تشهد كوردستان انفجارا نوعيا وكميا لعدد الشركات والمعامل التي تنشأعلى ارضها سواءعبرالقطاع الخاص أم الاستثمارات الاجنبية التي إتسعت بشكل كبيربعد تقديم الحوافزالعديدة من قبل حكومة الاقليم لها مع توفر الامان وحرية الحركة والربح، أما القطاع العام فله نشاط محموم في مجال الطاقة ونأمل ان يتوسع نشاطه في مجالات اخرى منها استثمارالاراضي الزراعية ،عندها سيكون الأمر مسرا ويبعث على الامل في توفيرفرص العمل للطلبة الخريجين حديثا من مختلف الجامعات التي تنمو كالأزهار البرية في الإقليم، وهذا يمنح الإقليم حركة سوق واسعة ويزيد حرية الفرد في الاختيارما بين شركة وأخرى،ويحد من التوجه الى الإتكاء على الحكومة في توفير العمل، عندها ستكون المنافسة على اشدها بين الشركات المتعددة والحكومة حول إستقطاب اليد العاملة الماهرة مقابل أجرجيد ومستوى حياة أفضل.
وعلى الرغم من الانفتاح الواسع في مجالات العمل ، المشكلة المستعصية مازالت البطالة بين شريحة الخريجين رغم امكانياتهم العلمية ومستواهم الجيد ، وحتى ان حدث ووجد الطالب عملا ما، يتساءل فيما اذا كان هذا العمل يناسبه وهل هذا هو العمل الذي لطالما حلم به ؟ وهل المكان التي يتواجد فيه يشجعه على الاستمرار في هذه المهنة والابداع فيها ؟ أسئلة كثيرة قد تدور في ذهنه قبل وبعد إيجاد عمل ما.أمر يجدر بوزارة التعليم العالي ان تفكر فيها مليا او بالأحرى يجب ان تهيء محترفين في الاختصاصات المطلوبة في سوح العمل ليندمجوا سريعا في بيئته .
هذه الأسئلة قد تجد إجابتها ان استطاعت الوزارة من تهيئة تعليم مهني في بداية الدراسة لطلبتها كي يحققواامالهم ويعرفوا مايريدون بعد إنهاء دراستهم في مراحل الاعدادية والمعاهد والجامعة . الأمر يحتاج الى التخطيط والتفكير والتمعن من قبل لجنة التخطيط التي من شأنها ان تخطط لمستقبل الطلاب من خلال التنسيق بين وزارة التعليم والشركات التي تتواجد في الإقليم.وهو يحتاج الى : أولا: القيام بإحصاء جميع الشركات الاجنبية المحلية، ومن ثم معرفة الخدمات التي تقدمها للمجتمع، وماهية فرص العمل التي تخلقها هذه الشركات، وان يتم فرض نسبة من التعيينات للعاطلين عن العمل من العمالة المحلية على الشركات الأجنبية التي تستخدم ارض الإقليم لاستثماراتها، كي تساهم هي أيضا في توفير فرص العمل.
ثانيا :على وزارة التعليم ان تهيء فرصا من خلال اقتراحها وضع برامج دراسية خاصة تهتم بالتطبيق العملي المكثف كي يستطيع الطالب تعلم المهنة والحرفة وفي مجالات متعددة، هذا النوع من التطبيقات يمكن ان يشمل جميع المجالات دون استثناء وليس فقط طلاب كلية التربية والتربية الأساس التي يمنح فيها الطلاب فرصة التطبيق في المدارس لنيل شهادة تؤهلهم للتدريس في المدارس بمختلف المراحل .
ثالثا : على الجامعات ان توقع عقودا مع مجموعة من الشركات حسب الاختصاصات التي تطلبها، لتزج فيها بعض الدارسين من الاختصاصات المطلوبة لها، واقصد هنا إذا كان الطالب في المعهد التقني على سبيل المثال، فله الحق في التقديم في السنة الثانية ولمدة سنة للعمل في الشركة المعنية،اما طلاب كلية الهندسة فيجب ان يتاح لهم التقديم في السنة الثانية ولمدة ثلاث سنوات اما طلاب الجامعات الاخرى ذات النظام الاكاديمي فيمكنهم العمل في السنة الرابعة و لمدة سنة واحدة.يستمرالعقد عادة في فترة الدراسة فقط وهوعقد تعليمي مؤقت. أما بالنسبة لمنهاج الدراسي، فلدى توقيع العقد من قبل الطالب مع الجامعة والشركة يكون ملزما ان يدرس ويعمل في الوقت نفسه، ففي فرنسا تختلف طريقة التعامل اعتمادا على العقد الموقع، ففي بعضها يحق للطالب ان يتابع دراسته في الجامعة لمدة يومين في الاسبوع والأيام الثلاثة المتبقية يفترض به ان يعمل في الشركة، او ان يتم التنسيق من خلال الدراسة لمدة أسبوع واحد في الجامعة وثلاثة أسابيع في الشركة.
هذا النوع من التعليم مهم جدا وعبره يستطيع الطالب وفي عمرمبكرالحصول على راتب من خلاله يستطيع تغطية نفقات الجامعة ومستلزمات الحياة ويتعلم أيضا الإحساس بالمسؤولية وقيمة العمل وفوائده المعنوية والمادية في كيفية التصرف براتبه وبذلك يتعرف منذ صغره على الحياة العملية وكيفية التعامل مع العالم الخارجي ويزداد خبرة فيه.التعليم المهني هو تعليم يضمن للطالب في بعض الأحيان الحصول على العمل مباشرة بعد انهائه للدراسة مع الشركة ذاتها التي كان يعمل فيها، فالشركات في بعض الأحيان تكتشف إمكانيات الطالب المتميزة فتقترح عليه عقد عمل لفترة أطول بعد الدراسة أو حتى عقد دائم.
أما بالنسبة للشركات فهي مستفيدة ايضا، فغالبا ماتبحث عن كل من هو مبدع ومن خلال هذه العقود الصغيرة والتي تكتشف فيها الكثير من المبدعين بل وتصطادهم كالاسماك في بركهم الصغيرة دون اللجوء الى البحث عنهم في برك أكبر أو في سوق العمل. هذه الشركات تمنح هؤلاء الطلاب رواتب صغيرة لكنها جيدة وفي الوقت نفسه تمنحهم عملا يقومون به كالمحترفين .
في هذا النوع من التعليم، يكون للطالب، مشرف اكاديمي في الجامعة وآخر في الشركة يتصلان ببعضهما للتأكد من ان الأمور تسير على ما يرام . ومن الجدير بالذكر ان هذا النوع من التعليم صارم جدا وخصوصا في ما يخص مجال التزام الطالب بالدوام في الجامعة والشركة معا، فاي غياب دون تبرير يسبب قطعا في الراتب، وعلى الطالب ان يقدم تقريرا عما تعلمه بصورة مستمرة لمشرفيه في العمل والجامعة. وفي نهاية السنة عليه ان يهيء مشروع بحث يسرد فيها ما اكتسبه من خبرات وتقنيات علمية وتجارب، ويقدم بحثه أمام لجنة المناقشة لتقييمه كي يتم منحه على ضوء ذلك شهادة مهنية تفتح له ابواب المستقبل .