إن ظهور الإرهاب المنظم في العالم قبل عقدين من الزمان بعد تحرير أفغانستان من الشيوعيين وظهور تنظيم القاعدة متمثلا بطالبان اللذان صنعتهما أمريكا لمقاتلة الشيوعيين السوفييت والتي لم تجد حلولا لاحتوائهم بعد إكمال مهمتها بسقوط احتلال السوفييت لأفغانستان وبقيت القاعدة تترأس الإرهاب باسم الإسلام مع الأسف الشديد والتي أساءت للدين الحنيف إساءة كبيرة ساهمت به دول إسلامية عربية غنية وظلت ظاهرة الإرهاب لا تختفي في مكان إلا وتظهر في مكانٍ آخر، ويعني ذلك أن لها مصدراً مُغذياً يمدها بالطاقة والشُريان اللازم للحياة، وأن العديد من الدول والمجتمعات التي تُعاني من هذا الإرهاب لا تتعامل معه بطريقة سليمة، فهي لم تفطن للدلالة الكبرى والآثار السيئة له، وتعمل على سد الذرائع الممكنة أو تأمين المستقبل بعِدة إجراءات وتدابير، ومع ذلك فهذه السياسة لم تُفلِح في القضاء على الإرهاب الذي أصبح علامة وظاهرة دولية تُعاني منها بعض الدول، بل حتى حين نتعرض للمُشكلة ذاتها لا نُفلِح في تحديد الخطر الحقيقي، ونعتقد أنها أزمة مؤقتة نتيجة لسياسات معينة سينتهي الإرهاب مع انقضائها وهذا غير صحيح. مبدئيا لسنا أمام عدو منظم يمكن محاورته والتفاهم معه، أو إزالة جذور الاستياء الدينية والسياسية التي يمكن أن تُصبح يوماً مصدراً للعُنف، ولكننا أمام عدو لا عقلاني أعمى، لا ينتظر حوار ولا يعمل على التقريب، بل كل ما في وسعه هو الهدم تطبيقاً لنظريته في الحياة ، فهو يمارس العنف من أجل العنف اعتقاداً بأنه جهاداً شرعياً واجبا، وليس لمجرد أن يعمل في السياسة هذا تصور خاطئ ابتُلينا به جميعاً ، أن قبول الآخر أشمل وأعم من التسامح، وأن العدل يخرج من بين رحابه ، وهو يقضي تماماً على أي استغلال أو نزع لحقوق الآخرين، ويحمي مقومات المجتمع ومؤسسات الدولة ويجعلها رهينة لذلك المبدأ أيما تحقق نكون قد حققنا الدولة والمجتمع معاً. من جانب آخر تعمل بعض الدول في مواجهة الإرهاب بسياسة القمع الآني أو الفوري دون النظر لقواعد هذا الإرهاب الفكرية، وبما أن الغرب هو أول من عانى من هذه الظاهرة حديثاً فقد وضع الإسلام بالكامل موضع التهمة، ولم يُكلّف نفسه في البحث عن المصدر الحقيقي أو إسقاط معايير الإرهابيين ومقارنتها بالثقافة العامة للمسلمين، يجب أولاً وضع تعاريف جديدة للكُفر والإيمان، يجب أن يتم تعريف الجهاد ليس بسياقاته كما هو أسلوب المُنظّرين، بل يجب تعريف الجهاد مُجرداً من أي سياق بل ومن أي قيمة مُلازِمة، يجب إعادة النظر في المرويات الحديثية فهي أصل البلاء، .منذ مدة في سوريا نشرت جماعة معارضة ومقاتلة للرئيس السوري بشار الأسد بياناً حول رؤيتهم الشرعية لمسألة قطع رؤوس الأعداء وتصوير ذلك تلفزيونياً، ووصلت إلى نتيجة مفادها أن قطع الرؤوس كان سمة سلف المسلمين من أهل الشام، واستدلوا على ذلك بحديث في السُنن يفتخر بهذا الأسلوب وتكريم أهله ، تلك هي المصيبة أنه وبحديث واحد في كتب التراث يجري قطع الرؤوس، وربما يكون حديثاً ضعيفاً أو مكذوباً، او من الإسرائيليات ولكن أنظروا إلى المبدأ هم يقطعون الرؤوس بناءً على مرويات تاريخية يُقلدون فيها سلفهم، وليس بالبحث في المصدر الأول للدين وهو القرآن، أو إعمال العقل ، بينما لو حدثت مراجعة وتجفيف منابع هذا الفكر وتفنيده من خلال نشر المفاهيم الإنسانية للدين الإسلامي ومحاربة المغالين والمنتفعين من نشر الفكر التكفيري الذي لايمت للإسلام بصلة سوف نكشف للعام والمخدوعين والمغرر بهم حقيقة هؤلاء ونواياهم التي تخدم أعداء الإسلام والمسلمين ..
مقالات اخرى للكاتب