وهي إبنة معروف البرزنجي من سلالة الشيخ أحمد، و إبنة عم محمود ملك كوردستان ، و زوجة الشيخ قادر حفيد، من مواليد سنة 1891، و كان محل ولادتها في مدينة السليمانية،وهي سيدة كوردية مشهورة، بعطائها و ثقافتها و مساندتها الفعالة لنساء كوردستان. و عرفت بإسم حبسة النقيب، وذلك نسبة إلى والدها معروف البرزنجي الذي كان آنذاك " نقيباً"، وقد حصل على هذه الرتبة من قبل الدولة العثمانية حيث كان ممثلاً لسادات شيخان. نشأتها:
ونشأت السيدة حبسة من بين عائلة عرفت بإخلاصها للكورد، وتربت تربية دينية و علمية، حيث أصبحت بعد ذلك واحدة من أهم نساء كوردستان، وكانت إمرأة محبة للخير و طيبة القلب و ذات نفسية طاهرة، وكانت تمتلك مكاناً خاصاً بها حيث كان ملجأً للنساء اللواتي يتعرضن للظلم و القسوة في مدينة السليمانية و ضواحيها، وقدمت في أغلب الأحيان إلى جانب حل مشاكلهم مساعدات مالية لهم، وبهذا إستطاعت أن تنال مكانة إجتماعية بارزة من بين باقي نساء عصرها ... وبعدها تحول بيتها إلى مركز كوردي إجتماعي، تعلم فيها النساء الخلق الرفيع في المجتمع، إضافة إلى إحياء المشاعر الوطنية لكل من يلجأ إليها،وكان هذا سبب من أسباب شهرتها في أرجاء كوردستان. في حين تنشغل النساء الأخريات بالتحدث عن الملابس والموديلات النسائية، كانت السيدة حبسة تتناول من خلال أحاديثها مع باقي النساء الحقوق الوطنية الكوردية و تحقيق الحرية للشعب الكوردي.
وبدعوة من السيدة حبسة أستقبلت نساء السليمانية، الشخصية الكوردية السيد سمكو شكاك، إستقبالاً حاراً حال وصله آنذاك إلى مدينة السليمانية في سنة 1923. تأسست أول جمعية نسوية في 28/6/1930، تحت أسم ( جمعية نساء الكورد) بإشراف مباشر من السيدة حبسة النقيب، وتولت منصب السكرتارية السيدة حبسة عيرفان زوجة جميل صائب، و أعتبرت هذه الجمعية أولى جمعية نسائية تدافع عن حقوق المرأة في البدايات الأولى من القرن الماضي على مستوى الشرق الأوسط بأكمله.
وعندما تأسست جمهورية كردستان في مهابات 22/1/1946م, برئاسة القائد القاضي محمد , قدمت السيدة حبسه النقيب دعما مادياً بكل ما ملكت لمساعدة هذه الجمهوريه العزيزة وبالمقابل نالت شكر وتقدير من قبل القائد القاضي محمد .
نضالها:
وكان لها دور بارز في انتشار العلم والتعليم بين صفوف نساء الكورد, وقامت بتأسيس مدرسة لتعليم النساء الكرد داخل أحد بيوتها التي وهبته من اجل القضاء على الجهل والتخلف أنذاك , حيث كانت تباشر الدراسة فيها في المساء , وكانت حبسه خان أحد طلاب هذه المدرسة وأنسبت هذه المدرسة بعد ذلك الى وزارة التربية . وكانت محل فخر وتقدير من قبل كافة أطياف الشعب الكردي.
ولم تقتصر على تقديم المساعدات للاعمال الخيرية فقط بل أن النضال القومي شغلت ايضا اهتمامها كثيراً , اذ انها وقفت موقفاً نضالياً مشرفاً من انتفاضات ابن عمها الشيخ محمود الحفيد و تعرضت مع زوجها الشيخ قادر الحفيد (ابن عمها) و اقاربها الى الكثير من المعاناة و المصاعب جراء الاخفاقات التي تعرض لها الشيخ محمود ولاسيما في اعقاب انتكاسة انتفاضته الاولى و اسره ثم نفيه الى الهند انذاك حيث عانت حفسه خان و اسوة باقارب الشيخ الحفيد و مقربيه من ظروف التشرد و ضنك العيش داخل الحدود الايرانية رغم الالتفاتة الودية التي
خصها بهم هناك المخلصون الغيارى من رجال العشائر الكوردية الايرانية. كما وجهت حفسه خان رسائل و نداءات عدة الى احرار العالم للوقوف مع حقوق و تطلعات شعبها الكوردي المظلوم و بضمنها رسالتها الهامة الموجهة الى عصبة الامم عام 1930م بشأن تلبية المطالب القومية العادلة للكورد و التي تنكرت لها الحكومة العراقية و حليفتها بريطانيا. ثم سلكت فيما بعد موقفاً قومياً مشرفاً من جمهورية كوردستان (مهاباد عام 1946) التي ايدتها و ساندتها باخلاص منذ ميلادها فأثنى عليها الزعيم قاضي محمد بسبب ذلك و اعرب لها من خلال رسالته الودية الموجهة اليها، عن خالص الوفاء و الامتنان.
و الواقع ان حفصه خان كرست جل عمرها من اجل مثلها و مبادئها العليا و قيمها النبيلة التي امنت بها و عملت من اجلها بأخلاص طويلاً و ضحت في سبيلها بالكثير من طاقاتها و ممتلكاتها، و ظلت حتى نهاية عمرها الخير المبارك نصيرة الفقراء و المحتاجين و الغرباء و عابري السبيل الذين اغدقت عليهم بسخائها المعهودة و شملتهم باللطف و الود. ونستذكر هنا موقفها الانساني النبيل من السجناء البصريين القابعين في سجن السليمانية الذين طلبوا منها مساعدتهم في ذلك الظرف الصعب المحيط بهم وهم غرباء و يبعدون بمئات الكيلومترات عن اهلهم، فبادرت حفسه خان و على دأبها المعروف، بتلبية طلبهم و رعايتهم طيلة وجودهم في السليمانية عندئذ. وجاء في نص رسالتها الموجهة اليهم بهذا الشأن: "اعتبروا انفسكم ضيوفي طيلة وجودكم في السليمانية و اطلبوا مني ما يطلبه الابناء من امهاتهم و انني هنا بمثابة امكم الى ان تقر عيونكم بلقاء امهاتكم". ومن خلال الرسالة التي بعثتها السيدة حبسة، سنة 1930، إلى منظمة (عصبة الأمم)، التي كان مقرها في جنيف دعت من خلالها تقرير مصير الكورد في أطار كوردستان، وكانت لهذه الدعوة صدى واسع في تلك الأونة، وخاصة في تلك العصور المظلمة التي عاشها الأكراد.
وهكذا عاشت عاشت حبسة خان دائبة على الخير والعطاء والموافق الوطنية والانسانية الرفيعة الى أن توفيت .
وفاتها : توفيت السيدة حبسة النقيب أثر أصابتها بمرض السرطان عن عمر يناهز 62 عاماً، في يوم الأربعاء المصادف لـ 12/4/1953، و دفنت في مقبرة ( سيوان)، و تركت فراغاً واسعاً في مجال دفاعها عن الحرية و حقوق المرأة.
مقالات اخرى للكاتب