أيام قليلة ويحسم السباق الانتخابي للفوز بمقاعد مجالس المحافظات لتبدأ دورة أخرى محملة بشتى الآمال والأماني المختلفة، فما الذي تعلمناه من الدورات السابقة؟، وهل اكتسبنا وعياً يجعلنا رقماً صعباً في تحديد مسار العملية الانتخابية كما هو مرجو لنا، أم اننا مازلنا داخل أسوار التشكي والبكائيات المتوارثة؟، لا سيما ان اغلب الأحزاب والكيانات السياسية، الكبيرة منها خاصة، لم تفعل شيئاً للخروج من أطر اللامبالاة التي وسمت تعاملها مع هموم ومتطلبات الواقع، ومازالت تراهن بشدة على (المناطقية – العشائرية – الطائفية) بالرغم من اخفاق جميع شعاراتها السابقة، ولم تحقق أدنى ما تتمناه أية فئة من المجتمع. وهاهي تعود اليها الآن في حملاتها الانتخابية كماركة تجارية مسجلة لا تعرف غيرها، فمن أجل البقاء في السلطة يجب أن يبقى الناس في الوضع الذي هم فيه، ما جعل مفهوماً كالوطنية - وهو ما يجب أن يفرض كأساس للتعامل- مفهوماً غريباً وبارداً في الوقت ذاته، إن لم يكن إشكالاً آخر يندرج ضمن الإشكالات المتوالدة يوماً بعد آخر.. في خضم واقعنا السياسي والاجتماعي، والذي بات لا يستحق التضحيات المقدمة من قبل أفراد المجتمع وبالطبع ستجتهد غالبية الطبقات المهمشة كثيراً لكي تصل إلى أقل توازن مع الواقع المعاش. والأمر برمته يُفسر كذلك مدى إساءتنا للديمقراطية.
وكأننا ننتج مفاهيم وتصورات أخرى للديمقراطية، وبالطبع هي تصورات مشوهة ومجهولة لدى المجتمعات المتحضرة، وإلا ما معنى ما يحدث من تفسخ للعديد من القيم الاعتبارية مجتمعياً أمام الإدعاء بتطبيق مفاهيم الديمقراطية؟.
وهنا يتجلى أحد الأسباب الكثيرة، التي سمحت للعديد من أدعياء الفكر والنضال إلى الترشح إلى كرسي مجالس المحافظات أو كرسي البرلمان، وان كان هذا الحق مكفولا دستورياً لأي فرد على شرط فعاليته وإسهامه في خدمة مجتمعه قبل الترشح، كما تؤكد عليه الدساتير والمجتمعات المتحضرة، لا أن يكون ولاؤه للحزب والكيان أملاً في تمكنه من الامتيازات المعنوية والعوائد المالية للمنصب وهذا ما يفعله وسيفعله الأغلب من النواب وأعضاء مجالس المحافظات.
وليتهم اطلعوا قبل ذلك على السيرة السياسية لحاكم (كارليفونيا) الممثل (أرنولد شوارزينيغر) إذ أصر على استعمال طائرته وسياراته الخاصة في عمله الرسمي، ورفض أن يتقاضى الراتب والمخصصات المالية لقاء منصبه (حاكماً لولاية كاليفورنيا لمدة دورتين أي ثماني سنوات) مفتخراً بأن ما يقدمه خدمة مجانية للمجتمع الأميركي، وهو النمساوي الأصل – الأميركي الجنسية.فمتى نتعلم كالآخرين أن نخدم وطننا، أم أنه وطن آخر تشيده الأغاني والأناشيد ليس إلا؟.
مقالات اخرى للكاتب