ، فان مصر "نحو ثلث العرب" تتصدر البلدان العربية من حيث عدد الاسرى حيث يتوقع ذوو الاختصاص ان تقترب نسبة المشتركين فيها من الربع اي اكثر من خمسة عشر مليون مفسبك . ولا اعتقد انه بات خافيا على احد ان ارقام هذه الامبراطورية التي نشأت بخجل في جامعة هارفارد الاميركية عام الفين واربعة ، والتي توشك ان تطفىء شمعتها الحادية عشرة ، اصبحت قيمتها السوقية اليوم تتجاوز المئة مليار دولار اي ما يعادل عوائد النفط العراقي السنوية تقريبا . التأثير المتزايد الذي يتركه الموقع الالكتروني الاوسع انتشارا في العالم ، على واقعنا العربي - الاسلامي المر ، بحاجة الى دراسة او دراسات مستفيضة يجب ان تتبناها دول ومؤسسات "ان وجدت" لمعرفة آفاق المستقبل اجتماعيا وعلميا و ربما نفسيا . والذي يتابع التقارير التي تصدر بين الحين و الاخر عن ابعاد هذا التاثير يوشك ان يظهر قرنا ثور على سماخه الشريف . لست من عشاق نظرية المؤامرة بل وطلقتها ثلاثا لا رجعة فيها ولعل في هذا الطلاق البائن اضراره المعروفة لكل ذي لب ، لكن حالة الصرع التي تنتابنا جميعا لابد ان تصل الى نهاية ، فاما الموت السريري المعلن او الصحوة . متابعة الفيسبوك خاصة بعد انطلاق موجة الهواتف الذكية تركت اثارها المدمرة على محيط العمل و مستوى طلبة المدارس "مراحلها كافة" و العلاقات الاجتماعية (حالات تفكك اسري و طلاق) و نزعة الابتكار لدى شريحة الشباب و ...و ...و ... و يؤسفني حقا القول ان الاثار وصلت الى الفرائض التي لا يتجاوز زمن ادائها بمجموعها يوميا ربع ساعة "يعني نقر الغراب" . نقلا عن النت يقول احد سكان العاصمة المغربية ان شغفه بسماع وتلاوة القران الكريم سجل انحدارا مرعبا منذ عام الفين وعشرة وهو العام الذي انضم فيه الى قائمة الاسرى ، الامر الذي يجعله يشعر بتأنيب ضمير مستتر . يضيف صاحبنا ان الهوس بالفيسبوك بلغ به حدا صار فيه يتضايق من حلول وقت الاذان الذي كان يستعد له بنصف ساعة على الاقل قبل السقوط بضربة زوكربرغ القاضية ، آخر يقول ان صلاة الفجر اصبحت بالنسبة اليه شيئا من الماضي لانها كانت عندما كان ياخذ حاجته من الراحة والنوم قبل دخول وقتها، اما وقد اصبحت جفونه تطبق وهو منكب على الفيسبوك الى ساعة متاخرة من الليل ، فلم يعد بالامكان النهوض لاداء قران الفجر المشهود . آخر عراقي يصدمنا بان اداءه المدرسي تراجع بوتيرة مريعة في السنتين اللتين سبقتا دخوله الجامعة ، ويضيف انه تحول من طالب مجد ذي هدف في الحياة الى صريع فيسبوك لا يلوي على شيء ، لكنه يذكر ايجابية واحدة لهذا الاسر وهي انصرافه عن الصداقات المخلة بالادب ، لان الوقت يضيق لها ، يعني مجبر اخوك لا بطل . في العراق ايضا يشكو لي احد الاباء من انه يحتاج ليكرر الجملة الواحدة على ابنه سبع مرات ليقع مفادها في قلبه حتى وان كانت بمستوى " ولك گوم جيب گلاص ماي لبوك " ، و بحسب الاب فان بِكره المؤمل عليه ليكون على سر ابيه في التجارة ، اغلق السمع و البصر والفؤاد على ماتدره على سمعه و ذهنه محالب الفيسبوك . هذه عينات فقط ... شخصيا اتمنى ان يكون "مارك زوكربرغ" قدوة لكل شبابنا ، فهو يمثل قصة نجاح تاريخية جاهزة في الاصرار على الوصول للهدف الذي تابعه منذ نعومة الاظفار . فقد بلغ من النبوغ والفطنة مبلغا دفع استاذه الالكتروني الى الامتناع عن مواصلة تعليمه لانه ليس لديه مايضيف الى معلومات تلميذه وابداعه وهو دون سن المراهقة . الكارثة الحقيقية اننا جميعا نبرر انكبابنا الخرافي على الفيسبوك . فهذا من يزعم بان وقته مكرس لمتابعة مستجدات العلوم ، و ذاك لسماع القران ، و آخر لاقناع اصدقائه من المذاهب الاسلامية الاخرى بتبني مذهبه الناجي من المحرقة ، و الحصيلة النهائية ان الزمن - و هو من اغلى هدايا الله للانسان - يتسرب من بين اصابعنا من دون علم ولا هدى . بحسبة عرب كما يقال ، سنكتشف كم ساعة نهدر نحن المسلمين في أسرنا المفسبك يوميا بلا طائل . اتمنى الا تتفاجأوا بحصيلة الارقام فهي بالملايين وربما الملايير و هي تتضاعف بمتوالية هندسية مع تزايد ثورة وثروة الشاب مارك زوكربرغ سدد الله خطاه في خدمة الاسلام والمسلمين .
مقالات اخرى للكاتب