في تجوالي الحثيث على مختلف دوائر الدولة العراقية ومرافقها لسبب او لاخر تواجهني في اليوم الواحد عشرات المواقف الايجابية والسلبية، منها ما يبعث الامل ومنها ما يدعو للتشاؤم ... منها ما يجعلني استشيط غضبا ومنها ما يدعوني للتفاؤل بوجود الحريصين على مصير هذا البلد وممن يسهرون من اجل راحة المواطن. اشاهد انا وغيري كثيرا من المواقف. ومع اني لست ميالا الى اختزال جهود مؤسسات الدولة بموقف سلبي او ايجابي هنا او هناك لكن بعض ما يحصل لا يمكن السكوت عنه بأي حال من الاحوال مهما كان الاستنتاج السلبي الذي يتركه عند المتابع والقاريء. من تلك المواقف التي لا يمكن ان انساها على الاطلاق ما صادفني قبل ايام حينما كنت في احدى المستشفيات الحكومية وشاهدت ابا اتى بولده الذي كسرت يده ويتلوى من الالم وهو في وضع ماساوي. الموظف الذي يقف وراء الشباك في مدخل المستشفى صدم الاب بان "الباصات" بطاقات الدخول نفذت وعليه يجب ان يعود الى بيته ويجلب الولد يوم غد! ابتسم الاب مصدوما ومندهشا مما يقوله الموظف المسؤول عن صرف البطاقات. وسأله يائسا ما الحل ؟! اجابه ان المدير وحده مخوّل بصرف مبالغ البطاقات وعليه مراجعة المدير ثم الانتظار من اجل استكمال سلسلة من الاجراءات حتى تتوفر اوراق البطاقات! إبتسم الرجل مشفقا على نفسه وعلى حال المستشفى واطلق صيحة مدوّية جعلت الكثيرين يتجهون اليه مستفهمين عن سبب ذلك الصخب .ومن محاسن الصدف ان من جملة من قدموا اليه قريب له كفاه شرّ نقص البطاقات وازمة الباصات وقصص الروتين الحزينة التي يمكن ان يتحملها المواطن الا فيما يتعلق بالصحة والسلامة فليس ثمة مجال للمماطلة واللف والدوران. المحاصصة الاجتماعية كفت الولد شر بلية وطامة كبرى تدعو للضحك.. فيا احبتنا في وزارة الصحة ماذا لو كان ذلك المريض مواطنا لا يملك حولا ولا قوة وليس له من يسنده في المستشفى هل ينتظر الى الغد ؟! هل يتحمل الطفل مجبرا الم يده المكسورة بسبب فوضى ادارية لا يتحمل ذلك الطفل البريء ايّ مسؤولية فيها ؟! أيعقل ذلك والميزانية اصبحت اكثر انفجارية مما سبق ؟! نعم هذا ما شاهدته انا وما سمعته عن حوادث مشابهة شيء كثير، خصوصا عمّن تجرى لهم عمليات جراحية بلا تخدير! فهل ذلك مقبول يا وزير الصحة ؟؟؟!!!
مقالات اخرى للكاتب