ما هذا الذي يحدث في هذا الحي البغدادي الاصيل ؟ ما الذي ألـَم بأهل الكرادة الكرماء ؟ لماذا هذا التامر على زهرة بغداد المتفتحة دائما وابدا ؟ من عرف الكرادة جيدا , لم يألفها بهذا الشكل : قطع قماش سوداء وبيضاء كتب عليها (عشائر الكرادة لن تسمح بالممارسات المنافية للشريعة الاسلامية او التجاوز على الاداب العامة والاعراف الاجتماعية) الى جانب كتابات اخرى تتوعد اصحاب المحال التجارية الذين يشاهدون قنوات فضائية معينة , وتهدد من يقوم بفك تشفير القنوات حتى الرياضية منها , كون غالبية الشباب مولع بمتابعة مباريات الدوري الاسباني , وانا منهم , ومن شدة الولع اصبح هذا الشاب يلقب بالريالي , وذاك بالبرشلوني . وختمت جميع تلك اللافتات المحذرة ب(عشائر اهالي الكرادة و شباب الكرادة) لعمري انه تجني على الكرادة واهلها , فهي (الكرادة) والجميع يعلم انها من احياء بغداد الراقية , التي لاتمتلك هوية قبلية او عشارية , ويقطنها عدد ليس بالقليل من اتباع الديانة المسيحية , فاهلها باقة من كل الاطياف والمكونات العراقية تعايشوا منذ زمن بامان وسلام , جوامعها جوارت كنائسها , كما انها منطقة بهوية مدنية , ويتميز شبابها وشاباتها بمواكبة اخر صيحات الموضة , سواء في طريقة العيش او الملبس او تسريحات الشعر , فهل يعقل ان تتحول هذه الشبيبة بليلة وضحاها الى عناصر متشددة تخنق الحريات العامة , وتعلق لافتات تحذر من خرق الاعراف الاجتماعية ؟ ! لا اعلم بالتحديد من اين جاءت هذه العشائر (الدخيلة) وهؤلاء الشباب (المنفعل) لتروع الاهالي وتهدد سلمهم الاهلي وتعكر صفو تعايشهم السلمي , عبر حملة غير مسبوقة , وباسناد من جهات سياسية وامنية , تستهدف اماكن الترويح وقضاء الاوقات(المقاهي) بعدما اتسع وقت الشباب , اثر تفشي البطالة بين صفوف الخريجين وسواهم , ذكور واناث , ليجدوا انفسهم بين فكي العوز ووقت الفراغ , فبدلا من احتضان هذه الطاقات والبحث عن معالجات فورية وانية لمشاكلهم , نرى فوهات بنادق المنافقين تتجه صوب صدورهم لترديهم قتلى من دون وجه حق , بذريعة صون الاسلام والحفاظ على الادب العام , وكأن الاسلام اجاز لهم قتل الابرياء بحجة مخالفة التقاليد , او حثهم على سفك الدماء اذا خرقت الاعراف المجتمعية . كل هذا ياتي تزامنا مع الضربات الارهابية البشعة التي تطال الكرادة بين فينة واخرى . ان الكرادة اليوم بين نارين , نار الارهاب الاعمى , ونار التعصب والتخلف . فالاثنان لايريدان للعراق ولبغداد وللكرادة الخير , ستبقى الكرادة , وبرغم حزنها , وجها من وجوه بغداد المشرقة , المفعمة بالرقي والحياة , فلن يحجب نقابا اسودا جمالها والقها , ولن تكون يوما قندهااااار
مقالات اخرى للكاتب