متابعة بسيطة لبعض القنوات الفضائية واطلالة سريعة على ما تنشره العديد من الصحف ومواقع الانترنت والتواصل الاجتماعي والاصوات العالية والمنتشرة في اكثرمن وسيلة او أداة تُظهر لنا حجم المواد الاعلامية والاعلانية التحريضية والتي تصل الى حد اشعال الفتنة ومحاولة تدمير ماهو قائم والاساءة الى كل شئ جميل ومشرق في ماضينا وحاضرنا ونشر صورة مأساوية لما سيؤول اليه مستقبلنا بفعل الخطاب الاعلامي المُخرب وغير المسؤول والذي يحاصرنا في كل مكان وموقع نتواجد فيه.
هذا الاعلام يستغل الناس ويخدعهم بالكذب وسوء استغلال وسائل الاعلام والاتصال في تأليب الناس بعضهم على بعض ونشر الفتنة وتأجيج الصراع وايصال الامور الى مرحلة الهجوم واحراق وجرح الكثير من الاشخاص المتواجدين في مقار حزبية او حكومية، من دون وجود أسباب حقيقية ومعقولة لهذا التصرف في المناطق التي تحدث فيها هذه الاضطرابات لان السلطة ومن يمتلك القوة والنفوذ وتصريف الامور هو طرف او أطراف اخرى معروفة.
ومن المؤسف بل المحزن الى حد الاسى ان يتحول الأعلام من مفهومه المتعارف عليه بتزويد الناس بالاخبار او المعلومات الصحيحة والسليمة بالاضافة الى الحقائق الثابتة التي تساعدهم على تكوين رأي سليم لواقعة من الوقائع او مشكلة من المشكلات بحيث يعبر هذا الراي السليم تعبيرا"موضوعيا" عن عقلية الجماهير وميولهم أويتحول الاعلام من وسيلة من الوسائل الديمقراطية التي تستخدم في توعية الناس وتبصيرهم وكذلك في الرقابة، الى طريق لنشر الفتنة والتناحر والاختلاف الذي يصل حد اراقة الدماء وسقوط الضحايا من هذا الطرف او ذاك من دون ان يكون هناك اي طرف غالب او مغلوب بل كلنا مغلوبون خاسرون في لعبة المنافسة ، والتي وجدت بعض وسائل الاعلام ضالتها في استغلال آليات الديمقراطية وتحويل غاية الاعلام من نشر الحقائق الثابتة عن طريق المعلومات والارقام والاحصاءات الدقيقة في المواضيع التي تتناولها والتي تساهم في تنمية وتطور المجتمع الى اعلام الفتنة والتخريب.
في بلادنا انتشر اعلام من نوع آخر لا يمت صلة الى اي من مدارس ومذاهب الاعلام والذي استفاد كثيرا من سيطرة وادوات و(فتنة الاعلام) ليتحول الى (اعلام الفتنة) بامتياز قولاً وفعلاً وهو معروف بشخوصه وقنواته وصحفه ووسائله التي تملأ الاجواء صوتأ وضجيجاً واخباراً ومواد لا تهدف ولا تنتج الا الفتنة.
ان خطر هذا الاعلام (اعلام الفتنة) يظهر جلياً اذا ما استعرضنا المعاني والدلالات الكثيرة التي تكشف عنهاكلمة الفتنة في كتب اللغة والقواميس والتي هي ( بلاءٌ و مِحنة و اختبار والضلال والاضطراب وبلبلة الأفكار وصَدَّ وعِصيان، كما انها تدل على اتّفاق جماعة على أشعال الفتنةَ والتسبَّب في انتشارها)، وقد وردت آيات كثيرة في القرآن الكريم للفتنة بمعاني المصيبة والعذاب، كما انها تعني التولُّه والإعجاب الشديد والقُدْرة على الإغراء والجذب.
لا بد لنا من الاقرار والتصريح باننا الآن في مفترق طرق ...هناك من أطلق ساقيه للركض وراء كل كلام او اعلام يسئ ويُقصي الآخر بدعوى التغيير والاصلاح وهم يتمسكون بادوات الديمقراطية التي لا يريدون منها الا الديمقراطية التي ُتعزز سلطتهم وتضعهم تحت اضواء الاعلام الذي بهرهم وحولهم من (نكرات امعات ابواق وطبول جوفاء) الى مسؤولين واصحاب سلطة وقرار ولم يستطيعوا ان يخلعوا لباس المعارضة وهم يترنحون بين هذه القناة وتلك الوسيلة الاعلامية ليتكلموا بكل شئ ما عدا عيوبهم واخفاقاتهم الشخصية والذاتية.
وهناك من اغلق ابوابه على الانانية ويريد ان يستفيد من الظرف الراهن ليعيش او يستمر بالمسيرة بعد ان فقد الكثير من جماهيره ومناصريه وهو يؤيد ويرفض ويعرض ويتفنن بالتبريرات والتصريحات والخطابات التي لا تساهم الا في نشر الفتنة .
وهناك من فتح ابوابه وقلبه وروحه من اجل المصالح العليا والاهداف الكبرى التي طالما حلمنا بها وتمنيناها...وعندما حان أوان القطاف تجمعت كل ادوات الشر وأذنابه ورموزه وادواته في التشكيك والتضليل والكذب الاعلامي والميداني مستغلين سوء الظروف وصعوبة الاحوال التي يمر بها الاقليم فحولوا سهامهم وغضبهم وقوتهم الى ابناء شعبهم واخوانهم، وكان الاول والواجب ان تتوجه ضد الاعداء والارهابيين الذين يتربصون بنا وعلى حدودنا الممتدة الفاً وخمسين كيلومتر.
كلماتنا التي نقولها واعلامنا وخطابنا اليوم يُردد ويُكرر ماجاء في توضيح مجلس وزراء إقليم كوردستان ( في الوقت الذي يمر به إقليم كوردستان بأوضاع صعبة، ويخوض حرباً ضارية مع أخطر أعداء الإنسانية، ويواجه المواطنون وحكومة إقليم كوردستان جملة من المشاكل والتحديات الصعبة، للاسف تشهد بعض الأماكن من إقليم كوردستان قيام تظاهرات وإحتجاجات، وأعمال عنف يكون فيهاالمواطنون ومنتسبي الحكومة ضحايا هذه الأعمال. نعرب عن إمتعاضنا وقلقنا ازاء حدوث صدامات ووقوع ضحايا، وندعو جميع المتظاهرين والمواطنين والجهات السياسية الكوردستانية إلى التعامل باسلوب حضاري وهادي مع هذه الأوضاع والأحداث وأن لا يكون أي طرف سبباً لتعقيد الأوضاع أكثر وعلى الجميع العمل على التهدئة والسيطرة على الوضع. كما ندعو من كافة القوات الامنية والشرطة والجهات المعنية الأخرى إلى بذل كافة الجهود من أجل المحافظة على الهدوء وأرواح وأموال المواطنين والمؤسسات الحكومية والحزبية، كما ندعو من كافة المؤسسات الإعلامية أن تتعامل بشكل مسؤول مع الوضع وأن تكون عاملاً للتهدئة)..ونحن نضيف في هذه الظروف على الاعلام الدعوة ونشر رسالة الحب والسلام والتسامح والوحدة والتأسيس والبناء على ما هو موجود وقائم بفضل تضحيات مئات الآلاف من الشهداء والمؤنفلين والذي لولا تضحياتهم ودمائهم لما كان هناك كوردستان ..اقليمنا ووطننا الذي يبحث له عن وجود ومكان وهوية بين دول العالم ومن واجبنا ان نصنع الأمل بالغد حتى يكون المستقبل مزهراً للجميع، .. وقد
القاضي نائب المدعي العام
مقالات اخرى للكاتب