بعدعناء وشقاء وإنتظار تحررت الفلوجة من دنس داعش ورفرف علم العراق عاليا خفاقا فوق أسطح مجمعها الحكومي، تحقق النصر بفعل بسالة وبطولة المقاتلين الشجعان في الجيش والشرطة والحشدين العشائري والشعبي وتعاون المواطنين في المدينة الذين إبتلوا بمصادرة مدينتهم الجميلة وأستحقار المقيمين فيها من خلال فرض الأحكام الجائرة البعيدة كل البعد عن الأسلام.
الفلوجة مدينة باسلة بحق فهي عصت من قبل على الجيش الاميركي عندما اراد أستبحاتها ومعاقبة أهلها على مقتل اربعة من مرتزقة بلاك ووتر، يومها تحالف العراقيون بكل مسمياتهم لنصرتها وهو ماحصل، وعندما عادوا اليها بواسطة داعش وأستباحوا مآذنها ومساجدها وبيوتاتها العربية الأصيلة حاولت ابواق الشر والعدوان أن تمسحها من ذاكرة العراقيين بتحويلها الى رئة دولتهم المزعومة وجعلوها قاعدة لمؤامرة تقسيم العراق التي يشترك فيها من هم محسوبون على العراق ظلما وبهتاناً.
وقد تحررت الفلوجة بسواعد الأبطال وفي المقدمة منهم الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي الذي نال لقلب رومل العرب وآخرون في قيادة الجيش والقوات المتجحفلة معها، وفي شهر رمضان الفضيل، فأنها والله أجمل هدايا عيد الفطر المبارك، ومهما كان خلاف الناس مع الحكومة في المظالم والخدمات والفساد، فهي قد سجلت ضربة جزاء لا غبار عليها في مسيرتها المتعثرة، وفي مثل هذه الآنتصارات يجب أن يكرم الأبطال قبل أن يتوارى دخان المعارك، كنا ننتظر من القائد العام للقوات المسلحة مرسوماً بتكريم القادة والمقاتلين، لكي نعطي للنصر عنفوانه وطعمه ونباهي به من لايتمناه، ولكي يكون دافعاً للجميع في بذل التضحيات ونحر القرابين حتى يتحرر كل شبر من أرض العراق، الفرصة مازالت مؤاتية ولا تحتاج سوى الى مرسوم عاجل.
وعندما نتحدث عن الفلوجة لا ننسى النازحين المشردين من بيوتهم في هذا الصيف القائض ومعاناة العوائل في الحصول على السكن والعيش البسيط، ولحين عودتهم المباركة الى مدينتهم المحررة، ينبغي ان تتضافر الجهود والهمم في الدولة والحكومة ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات العربية والدولية لكي تساعد هؤلاء في محنتهم، لا يكفي عرض أفلام وصور معاناتهم عبر شاشات عدد من الفضائيات وأجهزة الاعلام، على الحكومات العربية والاسلامية بشكل خاص والتي تباكت على أهل الفلوجة والانبار أن تمد يد العون لهم وتساعد في توفير الحد الادني من متطلبات الحياة الكريمة، وهي إن لم تقف بحزم في ظروف كهذه متى إذن تحلل الأموال الطائلة التي تكتنزها في أميركا وأوربا بخاصة ونحن في رمضان المبارك.
لا ينحصر الموضوع بعودة النازحين فحسب، إنما لابد من وضع الخطط وتخصيص الأموال اللازمة لأعادة بناء ماخربته الحرب وما هدمته معاول داعش في البنى التحتية للمدينة، لذا أقترح على رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية أن يبادرا الى ارسال الوفود الدبلوماسية والاقتصادية الى دول العالم المختلفة المساهمة في التحالف ضد مايسمى بالدولة الأسلامية لجمع الأموال الضرورية للبدء في إعادة إعمار المدن المتضررة في الانبار علاوة على جهد الدولة وما تتمكن من تخصيصه من أموال للغرض نفسه.
المنظمة الدولية لشؤون اللاجئين تقول إن أعداد اللاجئين في العراق إزدادت الى أكثر من أربعة ملايين عام 2016 وهو رقم كبير بالتأكيد، وبناء عليه لابد من جهود مضاعفة وأستثنائية لإعادة اكبر عدد من النازحين الى بيوتهم مع قرب عمليات تحرير الموصل.
مبارك للعراقيين تحرير الفلوجة وقبلها تكريت والرمادي فليكن النصر بوابة لوحدتنا وتضامننا في بناء العراق الجديد الموحد العصي عن التقسيم مهما تكالبت المؤامرات.
مقالات اخرى للكاتب