شبه البغادة قديما وهم أصحاب نكتة وفكاهة للتهكم على إطلاق صوت عال في محيط ملئ بالصخب كسوق الصفافير حيث أصوات الطرق على الصفر و النحاس تصم الآذان ، حتى أن المار في السوق ليس بوسعه سماع صوته " ضرطة بسوق الصفافير " ولست مضطرا للإعتذار عن المفردة الخادشة للحياء كونها وردت في موسوعة الأمثال البغدادية للحنفي والتكريتي بهذا اللفظ وهو مثل أشهر عراقيا من الرئيس الأميركي ،باراك اوباما - في آخر خطاب له ، قال اني افكر يوميا بالأنتحار من اعلى برج في شيكاغو حزنا على ضحايا الحرب السورية ..خطية ، الله يعينك ، شكد حنين ، صدق لقد بكيت من... الضحك !! ، وشاهد المثل ، ان لاداعي للحرج من إطلاق صوت مخجل سيضيع حتما بين الأصوات العالية ، تماما كضياع العلماء بين الجهال وضياع الحكماء بين السفهاء وضياع المصلحين بين المفسدين في بلادي ، فإذا كنت مصابا بإنتفاخ معوي نتيجة تناول الدجاج المستورد المضروب أو اللحم المعفن المعطوب وكنت مارا بسوق الصفافير ، فأطلق لها الريح لاخوف ولاخجل !!
اليوم الحديث بات منصبا من الصباح وحتى المساء على حكومة" تكنو قراط " ستأخذ بأيدي العراقيين الى بر الآمان وستنقذ اقتصادهم المنهار وتحل أزماتهم السياسية والأمنية المتفاقمة وتبيض الأموال - عفوا - الأحوال وتنقلهم من حال الى أفضل حال ، هكذا يروج للمنقذ المنتظر - التنك قراط - ليل نهار فيما يرى المراقبون للشأن العراقي وان كان المراقبون مصطلح غير مستساغ لكثير من رؤساء التحرير كونه يعبر عن وجهة نظر محرر الخبر - إذ لا مراقب هناك ولاهم يحزنون - ان ، حكومة تكنوقراط سياسية لاتختلف عن محاصصة طائفية واثنية - يعني خوجه علي ملا علي - ولن يزوقها مصطلح "توافقية " لكونها محاصصة بمسمى آخر والعبرة في المضامين لافي العناوين وفي المعاني لافي المباني ويبقى الحل الأمثل في الوقت الحالي في حكومة تكنوقراط مستقلة او حكومة النخبة الأكاديمية التقنية المستقلة كما تعرفها القواميس السياسية ، اما أن اقيل وزيرا فاسدا من كتلة ما غارقة بالإختلاس والتزوير والسرقة وآتي بوزير من نفس الكتلة، كان رفيقا للوزير المقال وكاتما لأسراره ومطلعا على سرقاته وبمثابة ذراعه اليمنى في السراء والضراء، فهذا لعمري وكما قال البغادة بعد الرتوش " صرخة في سوق الصفافير " حتى لايزعل علينا احد .
والسؤال هنا هو ماذا بإمكانها ان تفعل - حكومة التنكوقراط - السياسية وليس التكنوقراط المستقلة في حال الأتفاق على أصنامها الجدد المولدين من رحم الأصنام المخضرمة ؟ هل ستعيد أموال العراق المسروقة في بنوك اوربا وأميركا ودول الجوار الإقليمي ؟ الجواب مستحيل ...هل ستمنع الوزراء الفاسدين وعوائلهم من مغادرة العراق فضلا عن تهريب الأموال المسروقة لحين التحقيق معهم وإحالتهم الى المحاكم المختصة لينالوا جزاءهم العادل في الدنيا قبل الآخرة ؟ الجواب كلا ..هل ستعمل على إعادة تأهيل المصانع العراقية وإيقاف إستيراد المنتجات الأجنبية أو فرض رسوم جمركية عالية عليها ؟ مووووعيب .. هل ستعمل على كشف الآف الفضائيين في مؤسسات الدولة ممن يكلفون العراق 600 مليون دولار سنويا كما صرح زيباري لصجيفة الغارديان فقط في صفوف الأجهزة الأمنية والقوات الساندة لها ، على حد وصفه ؟ ما أصدك ..هل ستعيد النازحين الى مناطقهم الأصلية بعد تعمير محافظاتهم التي تحولت الى ركام ، بل قل هل ستعيدهم أصلا كما الى مناطق شمالي بابل وديالى وجنوب غربي بغداد ؟ يا إعمار يابطيخ ، اذا كانت موازنة 2016 تعاني من عجز فاق 29 ترليون دينار بما يعادل 25 مليار دولار ...هل ستشغل حكومة- التنكو قراط السياسية - العاطلين ، ستقضي على الأمية الأبجدية والتقنية ، ستحسن الواقع الصحي المتردي ، الواقع التعليمي المتهالك ، الواقع الزراعي المتفسخ ، ستعمل على اطلاق سراح المعتقلين المظلومين ممن لم تثبت إدانتهم بعد اعتقالهم بوشاية المخبر السري الكيدية ؟، هل ستصلح القضاء ، هل ستفعل النزاهة هل ستعيد الآثار المسروقة ؟ لا لن تفعل شيئا من ذلك وليس بإمكانها ان تفعل ، فلماذا الترويج للخلاص - تنك قراطيا - عبر وسائل الإعلام اذن مادامت ريمة باقية والى الأبد على عادتها القديمة ؟ الجواب لإلهاء العراقيين بضعة شهور مقبلة بخلاص وهمي وابوك الله يرحمه بدلا من التظاهرات المطالبة بالتغيير والإصلاح . أودعناكم اغاتي
مقالات اخرى للكاتب