بغداد هذه المدينة الجميلة ابنة التاريخ العريق وعاصمة الدنيا التي تغنى فيها الشعراء وكتب عنها الرحالة والمستشرقون..عندما تمر في أزقتها ترى عبق الماضي المجيد.. فوقك ينشد لها الشاعرعلي بن الجهم لرصافتها وكرخها وعيون المها حين تمروهي تحمل سر جمالها المهيب ومثل هذه المدن لن تموت أو يخفت مجدها وعلمها..واجمل وصف لها حين قال عنها الشاعر نزار قباني
مد بساطك واملئي اكوابي
وانس العتاب فقد نسيت عتابي
عيناك يا بغداد منذ طفولتي
شمسان ناعمتان في اهدابي
الى أن يكمل قوله:
ماذا ساكتب عنك يا فيروزتي
هواك لا يكفيه الف كتاب
ونحن في ذكرها مهما قلنا وكتبنا سيظل الكثير من تميزها لم يذكر..هي من يكتب لها التاريخ بلا توقف وتوصف بلا تشبيه لامدينة مثلها هي خلاصة مدن التاريخ..
مررت اليوم في جولة حرة لأراى الحياة كيف تسير..ومع أن وجوه اهلها كلها رحمة وعطف وانسانية ..ألا اني شاهدت حزنا ممتمدا في اعماقهم يعاتب اهل الارض لمَ هكذا يكون الثواب لهذه المدينة التي منحتكم الثقافة والعلم والحضارة..
وأشد الالم حين ترى أعرق واقدم شوارعها وقد حل فيه الاهمال ويبدو متعمدا..شارع الرشيد ونفق الرصافي الذي اصبح مكانا للمياه الاسنة وبقايا فضلات المخمورين ..
ثم نفق ساحة التحرير الذي تم بنائه بشكل جمالي مدور يشبة دوران مدينة بغداد مقفل ومهمل وممتلئ بالنفايات وبقايا قناني المشروبات الكحولية والغازية ..وهكذا انفاق شارع السعدون الذي كان يضرب فيهم المثل لحيوتهما والتي كانت تعج بالحياة والجمال من قاعات عرض الازياء وحتى الفنون التشكيلية ..لكن وكانه هناك عدو يتربص على ان لا تتطوروتعود بغداد وانفاقها بشكل اجمل وافضل واحسن.. ودعونا من تصريحات الامين الساخرة وتعليقات البعض عليها لكن فعلا اهمال مقصود ومبرمج.ضد بغداد واهلها وتأريخها.
وهذا الاهمال ذكرني بالنفق المعتم الذي تمر بها وزارة الثقافة العراقية ..حيث لاضوء لا في أول النفق أو اخره..وكمتابع للنشاط الثقافي اسأل واقرأ واناشد اصدقائي أن يعلموني عن أي نشاط ثقافي تقوم به هذه الوزارة العتيقة لكن دون جدوى سوى بعض الاحتفالات التكريمية الشكلية لفلان وفلانة. وحسب العلاقات او قربه من المسؤولين...
واقول لولا فسحة الثقافة في شارع المتنبي لماتت الثقافة في العراق عامة وبغداد خاصة وايضا الفضل لبعض القاعات والتجمعات الثقافية الخاصة كقاعة حوار وغيرها من البيوتات الثقافية البغدادية....ولكن ألى متى هذا الاهمال والتهميش لأهم المرافق الثقافية..وهي وزارة الثقافة التي اصبح عملها فضائي بأمتياز..
ومتى سنرى النور في انفاق بغداد التي انشئت في ثمانينيات القرن الماضي والتي اصبحت وللاسف محطات للقمامة وبقايا مجاري الفضلات والمتسكعين..
متى ستنار أروقة وقاعات ومسارح ودور السينما وبيت الحكمة وتعود للصدور المجلات الثقافية الرصينة والهادفة
ونحرج بغداد والثقافة من قمم الانفاق المعتمة
مقالات اخرى للكاتب