لفت أنتباهي في الايام الاخيرة التحرك الانيق الذي قام به عدد من الشباب الواعي المثقف في الناصرية وذلك عقب التفجيرات الارهابية التي حصلت في محافظتهم وصفة الانيق تنطبق على تحركهم لانه وبعد تأكدي من ذلك لم يضم أي تيار سياسي ولاحزب من الاحزاب الموجودة في الساحة السياسية ولن يستطيع احد أن يتهم الشباب والمتظاهرين بأنهم بعثيين لانهم معروفين في المحافظة بانهم ليسوا كذلك والاناقة في تحركهم تجلت في الشعارات التي أطلقوها وهي شعارات بعيدة عن الطائفية ومطالبهم هي مطالب تخص مدينتهم أولا وتخص العراقيون جميعا من زاخو للفاو لم يقولوا اننا نريد أن نسقط النظام بل قالوا اننا نريد ان تنخلص من البوابات التي تحبسهم داخل مدينتهم وطالبوا بأقالة قائد الشرطة الفاشل اضافة الى المطالب الاخرى الخدمية والتي تهم جميع العراقيين وهولاء الشباب لم يطلقوا شعارا طائفيا واحدا ولم يطلبوا أن تكون محافظتهم أقليما وانما المطلب الاهم كان يتلخص في كلمة واحدة وهي التغيير نعم ايها السادة فهولاء طلبوا تغيير النهج الذي يقود محافظتهم وتغيير النهج عند درس الحالة الموجودة في العراق ينعكس على تغيير النهج للحكومة المركزية الموجودة في بغداد وهذا يعني حتما ان الفشل قد أحس به الجميع ولكن قد يقول قائل وماأهمية خروج تظاهرة في الناصرية على الواقع العراقي؟ وانا هنا أجيبه أن الناصرية بما قامت به هو عملية بداية أنشاء تيار فكري وسياسي جديد يعرف أن العراق لايتحمل أن يكون دولة يتحكم بها أشخاص رشحتهم أحزاب دينية وهولاء الاشخاص لايتمتعون بالحد الادنى من معيار المسؤولية التي أوكلت لهم هولاء الشباب خرجوا ليقولوا كفى فقد مللنا الكذب وسياسة التخدير وسياسة سوف نعمل وسوف نقوم خرجوا ليقولوا كفى لمن اتى من الخارج وهو لم يعش معاناتنا مع الحصار وأيام التجويع والقهر خرجوا ليقوا أننا لسنا طائفيين واننا نريد عراقا الجميع فيه سواسية لاان يكون المواطن المتحزب مع الحزب الحاكم مواطن درجة أولى والاخرون مهمشون ومحرومون حتى من حق العمل في دوائر الدولة لانهم ليسوا مقربين من أحزاب السلطة والاهم أنهم سيثبتون للعراقيين أنهم غيروا واقع مدينتهم بتظاهراتهم وأعتصاماتهم وهو واقع سيفرضوه حتما على واقع مدينة الناصرية وسيجعل المحافظات الاخرى تحذو حذوهم وهاهي البصرة تعتصم وتطلب من الوفد الذي أتى للاجتماع بالمعتصمين أن يكون طرح مشاكلهم على مجلس المحافظة في أجتماع يعقد في مكان الاعتصام أي في الهواء الطلق تحت الحر القائظ الذي يعاني منه الشعب العراقي جميعا وهذا كله سيتجلى في تحركات مقبلة لبقية المحافظات والمهم والاهم في هذا كله أننا حصلنا على توقع مبدئي بالتغيير من قبل شباب المحافظات الجنوبية والتغيير سيأتي عبر صناديق الاقتراع والواضح فيها ان من يمني نفسه بخداع الناخبين بطرق دعائية مختلفة من انه حامي المذهب أو انا وليس غيري وغيرها من الاشياء التي ماعادت تنطلي على العراقيين نعم أيها السادة التغيير قادم ليكون عبرة لمن لايعطي اهمية لارتفاع مستوى التفكير عند الشعب العراقي فما حصل قبل ثمانية سنوات لن يحصل في الانتخابات المقبلة وستتكون كتلة وسطية تضم أشخاصا وطنيين لاطائفيين يجمعهم حب العراق وهي كتلة ستكون بيضة القبان في الحكومة المقبلة وانا من الناس الذين عندما شاهدت الشعب المصري يخرج ويسقط مرسي بتظاهراته قلت العراقيون شعب ميت وليس شعبا حيا كبقية شعوب الارض ومن يجد أني ابالغ في كلامي فانا اطلب منه الانتظار قليلا ليجد أنعكاسات تحرك الناصرية على المحافظات وعلى الواقع السياسي العراقي نعم أنه زمن التغيير وزمن عودة الوعي وزمن عودة الروح العراقية الوثابة التي أفتقدناها منذ زمن بعيد أنه زمن الخروج من الانجماد الذي كنا فيه أنه زمن الخروج من التقوقع والتخندق الطائفي أنه زمن عرف فيه العراقيون أن الوعود والكلام المعسول لايكفيهم وأنما زمن الذين يريدون أفعالا وتحية مفعمة بالحب والاحترام للناصرية وشبابها وشيوخها الذين أثبتوا أن مدينتهم التي خرج منها كبار مثقفينا واطبائنا وشعرائنا وفنانينا هي نفسها التي أنتفضت لاخذ حقوقها وانها هي الناصرية التي قاومت الانكليز في ثورة العشرين وحيا الله الناصرية وأهلها الكرام .
مقالات اخرى للكاتب