هذه الكلمات كانت آخر ما جاء في البيان الذي القاه احد الناشطين بأسم متظاهري ساحة التحريريوم الجمعة 19 /2 وهي تلخص القناعات التي وصل اليها المواطن الملتاع بعد كل عمليات التسويف والمماطلة التي مورست ضد مطالباته المشروعة بالاصلاح الشامل ومحاسبة رؤوس الفساد واعادة قطار الديمقراطية الى السكة الصحيحة التي من دونها يغدو كل حديث عن العدالة والمساواة والمواطنة مجرد كلام .. لقد مضت الاشهر والاسابيع بايامها الطويلة والمواطن يدعو بتظاهراته السلمية في بغداد وجميع المحافظات مجلس النواب والسلطة التنفيذية بوضع حد لمسلسل الخراب غير المنتهي للعراق الذي وكما يبدو ممنهجاً بدأ بتدمير القطاعات الاقتصادية زراعية وصناعية وخدمية وسياحية وسرقة مليارات الدولارات في الموازنات السابقة التي يفترض ان تكون قد خصصت للمشاريع وبناء مدارس وتوفير الخدمات .. فماذا كانت النتيجة ؟! لانظن ان احداً من الطبقة السياسية سواء من كان منها بمجلس النواب او الحكومة الادعاء بتحقيق شيء يذكر ، بل ان الغالبية تنشر معلومات عن صفقات الفساد وهدر المال العام وشركات وهمية وعمليات غسيل اموال.. كنا كمواطنين نسمع ونرى ونحذر ونطالب ، كما ان المرجعية الرشيدة حذرت من كل هذا الذي يجري ودعت الى اصلاح حقيقي حتى بح صوتها كما قال ممثلها في احد خطب الجمعة .. ومع ذلك فان شيئاً لم يتحقق على ارض الواقع وكأن اذناً من طين واذن من عجين كما يقول المثل ..
فالفاسدون مترعون بالمليارات مقابل ارتفاع غير مسبوق في معدلات البطالة والفقر والمرض ..زادت وتيرتها مع تشريد الملايين من سكان الانبار والموصل وصلاح الدين وديالى .
ارحلوا .. لن نسكت كانت هي الرد الشعبي الواضح على هذه اللاابالية وعدم الجدية في محاولة استرجاع الملايين التي هربها الفاسدون الكبار خارج الوطن وعلى استمرار فقدان هيبة القانون والقلق المشروع للمواطن من عصابات الجريمة المنظمة ، وارتفاع اجور الاطباء واسعار الادوية والمواد الغذائية الرئيسة وارتفاع بدلات ايجار الدور والشقق، مع ما رافق ذلك من تأخر رواتب الموظفين وتسريح الالاف من اصحاب العقود والاجور اليومية واستقطاع غير واضح من الرواتب بما فيها رواتب المتقاعدين .. معاناة وقلق وخوف من المجهول نعيشه يومياً من دون ان نسمع معالجة جريئة وحقيقية تطمئننا ولو نسبياً ..
ارحلوا لن نسكت ..هي الجواب على المستهينين بارادة الشعب وقدراته والمراهنين على امكانية اسكات صوتهم بالخداع واطلاق الوعود او بالقمع بملثمين كما حصل في ذي قار وساحة التحرير من دون ان يلقى القبض على اي منهم .. آن الآوان بعد كل هذا الصبر الطويل والجميل ان يرتفع صوت المظلوم في البصرة وذي قار والحلة والديوانية والمثنى ومعها بغداد، مطالباً بتغيير حقيقي يبدأ بالعملية السياسية التي ولدت مشوهة بسبب المحاصصات الطائفية والحزبية ونتائجها الكارثية على الوطن والمواطن .. ليس من المقبول ولا المعقول بعد اليوم ان تستمر كل هذه الاوضاع الشاذة فقد سئمنا كل الشعارات والخطب والتصريحات ولابد من معالجة تعيد للعراق عافيته ..الشعب قال كلمته فمن يسمع ؟!!
مقالات اخرى للكاتب