اصبح تسقيط المنافسين أحد مقومات الحملة الانتخابية لبعض الكتل السياسية التي تخشى المستقبل ، ويبدو التسقيط امرا مخجلا لأن القائمين به سيأتون يوما طالبين ممن سقطوه ان يشاركهم في تشكيل الحكومة ، ولا يسألون انفسهم : اذا كان هذا المنافس سيئا فكيف نجعل منه شريكا ؟ اذن اما ان يكون بريئا مما الصقنا به من تهم فنكون من المفترين ، واما ان يكون سيئا بالفعل فنجعله شريكا معترفين بأننا سيئون مثله ، ان عملية التسقيط تتطلب عدة انواع من الترويج اهمها :
1- تناول الاخطاء العادية عند الطرف الآخر وتهويلها بالتكرار والتحليل والتفسير المغرض وتحميل الموضوعات الصغيرة معاني كبيرة .
2- اختلاق الاخبار التي لا اساس لها من الصحة والنسج حولها وادخالها الى دائرة التحليل واختلاق التداعيات وتحويلها الى ملف مفتوح او موجة متواصلة .
3- تزوير الحقائق باستعراض اخبار او ظواهر عن الخصم مع حذف بعض نص الخبر او المعلومة واضافة فقرة مختلقة فيكون الخبر او المعلومة صحيحا في مقدمته ولكنه يتضمن الكذب والافتراء في متنه او خاتمته ليؤدي غرض التسقيط .
4- تجاهل المنافس وعدم ذكر اخباره ومنجزاته والتعتيم على حركته ونشاطه اليومي وكأنه غير موجود .
5- اعادة تعريف المنافس على انه عدو خطير وتقديم معلومات كاذبة تدعم هذه الادعاءات ، وتتضمن عملية التسقيط خلطة معقدة من الاجراءات التي هي محرمة شرعا وبعضها مخالف لاصول مهنة الاعلام كالحياد والمصداقية والصدق والموضوعية . وفي هذا السياق تعرضت كتلة المواطن الى حملة تسقيط في الايام الاخيرة تناولت ثلاثة محاور :
1- تسقيط القيادة . 2- تسقيط المنهج . 3- تسقيط الاعضاء والقيادات والتنظيمات . واثيرت حولها الكثير من الاكاذيب ، وتم تشغيل جميع محاور الترويج المذكورة اعلاه ، ولكن اغرب ما تعرضت له الكتلة من تسقيط هو الترويج بأنها تحالفت مع كتلة (متحدون) لتشكيل الحكومة المقبلة !! وهذا ترويج واضح البطلان ولا ينطلي الا على الاميين الذين لا يعرفون شؤون الانتخابات والسياسة ، فالمعروف ان تحالفات تشكيل الحكومة تأتي بعد الانتخابات وليس قبلها ، فيتكون تحالف نيابي يسعى لتوفير اغلبية ، ولا يمكن ان يجري ذلك الا بعد معرفة نتائج الانتخابات ومعرفة عدد مقاعد كل كتلة وان كان هناك اتفاق في البرامج المستقبلية ام لا ، ولا يمكن بأي حال عقد اي اتفاقات قبل الانتخابات . وهذا مثال واحد ، وقد بنى المروجون هذه الفرية على تصريحات سابقة لرئيس الكتلة وبعض قيادييها حول مفهوم الاغلبية السياسية وكيف يتحقق حاليا ، وكون الاغلبية يجب ان تكون بمشاركة المكونات على اساس الاصلح فالاصلح وليس لاي اعتبار آخر ، عملية التسقيط قامت بتحريف هذه الرؤية مستغلة بساطة الناس فقيل ان المجلس الاعلى يتحالف مع متحدون ! والمشكلة هنا الايحاء للرأي العام بأن متحدون جهة معادية مع انهم الشريك الاكبر في الحكومة والبرلمان و لديهم 90 مقعدا في البرلمان وحوالي 7 وزارات ومنهم احد الرؤساء الثلاثة وهو رئيس البرلمان ! ويمثلون مكونا اجتماعيا مهما في العراق ، وجميع الاطراف كانت تتسابق للتحالف معهم ، وهو امر صحيح فالتحالفات تجري بين الاطراف الوطنية الشرعية ذات الوجود الدستوري والقانوني ... خلاصة القول ان الدعاية الانتخابية درس اخلاقي للجميع ومن يستخدمون التسقيط لا يمكن ان يكونوا قوما صالحين ، ولا يمكنهم ان يطلبوا السلطة لاهداف نبيلة .