سمعتها من الكثير هذه الايام، ونحن نقترب من عتبة الانتخابات البرلمانية مجددا، ليس لنا الا "ابو اسراء".
والاصدقاء الذين يفضلون ابو اسراء على غيره من السياسيين هم اكثر المتذمرين من اعوام حكمه الثمانية، للحد الذي جعلني اشعر وكأنني امام مفارقة مسلية، ان اعرف لماذا يقوم البعض باعادة اختيار المعاناة لانفسهم بهذه السطحية.
فالفساد الاداري بحسب احصائيات المؤسسات الحكومية بلغ في اعوام حكم السيد المالكي الثمانية اكثر بكثير من ما حصل من فساد في تاريخ الدولة العراقية منذ نشأتها في العام 1921 الى اليوم.
والوضع الامني شهد مصرع مئات الالاف على ارصفة الشوارع، الامر الذي لم يحصل، بحسب احصائيات الوزارات المختصة، منذ نشوء الدولة العراقية الى اليوم ايضا.
تفتيت الدولة وتوزيع صلاحياتها على العشائر، تحت مسميات مجالس الاسناد والصحوات، وتشكيل امارات الاقضية والنواحي، بما يجره ذلك من تعطيل القانون، وتباطؤ البرامج الخدمية، والتحلل التدريجي في عمل الدوائر الرسمية، الامر الذي لم يشهده العراق منذ تأسيسه الى اليوم ايضا.
فضلا عن تفتيت البلد لكانتونات اثنية - طائفية مازالت تقود لموجات هجرة ونزوح سكاني لم يجر للمواطن سوى الارباك المعيشي على صعيد السكن والدراسة وايجاد فرص العمل.
فضلا عن كل هذه المصاعب الحياتية، فان الاخوة المتدينون يعون ان السيد المالكي قد تنازل (من اجل المنصب) كليا عن الدعوة لحكم الله والشريعة (الاسلام) وانخرط بخدمة حكم الشعب (الديمقراطية)، والديمقراطية تتعارض في جوهرها مع حكم الشريعة، باعتبار الشريعة هي النصوص المقدسة التي امر الله بتنفيذها، اتقاءا لنار جهنم، بينما الديمقراطية هي حكم اراء الناس التي قد تكون في اغلب اوقاتها منافية للشريعة ومتعارضة اساسا مع حكم الله، فكيف يثقون برجل يفتقد اساسا لمبدأ؟
بالمقابل، فقد حاولت ان اجد للسيد المالكي، او لسنينه الثمانية، ثمة فضيلة واحدة غير الشعارات السياسية، فلم اجد، اي ان كل ما باعه من بضاعة لاصدقائي من محبي "ابو سريوة" مقابل الحصول على اصواتهم الانتخابية، هو كلام في كلام.
لماذا يا ترى تترك الغالبية من هؤلاء، البرامج السياسية الناضجة، وتعيد انتخاب نفس المعاناة اذا؟؟؟!!!
دور الادارة الامريكية:
يبدو واضحا من موقف الادارة الامريكية، وطريقة حفظ التوازنات في الخارطة السياسية الراهنة، بان الادارة الامريكية تفضل بقاء المالكي في الحكم للسنوات الاربع القادمة.
والدعم الامريكي لا يتسم ابدا بالحذلقة، وهو واضح على الدوام، وبامكان قراءته بسهولة، فعلى سبيل المثال، تخيل معي لو كان ما حدث في الانبار والحويجة بعد ضرب ساحات الاعتصام السلمية، وتحويل المواجهات الى حرب عسكرية، لو حدث في بلد اخر، مثل الصين، روسيا، فنزويلا، او اي نظام اخر خارج عن مدار العم سام، هل سيكون رد الفعل الامريكي هو نفس هذا الدعم والتبرير للعملية العسكرية؟ بالتأكيد لا.
لماذا يقف الامريكان مع تجديد ولاية المالكي لفترة ثالثة، ذلك راجع لحسابات المصالح الامريكية التي ليس لي الخوض فيها. فهم لا يتأثرون، مثل عشاق ابو سريوة بسوء الخدمات ولا بالتدهور الامني، ولن يضرهم تفشي الفساد والاختلاس، ولن يعانوا من التهجير والاستقطاب الطائفي-العرقي.
ما يهمنى فقط هو ان انوه الى دور المؤسسات الاعلامية القوي وقدرتها على ان تجعل البعض يعيش في خدر مبهم، فهو الذي يفقد اعز افراد عائلته بتفجير في الشارع بسبب عدم كفاءة نوري المالكي بالتصدي للارهاب، ولكنه في نفس الوقت يعيد بنفسه انتخاب نفس المأساة، لانه، وكما يقول، بسبب ضغط الماكنة الاعلامية، التابعة للادارة الامريكية، ليس له الا ابو سريوة!
مقالات اخرى للكاتب