ورد تعبير الهيئات المستقلة ضمن الدستور العراقي لعام 2005 وخصصت لها عدة ابواب توضح احكامها وطبيعة عملها ومنها المحكمة الجنائية العليا الهيئة الوطنية لاجتثاث البعث، هيئة حل النزعات الملكية، مفوضية الانتخابات، هيئة النزاهة، ديوان الرقابة المالية، البنك المركزي العراقي، مفوضية حقوق الانسان الخ .
فهذه الهيئات وعددها 29 هيئة لم تكن لها اهمية تذكر في الدساتير السابقة منذ تآسيس الدولة العراقية عام 1921 وكانت تسمى في الدستور منذ عام 1968 وما تلاها (الجهات غير المرتبطة بوزارة).
ومن المفروض ان تكون هذه الهيئات مستقلة فعلا وبعيدة عن الارادة الحكومية وبعيدة عن التوازنات السياسية او مساومات الكتل السياسية، وكان من المفروض ان يتبوأ مناصب هذه الهيئات من هم يمتلكون الخبرة واصحاب الكفاءات والمهنية العالية والمشهود لهم بالحيادية غير المنحازه لهذا الطرف السياسي، لكي يمارسوا اعمالهم دون الخضوع لتآثيرات وضغوط السلطات الحكومية والحزبية، ونذكر جميعا ما آلت اليه تلك الهيئات. ان الذين يتولون مسؤولية هذه الهيئات من هم بدرجة وزير يخضعون لنفس الطريقة التي تتبع في مساءلة واستجواب الوزير الحكومـــــــي وفقا لاحكام الماده 61 من الدستور لعام 2005 .
لذا نرى ان الاصلاحات الحالية التي يقودها رئيس الوزراء حيدر العبادي، من تغيير الحقائب الوزارية لن تكون متكاملة ما لم ترافقها تغييرات جوهرية في مناصب وهيكلية الهيئات المستقلة والتي تدار منذ عهد المالكي وحتى الان بالوكالة ويتفرد بها حزب واحد، فلا بد من وجود توازن وطني، واتفاق مبدئي بين الكتل السياسية لآشغال رئاسة هذه الهيئات بكفاءات حقيقية، وان يجري توزيعها بعيدا عن المحاصصة الحزبية مع ضرورة اشراك جميع المكونات في تسلم المناصب ونخص منهم بالذكر المكون المسيحي والتركماني وانتهاج طريقة اخرى غير التي كان يتعامل بها المالكي خلال فترة ولايته.
أننا بحاجة ماسة الى آجراء تغيييرات واسعة في آشغال مناصب، وتغيير هيكلية هذه الهيئات وتنشيط عملها وفق التوازن للمكونات السكانية وفق الاتفاق السياسي التي تشكلت بموجبها حكومة حيدر العبادي.
وهنا نؤكد مجددا ان عملية الاصلاحات والتغييرات المرتقبة في الوزارات الحكومية لا يمكن لها ان تكتمل منهجا وشخوصا دون ابعاد الشخصيات القديمة الكالحة والتي اثبتت فشلها وفسادها طيلة سنوات الاحتلال، ودون تغييرات حقيقية داخل الهيئات المستقلة واستبدال شخوصـــــــها بكفاءات وشهادات راقية لاجل تحقيق التمثيل الحقيقي لها بعيدا عن تآثيرات السلطة الحكومية او ضغوط الكتل السياسية المتنفذة عليها. ومازال الشعب العراقي ينظر بتفاؤل يملوه الامل بآجراء تغييرات حقيقية واسعة في كل مؤسسات الدولة وحتى درجة (مدير عام) لأجل أنقاذ العراق من المنزلق الخطير وان يرسو الى شاطئ الامان فاعملوا سيـرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون.
مقالات اخرى للكاتب