Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
مجلس حسيني – النفاق الفردي والاجتماعي .. الشيخ عبد الحافظ البغدادي
الاثنين, آذار 23, 2015

 

بسم الله الرحمن الرحيم

{ لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا}(الأحزاب 60)

معنى قوله تعالى: لئن لم ينته المنافقون , هم أهل النفاق الذين يسرون الكفر ويظهرون الإيمان أما قوله تعالى " وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يعني: ممتلئة قلوبهم بشهوة الزنا وحب الفجور. هذا على رأي اغلب المفسرين .. قال أهل التأويل. منهم عكرمة عن قوله ( لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ) قال: هم الزناة. عدد كبير ممن قالوا إن الذين في قلوبهم مرض هم الزناة .. وهناك من يقول إنهم الزناة من أهل النفاق , يعني لهم جريمتين , نفاق وزنا ..فقال عنهم في قلوبهم مرض . هؤلاء صنف من المنافقين (وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) أصحاب الزنا، يطلبون النساء لغرض الزنا... يقول تعالى : " فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ"

أما(وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ) أهل الإرجاف في المدينة هم المشهورون بالكذب والباطل. , هؤلاء من نفاقهم إنهم كانوا يقولون: أتاكم جيش بعدد وعدة. يكذبون ويضخمون الأشياء من خلال مرض قلوبهم .. هم يتمنون ان يكون الجيش بحجم نفاقهم .. هؤلاء يقول تعالى عنهم ( وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ ) هم أهل النفاق الذين يرجفون برسول الله {ص}وبالمؤمنين. وقوله (لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ) يعني: لنسلطنك عليهم ولنحرشنك بهم. ...معنى الأغراء تأتي في معاني عديدة منها أغراه على الشَّيء : حضَّه عليه ..مثلا امرأة تستخدم الأغراء لتحض الآخرين للنظر أليها ...والإغراء في المنافقين أن يخرجهم من المدينة لأنهم مرض اجتماعي , والمصيبة إن النفاق أحيانا ينتقل عن طريق المصاحبة ..

يقال ان شاب فشل في دراسته المدرسية مجرد دخوله المدرسة . حاول أباه أن يصقل أي موهبة لديه ، و أضاع ماله و وقته و لم يستفد أي شيء منه ..!! فتركه ثم قامت أمه بتولي أمره بعدما يأس الأب منه ، و حاولت تعليمه أي مهنة لكي يشق مستقبله و أخذته إلى كل مصنع و معمل إلا أن أبنها كان يحقق الفشل تلو الفشل . استسلم الأب و الأم لقدرهما بهذا الابن الذي لا ينفع . لقد كان الأب و الأم يجهلان أن هناك هواية هو يملكها وهي مهمة عنده ,هي ” النفاق ” . مجرد أن شب وبلغ اصبح شخصية مسئولة و مشهورة باستخدام لسانه فقط لا غير, المهم عرف كيف يتلون فنجح في المجتمع .. هذه الخطورة .

موقف الرسول {ص} مع المنافقين :.. قصة الرسول مع المنافقين امتدت أكثر من ثلاثة عشر عاما، عاش فيها كفاحا مريرا لهذه الفئة الخائنة المريضة، من أول لحظة وصل فيها الرسول{ص} إلى أحياء المدينة، علم أهلها أن وجهه ليس وجه كذاب، فأقبلت القلوب الظامئة على الحق الجديد، وتدفقت الجموع تعلن قبولها للعقيدة التي أعلن فيها انعتاق الإنسان من عبوديات الأرض , ليكون حرا كريما حين يكون عبدا لله وحده ... هنا بدأ عالم من الطهر والصفاء والكرامة يتشكل في الأرض ..عالم الحق الذي تهاوى أمامه الزيف والخرافة والجاهلية واستغلال الإنسان , والتلون والتزلف .. جاء عهد يتساوى فيه الحر والعبد والأسود والأبيض والغني والفقير , أما مبدأ التفاخر هو بالتقوى فقط ....

مقابل هذه التوجهات لا يمكن ان يكون المجتمع كله مثاليا , او كالملائكة , فهناك من في قلبه مرض وهو لا يتلاءم مع التوجهات الشريفة الكريمة , فأصبح في الوسط الإسلامي مجموعة ممن يحملون قلوب ملوثة .. وهذه مشكلة واجهها رسول الله {ص} وقد عرف إن الإسلام أصبح فيه نقاط سوداء تحمل الهوية الإسلامية ..فواجه الرسول القلوب المعتمة السوداء، التي لما فقدت الأمل في المقاومة الاجتماعية الصريحة، اخترعت طريقة شيطانية لتشويه مشروع الرسول من الداخل، وسمى القرآن الكريم هذه الفئة المريضة بالمنافقين ...

(مشكلة المنافقين أنهم يحملون وجوها عدة .. فقد جاؤؤا إلى الرسول {ص} وأعلنوا دخولهم في الإسلام بألسنتهم، وهم في دواخلهم "يعشون أزمة نفسية حرجة " , يعيشون شكوكا وأفكارا متناقضة، شبهات تمزق قلوبهم، ونوايا عديدة وتخطيط يجري وفق مصالحهم فقط .. تيه تام وتذبذب , لم يستطيعوا صهر أنفسهم في الإسلام , لم يؤمنوا , لكنهم لم يجدوا أمام مصالحهم إلا أن يتقبلوا الوضع الجديد)..

لذلك حذر الله تعالى رسوله منهم .. يقول تعالى عن الخطوة الأولى في حربهم :{ إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون } هذه أول أسلحة الخداع عندهم , إنهم يتحدثون باسم الإسلام ويرتدون زيا إسلاميا , يصلون ويحضرون الصلاة , ويمارسون الممارسات الإسلامية ,ولكن الله تعالى يقول عنهم :" والله يشهد إن المنافقين لكاذبون"

قد يسال سائل ما الضرر منهم ..؟ دعهم وشانهم سواء كانوا مؤمنين أو منافقين .. الجواب على هذه الأسئلة , إنهم أصبحوا في الامتيازات والمواطنة جزء من جسد الأمة , ولهم تأثير في الحالة الاجتماعية والدينية ,وهم عادة يدعون الإخلاص والحرص على مصالح الأمة ، والشفقة عليها، والدفاع عن حقوقها، وينافسون المؤمنين في كل صغيرة وكبيرة ويريدون توجيه مصالح الأمة لنفسهم فقط ولا يهمهم مصالح العباد , وهذه تثير فتنة كبيرة , يقول عمار بن ياسر {رض}لمن حوله يوم صفين..

" قال : انظروا إلى أولئك الواقفين تحت الراية السوداء , أما والله قاتلتهم ثلاث مرات , في بدر واحد والخندق .. وهذا أسوء موقف معهم .. قالوا لماذا ..؟ قال لأنهم كانوا يحاربونا وهم يحملون هوية الكفر ويقفون تحت راية أبي سفيان ونحن نقف تحت راية الرسول {ص} وكل طرف يعلن عن جهته , أما الآن يلبسون العمامة التي البسها ويرتدون العباءة التي ارتديها ..!!!

لذلك يقول تعالى لنبيه الكريم ..هؤلاء انغمسوا في جسد الجماعة، وذابوا في عروقها ، فقبل الرسول الكريم ظاهرهم، ووكل سرائرهم إلى ربهم ... ولكن هل قبلوا بهذا التوصيف ..؟ الجواب كلا لان المنافق لا تقف حدوده عند حد معين .. وسعوا كتلتهم لتحقيق مكاسبهم من ضمن الفكر الإسلامي ,واندلعت حرب النفاق الخفية ضد رسالة محمد {ص} فحذره الله منهم بقوله : " هم العدو فاحذرهم" ثلاثة عشر عاما مليئة بالأحداث الأليمة ، والمواقف المحزنة، التي واجه فيها الرسول{ص} عدوا قذرا، لا يتورع عن أي وسيلة .. اقذر الحروب تكون مع المنافقين ..دسائس وخيانات وأكاذيب وإرجاف وشكوك ،حتى وصلت إلى عرض الرسول {ص} وفراشه ...

يخرج الرسول{ص} إلى بدر، ومعه ثلاثة وعشر وثلاثمائة من الصحابة فقط، في أول مواجهة كبرى مع العدو الخارجي، حينها تبث وكالة الإنباء الخائنة رسالة إلى الداخل تسخر من خطة الرسول بالصدام المسلح مع المشركين، وتحاول النيل من النفسية المؤمنة، وترسل رسائل تكرس الضعف والمهانة أمام العدو القوي المسلح، إنها اللغة التي تكشف التواطؤ مع العدو، لكن القرآن ينزل بالرد المباشر على تلك الفكرة التافهة، ويصحح ميزان الحق في العقول، قال تعالى:{ إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} ...

عاد الرسول{ص} من بدر لتحترق أكباد كثيرة من الغيظ والقهر، وهم يشاهدون تهاوي القوى العربية المكية , رموز الضلالة في العالم أمامهم، وهذا يعني تتهاوي الأفكار الوثنية الوضيعة،.. لقد كانت بدر هزيمة عسكرية للمشركين،( وهزيمة فكرية للمنافقين،) لكن الصراع ظل ساخنا على كل جبهات الفكر، حيث يستثمر المنافقون كل لحظة من لحظات الزمن في إثارة التشويش على منهج الحق إنها أزمة مع الأخلاق السماوي .. بين تيار السماء , وبين القانون الوضعي ..في المنهج ذاته، قال تعالى:" ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله" فخط المنافقين لا يرضى حتى بالانتصار لهم ومصالحهم ضمن الخط العام , لأنه يمثلون معارضة وانزعاج دائم من الشريعة، وكراهية متصلة لأحكامها، على كل الساحات، صراع مع العقيدة، وقلق من الأحكام، وبغض لما أنزل الله ..يقول تعالى:" وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم , وإن يقولوا تسمع لقولهم" كلام وصوت وصورة تعجب المستمع ( الظاهر إن أجهزة النفاق هي الصوت والصورة ) لان سلاح الصوت والصورة، قنابل الأحرف الكاذبة المدمرة ...

ـــــــ من اكبر أدوات النفاق هو التفنن في إيجاد قيادات , تعرف كيف تستخدم أدوات المعركة النفاقية ، لأنها تعرف كيف تقدم الطعم السام الذي يدمر جهاز الوعي وجهاز المناعة الفكرية ، بصناعة نجوم النفاق، وتقديمهم للمجتمع , على أنهم أهل الفكر والرأي والإخلاص للوطن .. هؤلاء ليسوا ناس عاديين , بل يحملون شهادات عالية وفكرا يتماشى تماما مع توجهات المصلحة العليا للوطن والأمة , ولكن بقالب خاص , ظاهره إسلامي وطني وباطنه تدميري ..

اليوم أصبحت أجهزة الإعلام السبيل الأقوى في تنفيذ مصالح القوى النفاقية ,فتحت هذه القوى محطات فضائية لتنفيذ مأربهم النفاقية ,فعلا تمكنت تسخير الإعلام بشكل مهني بحت , فأصبح المسلمون ميالون لسماع النفاق أكثر من سماعهم لكلمة الحق , يقول تعالى: ( وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ) يضاف لها عدد كبير من تزييف المواقف التي تتقنها الأقلام المزخرفة، واللغة الساحرة، التي تجيد صناعة الزخرف من القول ، " وإن يقولوا تسمع لقولهم" ، الخطاب المثير الذي يستلب العقول، ويمرر الخراب والدمار في الأمة بشكل مشاريع نفاقية في أروع ثوب وجمال الأسلوب، وقوة التأثير.. "وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا"

ولكن ما يسر قلوب المؤمنين , إن الحقيقة أكبر من لغتهم ,وأعظم من خطابهم , الحقيقة تظل حقيقة لان أصلها حق .. هكذا بدون أصباغ ولا ألوان والباطل سيزهق مهما حاول المزيفون إنعاشه , إنها حرب التشويش التي شنها المنافقون على الرسول{ص} والتي واجها الرسول {ص} بدعم القرآن ، ونوره المبين وآياته الناصعة ، التي عرت المشروع النفاقي المريض، وفضحت التدابير السلوكية ، وعطلت بمضادات الحجة الظاهرة سموم الجراثيم التي انسكبت في الهواء المسلم... ــــــ كانت الخطة الجديدة للمنا فقين مع الرسول{ص} تشويه مصدر التلقي ذاته، وإثارة الأكاذيب حول شخصية عنه , لأنه لا يعرف جبرائيل , فيمكن أن يصدق كلمن يتحدث سواء كان ملكا او شيطانا او جنيا . إنه يصدق كل ما قيل له، إنها اتهام للرسول في سمعه وتدبيره وهي خطة متجددة للمنافقين باتهام ورثة الأنبياء بقلة الوعي، وفقدان أدوات التمحيص والتفكير الناقد، ووصمهم بالتقليد وتعطيل العقول ..{ هذه مشكلة النفاق – تعطيل العقول } ...

ـــــــــــــــــــــــ : معنى النفاق والمنافقين: النفاق لغةً: مأخوذ من نافق اليربوع: إذا اتخذ لجحره أبوابًا متعددة، بعضها ظاهر وبعضها باطن خفي، فإذا طلب أخذه من الباب الظاهر، خرج من الباب الباطن وهرب ممن يطلبه، قال ابن الأعرابي: لتسمية المنافق منافقًا ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه يسر كفره ويخفيه؛ فشبه بالذي يدخل النفق، وهو السرب يستتر فيه.

والثاني: أنه نافق كالجربوع.

والثالث: أنه شبه به لمخادعته.

والنفاق اصطلاحًا: هو تبطين عمليات فكرية غير الظاهر، ومنه النفاق الشرعي .... والنفاق الشرعي هو خروج من الإسلام بشكل من الحيل، وهذا شأن المنافق، يظهر الإسلام ويبطن الكفر، أو هو الدخول في الشرع من باب، والخروج من باب آخر، فمادة النفاق مأخوذة من النفق، وهو السًّرَب بمعنى: المكان المنحدر، أو الذهاب في حدور كما قال الراغب الأصفهاني -رحمه الله- ..

: نشأة النفاق والمنافقين: حين بعث رسول الله {ص} ودعا الناس إلى الإيمان بالله، ونبذ الشرك وعبادة الأصنام؛ آمن به رجال مؤمنون ونساء مؤمنات إيمانًا خالصًا ، وصبروا على أذى المشركين وفتنتهم في الدين بالتعذيب والتكذيب والمطاردة، وأرغموهم الهرب ، أو الهجرة إلى الحبشة وغيرها.

لذلك لم يكن للنفاق منفعة ومصلحة في ظروف مكة , لا مبرّر له في مكة .. لأنه جو مشحون بالمحن والابتلاء، قاحل من المنافع والمغانم الدنيوية, لذلك لم يكن النفاق والمنافقون بهذه الأجواء.

يقول الأستاذ محمد عزة في كتابه (سيرة الرسول صور مقتبسة من القرآن الكريم) يقول: إن حركة النفاق، ظهرت للنبي المسلمين ، في فترة العهد المدني ..ظهر هذا التيار بعد إقامة الدولة الإسلامية في المدينة بعد الهجرة؛ خاصة بعد انتصار المسلمين في معركة بدر الكبرى، بعد سنة ونصف من دخول النبي{ص} المدينة المنورة قال شيخ المنافقين الذي اكتسب هذا اللقب عبد الله بن أُبي كلمته المشهورة: "هذا أمر قد توجَّه ولا مطمَع لأحد في إزالته" . ثم دخل الإسلام هو ومن على شاكلته . يبطنون الكفر والنفاق وسوء الأخلاق، ويتربصون بالمؤمنين الدوائر، كما بين القرآن الكريم ذلك طوال العهد المدني، خاصة بعد معركة أحد وما تلاها من الأحداث......لم يكن المنافقون حزبًا مستقلًّا ، وإنما كانوا أفرادًا يختلفون في الدهاء، تجمعهم فكرة العداء للإسلام وأهله، رغم انتسابهم ظاهرًا ..

ــــــــ فتألفت توجهات كتل اجتماعية في محاربة الإسلام , وفعلا تمكنوا من التأثير على واقع الأمة الإسلامية لان ثقلهم ودورهم كبير ومهم , المشركون في مكة وما حولها، واليهود في المدينة المنورة وما حولها، الذين نقضوا عهودهم مع الله ورسوله، واشتعلت معاركهم الفكرية والاعتقادية ثم الحربية مع الرسول {ص} وبعض الصحابة الذين كانوا يلعبون على الطرفين ..، لم يلبث أن انعقد بينهم وبين المنافقين حلف لتوحيد المسعى والتضامن في مواقف الكيد والمعارضة، حتى يمكن القول أن المنافقين لم ظهروا كقوة سواء في الحرب تقوم بتقويض الجيش , لما ينهزمون أمام الناس مما يؤدي إلى تهديم المعنويات , وهذه اخطر حالة على المجتمع ,لأنه يحصل منهم أذى شديد وكيد ودس؛ لا يمكن معالجته في حينها ,, المهم الموضوع يؤدي إلى انهيارات كبيرة على مستوى الدولة الإسلامية ..

قال تعالى:{ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ الله عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ}.

ــــــ هناك مسالة مهمة وهي حين تتوسع قاعدة المنافقين ويصبح النفاق ظاهرة اجتماعية عامة .ما هي الأخطار التي تحيط الأمة في حال تطبع المجتمع على النفاق :.يسمى النفاق الاجتماعي .

أولا : الفتاوى والتقرب للحكام :..يعتبر النفاق من اخطر العوامل في تفتيت الأمة والدولة الإسلامية؛ لأن النفاق يدب في جسد الأمة كما يدب السرطان في جسد الإنسان , وقد ظهرت حالات اجتماعية خطرة في جسد الأمة سببها النفاق والتزلف , وأخطرها حين يبرر المتملقون للحكام المنكرات، ويبيحون المحرمات، يحللون الفساد، للأغراض و الشهوات. ... وهناك فقهاء في التاريخ الإسلامي ..يصدرون فتاوى يرضون بها بعض رؤساء الحكومات، وتختلف فتاواهم بالتحليل والتحريم حسب الأغراض للحاكم ,هؤلاء مجتهدون في محو الدين، مجدون في تغيير أحكامه،وكلنا نتذكر حين صدرت فتوى في العراق بتحليل كتابة القران الكريم بالدم من جسد طاغية معروف ..وبذلك أصبح المتملقون والمنافقون هم أصحاب المكانة القريبة من المسؤولين، والمخلصون الذين لا يجيدون العزف على وتر النفاق،لا نصيب لهم في الإعلام والوظائف، لأن الأمة تجامل على حساب المصلحة، والنفاق الاجتماعي أصبح من الضرورات للوصول إلى المناصب، والتقرب للرؤساء..

ثانيا : عدم الاهتمام لأصحاب الكفاءات والشهادات :...

عادة الحكام الفاشلين أنهم يعتمدون على من يكون عجينة في أيديهم , ينفذ أوامرهم بدون جدال ولا نقاش بأي أمر يصدرونه , يبررون ويشجعون الأخطاء التي يرتكبها الحكام , وهذا يسميه الإسلام " ذا الوجهين "لأنه يتلون حسب الطلب، فيقابل هؤلاء بوجه، وهؤلاء بوجه آخر، خطورة هذا الظاهرة إنها تؤدي إلى هجرة الكفاءات..يهاجرون وهم محملون بالحقد على مجتمعهم الذي تربوا فيه،فتخسر الأجيال طاقات مهمة في كل الصنوف صرف عليها المجتمع وقتا ومالا , وبسبب المنافقين يستثمرها الآخرون ..

فيضعف الجانب ألولائي للوطن , تفقد الأجيال ولاءها وانتماءها للأوطان، ويرتمون في أحضان الأوطان التي هاجروا إليها، مما يتسبب في إحداث ازدواجية في أبناءهم , حين يرون آباءهم يعانون من الغربة وهم علماء تعتمد عليهم الدول الكافرة بينما في بلادهم الأصلية , المناصب القيادية في المؤسسات والهيئات لأهل التملق والنفاق، وهذا يؤدي إلى تفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية ..

ثالثا : النفاق الإعلامي :.. من اخطر الأجهزة الحكومية هو جهاز الإعلام ,لأنه يعبر عن رأي الدولة اغلب الأحيان , وحين يكون لسان الدولة منافقا , فعلى الدولة السلام ,ولا اقصد الإعلام فقط الإذاعات والتلفزيون , بل جميع الشرائح التابعة للإعلام , الكتاب والممثلون والمطربون , ونحن لنا تجربة كبيرة في الإعلام المنافق زمن الطاغية حين كان الإعلاميون والشعراء والمطربون يتسابقون للنفخ في جيف الحاكم الذي بدد ثروة العراق وقتل أبناءهم , والشواهد كثيرة ..التاريخ يروي....

وقف المهديُّ العباسي يوما على رجل عجوزٍ ، فقال: ممَّن أنتِ؟ قالت: من طي. قال: ما منع طيا أن يكون فيهم مثل حاتم؟ وكان الرجل متملقا ..فقال : الذي منع الملوك أن يكون فيهم مثلك. فعجب من جوابه وصدقه انه ملك لا يمكن ان يجاريه ملك .. فأكرمه مالا كثيرا , مال مسروق من الشعب وهبه أليه , هذه حالة واحدة تبين كيف ينشأ النفاق , الملك يعرف إن المقابل كاذب فيكرمه ..

ودخل عليه رجل يوما ومعه نعل قال له : يا أمير هذه نعل رسول الله{ص}قد أهديتها لك. فقال: هاتها، فقبلها ووضعها على عينيه وأمر له بعشرة آلاف درهم. فلما انصرف الرجل قال المهدي: والله إني لأعلم أن رسول الله {ص}لم ير هذه النعل، ولم يلبسها، ولكن لو رددته لذهب يقول للناس: أهديت إليه نعل رسول الله{ص} فردها علي، فتصدقه الناس، لأن العامة تميل إلى أمثالها، وشأنهم نصر الضعيف على القوي، وإن كان ظالما، فاشترينا لسانه بعشرة آلاف درهم، ورأينا هذا أصلح. عن الفضيل بن عياض: هذا كان لصا وتاب حين سمع صاحب البيت الذي أراد أن يسرقه يتلو القران بقوله تعالى " الم يئن للذين امنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله " المهم يقول : "لأن آكل الدنيا بالطبل والمزمار أحب إلي من أن آكلها بدين"يعني لو اعمل بالملاهي اشرف أن أبيع كرامتي وديني .

احد الشعراء المنافقين , حين ضعفت الدولة الفاطمية ومدنها تسقط واحدة بعد الأخرى , وقف هذا الشاعر أمام الخليفة الفاطمي يمدحه (ما زلزلت مصر من كيد ألمّ بها .. لكنها رقصت من عدلكم طربا)..

هذا يذكرنا بوزير الإعلام زمن سقوط بغداد عام 3003 ...

رابعا :.الانتخابات الديمقراطية : صناديق الانتخابات الديمقراطية تحتاج إلى من يملئوها من الناس والبسطاء الذين حالهم كحال نسوة يوسف حين انبهروا بظاهر جماله, ونسوا جراحهم، هكذا يستغل السياسيون الأقوياء هذا الفهم الساذج تحت مسميات دينية ووطنية وقومية ومناطقية , وينفقون بسخاء على الآلة الإعلامية الرهيبة التي تصنع لهم «حشودا تحت الطلب» جاهزون لعقد اجتماعات جماهيرية لحشد الناس لهذا وذاك , وتوزع الصور مع العهود الكاذبة , ولسان حاله يظهر انه حمل وديع يريد مصلحة أبناء جلدته ..ولكن بعد إعلان النتائج يكون الفائز والشعب المنافق هو الخاسر وحلقة الوسط بين الشعب وبين المسئول لهم فتات جراء ما كسبوا ...

ولم يصل النفاق الإعلامي إلى درجة تزيف الوعي فقط بل امتد إلى العقائد والهوية الإسلامية فعاث فيها خرابا وفسادا، وفق مخططات مرسوم لها بعناية .. يقول احد علماء الغرب اسمه «جب»: "إن علينا كي نغير وجه الإسلام أن نسير في اتجاهين: الأول: بناء كوادر علمانية، والثاني: صناعة الرأي العام" .. وذكر أن الكوادر العلمانية تصنع في البعثات لأوروبا وأوكار التعليم التابعة للغرب عندنا، والرأي العام يتكفل به الإعلام المضلل واهم واجب له أن يهيْ رجلا يخدم مصالحنا من خلال خدمة مصالحه .. أمراضنا كثيرة ومتعددة ولكن اخطر مرض يصيب الأمة هو النفاق الاجتماعي ..... هذا الداء العضال الذي يحتاج مواجهة حقيقية وكشف النفاق وتعريته , كي يعرفه الناس ويتقون الله ... وإلا الأمة تهوي للهاوية .

ــــــــــــ :.. ما هو واجب الأمة تجاه ظاهرة النفاق الاجتماعي: إذا كان هذا المرض الفتاك ينخر الأمة , فما هو دورنا في تعرية النفاق , لأنه لا يمكن القضاء على النفاق إلا من خلال تعريته , وهذا الأمر ليس هينا ولا أمرا بسيطا , لان اغلب المنافقين يملكون وسائل القوة بالأعلام والمال والسلطة ...

أولا :......ولكن لا باس بالمتيسر في العلاج ..فيجب على الأمة تعرية هؤلاء المنافقين؛ لأنهم يبالغون في مدح أصنام بشرية بالباطل من أجل المآرب والمصالح الشخصية، وقد يبالغون في المدح إلى حد الإطراء، "فيصنع هؤلاء المنافقون فراعين يذلون الناس ويستعبدونهم" ، كما أنهم يمهدون لغيرهم صناعة الفراعين! فكلما رحل فرعون جاء فرعون جديد، يعتمد على سحرة أهل النفاق، عن طريق لحن القول وتزييف الحقائق، فتنزلق الأمم في الهاوية..من اخطر المنافقين هم من كوى الأمة كلها بنار الفرقة والطائفية ,هؤلاء كلهم منافقون .. قسم آخر قسم البلاد ووضع الحدود المصطنعة , حتى بين الوطن الواحد , مدعيا حبه لقوميته وشعبه وهم يشبعهم جوعا وظلما , وقضية تفضيل المنطقة أول من عمل بهذا الأسلوب ألنفاقي زمن الرسول {ص} الممهد ومباركة من أبناء عبد الله بن أبي بن سلول، المربي الأول لطابور النفاق على مر العصور، وهو الشخصية الحقيقية الرمزية .. والنموذج الذي يسير على دربه أحفاده، إنها ذرية بعضها من بعض، تتجمل وتتصنع بزخرف القول غرورًا، فيجب على الأمة بعد تعريتهم أن يفعلوا معهم فعل الرسول{ص} لما وضعهم في مكانتهم التي يستحقونها، بدلا من زيارتهم وتمجيدهم وإضفاء الألقاب العالية عليهم، يقول{ص} : «إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب»، أي المبالغون في مدح الناس في وجوههم، والمادحون لهم بالباطل، وبما ليس فيهم.

ثانيا :..... من واجب الأمة كذلك تجاه خطر النفاق الاجتماعي تحذير الأجيال منهم، وتنشئة المجتمع تنشئة اجتماعية سليمة، بعيدة عن التملق والخداع؛ لأنه أسلوب انتهازي رخيص، وليس من أخلاق أهل الإيمان والشرف. ويجب على الأمة بيان خطر النفاق عن طريق إظهار خطره في الآخرة، فكما أن هذا اللون من النفاق يدمر صاحبه والمجتمع كذلك، فإنه يعرضه للعقاب الأليم، وذلك لأنه خائن لله ورسوله، لقلق الكنيسة : لماذا يسمي العراقيون المنافق لقلق ...؟

اللقلق يأتي للعراق في أيام الشتاء يبني أعشاشه فوق أماكن عالية مثل مأذنة جامع أو برج كنيسة ، أو ربما فوق بعض المباني الخربة المرتفعة .يروى إن احد هذه الطيور اللقلق اختار برج كنيسة ليبني عشه فوقه ، وهذا سـبب إزعاجاً لخادم الكنيسة والذي هو بمثابة مؤذن الجامع عند المسلمين , فكان حين يقرع الناقوس يسقط عليه أوساخ وفضلات يابسة منن اللقلق .. فأشـتكى أمره للقـس ، إذ إنه كلما قرع ناقوس الكنيسة تساقط عليه القش والذرق ( الذروك ) المتيبس ، فأوصاه القس بأن يأخذ قطعة من كبد جمل ويملحها بشكل جيد .. ولحم الجمل يسبب العطش ويستحرم اليهود أكله ، ويضع بجوارها كاس خمر ، فعندما يأكل اللقلق كبد الجمل يعطش ، فيضطر لشرب الخمر فيسكر ويصبح ثقيل الحركة وغير قادر على الطيران , فيمكن ان يصطاده ويذبحه ويخلص من شره .. اتبع الخادم التعليمات بحذافيرها حتى سكر اللقلق ،فامسكه من رقبته ،وحين أراد ذبحه سأله :.. فهمني أنت من يا ملة ... ؟؟ ، يهودي .؟ اليهود ما يأكلون لحم جمل ؟ ، نصراني .ما اعتقد لو نصراني أشـلون اتذررك عل الناقوس ؟ ، مسـلم ... أشـلون تشـرب عرگ ؟؟ . كلي من يا ملة أنت ....؟ فشاع أمر هذا اللقلق وسمي المنافقون باسمه .القصة اشتهرت أيام زمان بأسم ( لگلگ الكنيسة ) ، وهي تقال لكل المتلونين ومن لا يشبه قوله فعله!!! .

ـــــــــــــــــــــــــــــــ تحليل لظاهرة المنافق :.... النفاق ظاهرة نفسية , تحليلها النفس هي حين يفقد الشخص هويته الفكرية , تتدنى عنده القيم والمباديْ , بل تصبح القيم والمباديْ وسيلة للوصول إلى الهدف , ( يصبح الفكر مادة بيع وشراء ) هذه اخطر حالة اجتماعية حين تصل الأهداف إلى مستوى أعلى وأفضل العقيدة , فتباع العقيدة من اجل طمع ومادة دنيوية ... وحالة الخطورة في هذه , إن الإنسان المنافق يخسر ذاته ويخسر قسمته , فيكون سعره بما يرمي أليه سيده من فتات الدنيا ...وينظر أليه من قبل الآخرين بعين الاستصغار والنقص , وهذا يسبب له ألم نفسي يؤدي به إلى فقد توازنه ..

وفقد التوازن , تصيب العقل , فيكون المنافق مصاب بعقله .. المنافق قد يكون في عقله انه لبق ويريد أن ينتصر لنفسه ...لكن هذه طريقة خطأ كما يعبر عنها القران , لأنه أحمق يفقد مصداقيته بشكل تدريجي هو يعتقد أن الناس سذج ...وهو لا يعلم حتى الساذج قد يأتي عليه وقت ويفهم ويدرك الحقيقة ..فالمنافق لو استطاع أن تخدع بعض الناس لبعض الوقت لن تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت ..

قال الإمام علي{ع} يصف الأحرار من الرجال ..(عظم الخالق في أنفسهم فصغر مادونه في أعينهم) وقال عليه السلام : " نفاق المرء من ذل يجده في نفسه" معنى هذا هو لا يرى في داخله رصيداً صالحاً فيبحث عن الرصيد الخارجي من ثناء الآخرين ......يقول احد الفلاسفة للأسف الضمائر لم تعد موجودة إلا في درس القواعد واغلبها ضمائر غائبة..عظم الله لكم الآجر في موت الضمير ...!!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 ثم تنتقل الآية إلى قوله تعالى : (ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا) شرح معاني الكلمات في التفسير له أهمية قصوى في معرفة أهداف الآية المباركة .. فقوله تعالى :{ لئن لم ينته المنافقون } : أي عن نفاقهم وهو إظهار الإِيمان وإخفاء الكفر . أما {الذين في قلوبهم مرض } الفاسدون في الزنا والفجور ..

{ والمرجفون في المدينة } : أي الذين يأتون بالأخبار الكاذبة لزعزعة النفوس كقولهم العدو على مقربة من المدينة أو السرية الفلانية قتل أفرادها وما إلى ذلك .{ لنغرينك بهم } : أي لنسلطنك عليهم ولنحرشنك بهم . ثم تقول الآية ..{ ثم لا يجاورنك فيها إلا قليلا } : أي لا يبقون في المدينة إلا قليلا من الأيام ثم يخرجوا منها أو يهلكوا . .. ولكن لم نسمع إن الرسول {ص} أخرجهم أو أبعدهم .. لماذا لم ينفذ الأمر الإلهي ويخلص المجتمع من شرهم .؟.

القصة بسبب نزول الآية هي : أن بعض النسوة اشتكين ما يلقينه من تعرض المنافقين لهن عند خروجهن من بيوتهن , فأمر الله تعالى نساء المؤمنين أن يدنين من جلابيبهن , وعلة ذلك أن يعرفن أنهن حرائر فلا يتعرض لهن المنافقون وكان ذلك إجراءً وقائيا لا بد منه للحفاظ على الأعراض ..

واقسم تعالى :{ لئن لم ينته المنافقون } كانت لهم أعمال كثيرة تسبب أذى أخلاقي وفكري في المجتمع منه ,مرض الشهوة وحب الفجور , آخرين المرجفون أصحاب الإشاعات يختلقون الأكاذيب المرجفة أي المحركة للنفوس كقولهم : العدو زاحف على المدينة ... الخ . هذان صنفان خطران أكثر من الذي يظهر الإيمان ويبطن الكفر .. لذلك يصنف المنافقون إلى صنفين . الغارقون في الفساد والزنا ومعهم المرجفون هؤلاء اخطر المنافقين على المجتمع , أما القسم الثاني الذين يبطنون الكفر ويظهرون الإيمان هؤلاء ضعفاء لا حول لهم ولا قوة فلا يؤثرون في المجتمع .. عندنا منهم الآن كثير ..معروفون

القسم الأول :.. من المنافقين اقتصر نفاقهم على الإيمان فقط ..”أوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغًا“ هؤلاء لا يخشى من تحركهم لان الإسلام لا يجبر احد على الأيمان , حتى المنافق يتركه وشانه ... وهذا لا يزعزع الأمن والاستقرار ..

القسم الثاني :. من يتعدّى هذا الطور إلى الإرجاف , ممن يزعزع الأمن والاستقرار ويفتّ عضد المسلمين، كما جاء في الأثر من أن نزول هذه الآية كان ”في قوم من المنافقين كانوا يرجفون برسول {ص} إذا خرج إلى غزوة يقولون: قُتل وأُسر! فيغتم المسلمون لذلك، ويشكون إلى الرسول{ص}فأنزل الله عز وجل: ”لئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلا " لان هؤلاء اخطر على الأمة من الكافر ..

لذلك كثير منهم توقفوا من الإشاعات والإرجاف , وان كان عدم إبعادهم خارج المدينة لا يكشف انتفاء نفاقهم،خافوا من تهديد الله لهم فكفّوا عن تلك الأفعال وعادوا إلى كتمان نفاقهم. والآية الشريفة إنما قالت: ”لئن لم ينته المنافقون“ ولم تقل: ”لئن لم يؤمن المنافقون“.

فلو تنزلّنا وقلنا أنهم كانوا من المرجفين ولم ينتهوا عن ذلك، فعدم إبعادهم لا يكون دليلا ً على عدم نفاقهم، إذا قد يكون إبقاؤهم في المدينة لحكمة تخرجهم عن الحكم العام تخصيصاً أو ترفعه عنهم نسخاً. وهذا نظير ما نعلم من أن الله تعالى أمر نبيّه {ص} بجهاد المنافقين في قوله عزّ من قائل: ”يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ“ ومع هذا لم نرى ان رسول الله {ص} شنّ عليهم حرباً كما فعل مع الكفار،... ولكن هل يصّح أن يستغبي امرئ نفسه فيقول: ما دام النبي{ص}لم يجاهد المنافقين فمعنى ذلك تبرئة جميع من كان يُرمى بالنفاق من أصحابه بما فيهم عبد الله بن أبي وإلا لجهادهم؟!

رغم ذلك لم تخلص الأمة من شرهم ,وقد قال رسول الله {ص} المصادر السنية : ”إن في أصحابي أثنا عشر منافقاً“ (صحيح مسلم ــ الجزء 8 ــ الصفحة 122). وقد حاول أعداء أهل البيت أن يرموا هذه التهمة على شيعة العراق ..! وأوردوا أحاديث في كتبهم تتحدث عن هجوم شنه الإمام علي بن أبي طالب {ع} على أهل العراق,لأنهم ناصروا أهل البيت {ع} فشتموهم ,لان فيهم جذوة الثورة ورفض الظلم ولم يتقبلوا الحكام المنافقين, ولأنهم أنكروا الإسلام المزيف وعروه في التاريخ .. ولولاهم لاعتقدنا صحة إيمان معاوية وبني أمية , الذي حاولوا الترويج له, و من أولئك الأعداء :

1ـ معاوية : فانه قال للوليد بن جابر الطائي : (انك لتهددني يا أخا طي بأوباش العراق, أهل النفاق ومعدن الشقاق ) [ شرح نهج البلاغة ج16 ص 130]

2ـ الحجاج: فانه قال في إحدى خطبة : (يا أهل العراق, يا أهل الشقاق والنفاق ومساوئ الأخلاق, أما والله لالحونكم لحو العصا, ولاضربنكم ضرب غرائب الإبل) في خطبة أخرى : (يا أهل العراق يا أهل الشقاق والنفاق ، إن الشيطان استبطنكم ...) ويعني استبطنكم علي بن ابي طالب{ع} .. شرح نهج البلاغة ج1 ص 243 ـ 345] .

لو افترضنا صدور مثل هذا الكلام من أحد المعصومين فانه لا يشمل الموالين لأهل البيت{ع} , بل هو خاص بأعدائهم من أهل العراق, فان العراق في ذلك الوقت بعد لم يكن كل أهله من الموالين لأهل البيت, بل فيه الكثير من المعاندين, وعلى هذا الأساس يفسر ما ورد في الزيارة (فقد تآزر عليه من عزّته الدنيا وأطاع من عبادك أهل الشقاق والنفاق) وهم أعداء أهل البيت ولم يقل في الزيارة إن كل أهل العراق أو بعضهم من أهل الشقاق والنفاق, بل إن المطاعين أمثال عبيد الله بن زياد وعمر بن سعد وشمرا المتسلطين من قبل السلطة الأموية هم أهل الشقاق والنفاق .

ثانيا ..منهج أهل البيت(ع) واضح, هو منهج القرآن لا يرى للقوميات والأعراق والبلدان اثر في إيمان أو نفاق الشخص, فقد رفع الإسلام سلمان وأذل أبا لهب, وعلى هذا لا يمكن أن يصدر من أهل البيت{ع} مثل هذا قول, فينسب امة بكاملها إلى الشقاق والنفاق ، وقد حدّد رسول الله (ص) المنافقين في يوم الغدير قال : (ألا إن أعداء علي هم أهل الشقاق والنفاق, والحادون وهم أخوان الشياطين) [الاحتجاج ج1 ص79 ]. وقد ذكر ذلك الحسين {ع} يوم عاشوراء في خطبته .." ويحكم أهؤلاء تعضدون ، وعنا تتخاذلون ، أجَلْ والله غدرٌ فيكم قديم ، وشجت عليه أُصولكم ، وتآزرت فروعكم ، فكنتم أخبث ثمر شجٍ للناظر ، وأكلة للغاصب . ألا وإنّ الدعي بن الدعي ـ يعني ابن زياد ـ قدْ ركز بين اثنتين ، بين السلة والذلّة ، وهيهات منّا الذلّة ، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون ، وحُجور طابت وطهرت ، وأُنوف حمية ، ونفوس أبية ، من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام ، ألا وإنّي زاحف بهذه الأسرة على قلّة العدد وخذلان الناصر ) .لم لَــم أنـسَـهُ إذ قـامَ فـيهم خـاطباً فــإذا هُــمُ لا يَـمـلِكُونَ خِـطـابا= يَـدعو ألَـستُ أنـا ابـنُ بـنتِ نبيِّكم ومَـلاذَكُـم إن صَــرفُ دَهـرٍ نـابا =هَـل جِـئتُ فـي ديـنِ الـنبيِّ بِبدعةِ أم كُـنـتُ فــي أحـكـامهِ مُـرتابا = أو لَــم يــوصِّ بِـنا الـنبيُّ وأودَعَ الـثّـقلينِ فِـيـكُم عِـتـرةً وكِـتـابا =إن لَــم تـديـنوا بـالمَعادِ فَـراجِعوا أحـسـابَـكم إن كـنـتـمُ أعـرابـا =فَـغَدوا حَـيارى لا يَـرَونَ لِـوَعضهِ إلا الأســنَّـةَ والـسّـهـامَ جَـوابـا ,

الحمد لله رب العالمين 

 

 

 

 

اقرأ ايضاً

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.51638
Total : 100