عندما تتداخل الأدوات في الحراك السياسي محولة إياه الى صراع شرس بكل الوسائل، وعندما تتحرك معها على الأرض وقائع تكون في الاغلب من جسم تلك الأداة أو هذه الوسيلة..وتُجمع في النهاية على هدف تتقاطع فيه مختلف الجبهات مهما تعددت غاياتها. فلا يمكن وصف ما يحدث إلا بأنه "الحرب"..
وهي حرب لم تطلق الجهات المتحاربة نفير إنذارها..لكنها أكدت حضورها المعلن منه والمخفي.. تتخذ أشكالاً ونماذج متباينة، وتتعدد جبهاتها..
وقد يكون وصفها بالحرب مثيراً لإعتراضات كثيرة...أما خوفا ورعبا من التسمية، أو بحكم أن عوامل هذا التوصيف بشكله التقليدي لم تتوفر بالقدر الكافي...لكن بالنتيجة وفي جوهرها هي "الحرب"، قبلنا بها أم اعترضنا عليها..وفي التاريخ أن حرب داحس والغبراء لم تسم بهذا الإسم إلا بعد إنتهائها بزمن طويل..!..
في الشكل اتخذت التمويه في شعاراتها وسيلة للتستر على المخفي من ممارساتها، وأتخذت مضامين فضفاضة سعيا لتمرير ما تود تمريره بعملية خلط متعمدة..وفي جوهرها حاولت أن توقظ السعار كل ما استطاعت، ولم تترك مساراً أو مجالاً إلا حاولت أن تصدّره على أنه أحد جوانب المعضلة.
يؤكد ذلك ما جرى قبل وبعد إنتخابات مجالس المحافظات من عمليات الاصطفاف السياسي، تلك التي برزت تباعاً بدلت في تراتبية حضورها، وكانت في كل مرحلة تبدي شكلاً مغايراً عما سبقها،في لعبة فجة ليس هدفها خدمة الشعب، بل أن الهدف شديد الصغر الى حد إنغلاقه على الذات، مثلما حصل بترحال بعض الفائزين من قائمة الى أخرى مرتين في اليوم والليلة، حتى استوطنت بعض النماذج ودفعت نحو مسار محدد لم تتجاوزه.
في المشهد أيضا تدور حرب فرضتها قوة سياسية نكوصية شاركتنا مستقبلنا ولم نخترها بإرادتنا..لكنها كانت في التوقيت والطريقة هي ذاتها المعلنة منذ عقود.. الفارق اليوم أنها تخلت عن ورقة التوت الأخيرة التي تخفي غاياتها.. لتكون بهذه الصفاقة السياسية غير المعهودة، والأمر ذاته ينسحب على الأدوات التي بدت في كثير من الأحيان محرجة في الإفصاح عن نفسها، لتعلن ماهو خارج الحرج..بل ما هو غير مباح أو مسموح به.
كلام قبل السلام: إن الذين استطاعوا تقليد الثعلب بمهارة حققوا أفضل نجاح. ولكن لا بد أن تكون قادرا على إخفاء هذه الصفة بمهارة، وتستطيع التمويه والخداع(ميكافيلي)..
سلام....
مقالات اخرى للكاتب