Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
بناء الكعبة وتاريخها.. تفسير القران – بحث للمنبر الحسيني
الأربعاء, تموز 23, 2014

بسم الله الرحمن الرحيم

{رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ المُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ }  (إبراهيم‏:37)‏

 

             الآية الكريمة من سورة إبراهيم {ع} ‏,‏ سميت باسم أبي الأنبياء إبراهيم {ع}  تكريما لدوره في الدعوة إلي دين الله تعالى .. وهو الإسلام .. ولو تلاحظ ان النتائج التي تحققت من سفر إبراهيم {ع} وزوجته هاجر من العراق إلى الحجاز , هي الآن احد أركان الدين الإسلامي { الحج} ...

        والقصة برمتها تبين إن بناء الكعبة المشرفة , هي غاية عند الأنبياء للتوحيد وعبادة الله تعالى , وبناء مكان يكون مخصصا لعبادة الله , والتوجه أليه وقت الصلاة ... ثم انحرف الناس عن ملة التوحيد  فعبدوا الأصنام والأوثان وأشركوا بالله ‏.‏ فبعث الله تعالى  نبيه إبراهيم {ع} ليردهم إلي الإسلام من جديد‏.‏                     

                        يدور محور السورة حول قضية العقيدة الإسلامية ومبادئها الإيمان بالله تعالى وملائكته‏,‏ وكتبه‏,‏ ورسله‏,‏ .. القصة تشير إلى وجود ملائكة , هم الذين بلغوا إبراهيم بوجوب التحرك إلى هناك , ولولا هذه الرحلة , لا توجد مكة ولا قبلة ..ولا فريضة حج .. لذلك بدأت الآية بقوله تعالى :..﴿ الـر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ) ..‏

هناك إشارات كونية في سورة إبراهيم{ع} نقف عندها :

‏(1)‏ الإشارة إلى حقيقة أن لله ما في السماوات وما في الأرض‏,‏ والعلوم الكونية تحتم وجود مرجعية للكون خارج نطاق هذه المجموعات الشمسية , تحكم كل صغيرة وكبيرة فيه‏.‏

‏(2)‏ تأكيد أن الله تعالى هو خالق السماوات والأرض‏,....وان العلوم المكتسبة تثبت أن الكون ليس أزليا‏,‏ ولا أبديا‏,‏ بل له بداية , وكل ما له بداية لابد أن ستكون له في يوم من الأيام نهاية‏.‏

‏(3)‏ التعبير عن دورة الماء حول الأرض بوصف إنزاله من السماء‏,‏ وإلي إخراج الثمرات رزقا للعباد بإنزال الماء إلي الأرض‏.‏وهذه العلوم لم تكن معروفة ذلك الوقت ...

‏(4)‏ وصف تسخير الفلك لتجري في البحر بأمر الله‏,‏ وتسخير الأنهار لتجري بالماء العذب‏,‏ وتكون وسطا ملائما لمختلف أنواع الحياة التي لا تحيا إلا فيه‏,‏ كما تحمل العباد وأمتعتهم وتجارتهم من مكان إلي آخر‏,‏ وفي ذلك إشارة إلي تعدد نعم الله علي عباده‏.‏

‏(5)‏ منها استجابة الله ـ سبحانه وتعالي ـ لدعوة نبيه إبراهيم{ع} من أجل عمران مكة المكرمة‏,‏ وفيض خيرات الأرض إليها‏,‏ وقد تحققت هذه الدعوة بالفعل‏.‏حين قال ليقيموا الصلاة .. الخ .

‏(6)‏ الإشارة إلي حتمية استبدال أرضنا بأرض جديدة‏,‏ واستبدال السماوات المحيطة بنا بسماوات غيرها‏,‏ والعلوم المكتسبة ترجح ذلك وتدعمه‏.‏....كل قضية من هذه القضايا تحتاج إلي معالجة خاصة بها‏,‏

ـــــــــــــــــــــ  .. ‏السكــن.. معنى السكن: وهو قوله تعالى إني أسكنت ... في القران الكريم  عبارات حول مأوى الإنسان, مكان استقراره ومكان نومه , ومدينته وداره ... لكل منها معنى خاص ..

كلمة دار والبلد والقرية والسكن ، كلها تعني المنطقة التي يأوي أليها البشر، ولكن لكل واحد من هذه الكلمات ميزاتها. مثلا معنى الدار تعني مكان خاص يحاط به { السور أو يحيطه  الزمان} ، أو ما أشبه . وإحاطة السور هو المعني بكلمة دار ، " فالدار أعم من البيت.  المدينة دار لأنها يحيط بها سور، والدولة أيضا دار لأنها محاطة بالحدود المحروسة،نسميها دار الإمارة الفلانية لان الحاكم تمتد صلاحيته خارج البناية التي يقيم فيها إلى آخر منطقة بالبلد فتسمى دولة ... .. والوطن دار لأنه محمي بما يحفظه ، له حدود وسور خاص معنوي ومكاني ..والدنيا دار لأنها محل إقامة يدور بها وحدودها من الولادة حتى الوفاة، والآخرة دار لأنها كذلك وحدودها من الوفاة حتى الخلود.

ولا يطلق على شيء من ذلك البيت. بلى؛ السكن يطلق على محل سكن الإنسان، حتى ولو كان نهارا فقط. الفندق يسمى سكن .. نقول في سفرنا الى المدينة سكنا في الفندق الفلاني ..والمدرسة أثناء الدراسة فيها مكان يسمى سكن الطلاب.. ولكنه ليس بيت مطلقا ...أما القرية؛ فأصل الكلمة تدل على الاجتماع، وإنما سميت القرية قريـة، لاجتماع الناس فيها. ويقولون: قريت الماء في المقراة :جمعته.

يبدو ان الدار أعم من القرية، والقرية أعم من السكن، والسكن أعم من البيت. فالبيت حيث ينام الإنسان وهو اخص واهم  مواقع تواجد البشر، فأهله هم الأقربون أليه .... إذن السكن يمكن أن نطلقه على المكان الذي ناوي أليه لفترة محدودة .. صحيح هو أشبه بالبيت , ولكن ربما يطلق على مكان العمل  سكنا ..

     والآية قالت :..  ﴿ رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ المُحَرَّمِ... ﴾: أي سكن معناه المأوى لعائلة إبراهيم , وليس دار غير مبنية ولا مسيجه .. وحرف من للتبعيض , إشارة إلي أن بعضا من ذريته هم الذين أسكنوا في مكة المكرمة وهم ولده إسماعيل {ع} وذريته التي جاء منها خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد {ص}  وكان الله تعالى  قد أمر نبيه إبراهيم بوضع زوجه هاجر ورضيعها إسماعيل عند مكان البيت الحرام الذي تهدم‏,‏بسبب الطوفان وغمره الوحل حتى لم يبقى له اثر يمكن ان يستدل عليه .

ولكن قواعده بقيت تحت الطين – القشرة الأرضية التي حدثت بسبب الطوفان - ‏ فجاء بهما إبراهيم{ع} من بلاد الشام إلى مكة المكرمة‏,‏ وعمره 86 سنة ,وأسكنهما في هذا الوادي غير ذي الزرع‏,‏ انصياعا لأمر الله تعالى ‏ ولم يكن بمكة يومئذ أنيس من الناس‏,‏ ولا ماء للشرب‏,‏ ولا زراعة ولا نبت إلا بعض الأشجار الشوكية‏.‏ فترك لهما إبراهيم جرابا فيه شئ من التمر‏,‏ وسقاء به قدر من الماء‏,‏ ثم قفل راجعا في طريقه إلي بلاد الشام‏,‏ فتبعته زوجته السيدة هاجر.. كانت تبكي  وهي تقول‏:‏ يا إبراهيم‏:‏ أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه أنيس ولا ماء‏,‏ ولا شيء؟ ..رددت مقولتها هذه مرارا‏,‏ وهو يلتفت إليها‏ ولا يتكلم ,‏ ولعلمها أنه نبي مرسل قالت له‏:‏ آلله أمرك بهذا؟ فأدار وجهه أليها  وأجابها بنعم‏,‏ الله أمرني أن آتي بك وابنك وأتركك هنا في هذه الصحراء القفرة .. هنا انطلق أيمانها العميق بالله تعالى  قالت‏:‏ إذن لا يضيعنا‏ الله ...

                 وغادر إبراهيم المكان وهي تودعه ..‏ ثم رجعت إلي رضيعها‏,‏ وهي مطمئنة القلب‏,‏ طيبة النفس‏,‏ راضية بقدر الله تعالى وعظيم رحمته‏.‏ وانطلق نبي الله إبراهيم حتى  وصل إلى الثنية‏(‏ المنعطف‏)‏ من وادي مكة.. كان قلبه متعلقا بزوجته الشابة وولده اللذان تركهما في هذه الصحراء ..توقف , ثم التفت و استقبل بوجهه مكان البيت الحرام ورفع يديه إلي السماء داعيا بهذا الدعاء الكريم الذي سجله القران الكريم قائلا { ربنا إني أسكنت من ذريتي بوادي غير ذي زرع عند بيتك المحرم } ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

          ثم غادر المكان راجعا عنها , كل ما تركه عندها قربة ماء , وطعام قليل جدا .. ولكن أيمانه كبير إن لله شان عظيم بهذه الرحلة المباركة ,بقيت هاجر فترة أيام معدودة نفذ ماءها , وهو عصب الحياة , وهذا الوادي ليس فيه ماء .. هنا بدأت المحنة الكبرى .. الماء نفذ ..‏ وعطشت هي ورضيعها‏,‏ لا يمكنها أن تبقى جالسه , لا بد أن تبحث عن ماء ,فانطلقت تجري وهي لا تعرف أين تتجه .. لا بشر ولا زوج ولا ماء , ولا اثر للحياة هنا في هذا المكان .. فتوجهت إلى أقرب جبل منها وهو الصفا لتنظر من فوقه هل تري أحدا قادما‏,‏ أو طيرا حافا بشيء من الماء‏,‏ ثم هبطت وسعت سعي الملهوف , حتى أتت المروة فقامت عليها‏,‏ فلم تر قادما‏,‏ , عادت مرة أخرى ..فعلت ذلك سبع مرات‏,‏ وتعظيما لهذا الموقف الكريم كانت فريضة السعي بين الصفا والمروة علي كل حاج ومعتمر‏.‏ليعرف كم عانت تلك المرأة , ويبين موقف آل الأنبياء كيف خدموا البشرية وما قدموه من جهد عظيم في رفع راية الله ..

          بنهاية الشوط السابع أرسل الله تعالى  إليها جبريل {ع} هبط إلى الأرض , ليطمئن قلبها  مستجيبا لطلبها الماء‏,‏ فضرب الأرض بجناحه أو بعقبه فتفجرت من مكان جناح جبرائيل عين ماء , عين زمزم‏,‏ وفار منها الماء‏,‏ .. وقفت تنظر وهي في دهشة من استجابة الله لطلبها .. والله وحده الذي يعلم كم مرة رفعت يدها لله تعالى تطلب ماء .. حين رأت الماء , فرحت السيدة هاجر بذلك فرحا شديدا‏,‏وركضت نحو قربتها  وجعلت تملأها بالماء‏,‏ وتزم رأس العين حتى لا يتسرب ماؤها في أرض وادي مكة‏,‏ أي عملت له حوضا , ومن هنا سميت باسم زمزم‏,‏ فقال لها جبريل {ع}  "لا تخافي الضيعة فإن هاهنا بيت الله‏,‏ يبنيه هذا الغلام وأبوه‏,‏ وإن الله لا يضيع أهله‏" ..

       هذا تسديد السماء لام إسماعيل ..‏ وهناك موقف أخر لجبرائيل في تسديد نساء أخريات بهذه الدرجة .. وهي أم عيس مريم عليهما السلام .. { فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا} ( فاتخذت ) فضربت ( من دونهم حجابا ) قال ابن عباس : سترا . وقيل : جلست وراء جدار .... قصة مريم {ع} إنها  تكون في المسجد عادة,  فإذا حاضت تحولت إلى بيت خالتها ، حتى إذا طهرت عادت إلى المسجد ، فبينما هي تغتسل من المحيض وقد تجردت ، إذ عرض لها جبريل في صورة شاب  وضيء الوجه  سوي الخلق ، فذلك قوله :  ( فأرسلنا إليها روحنا ) يعني : جبريل عليه السلام ( فتمثل لها بشرا سويا ) ... ورأي آخر هو  الروح عيسى {ع} ، جاء في صورة بشر فحملت به.. والأول أصح انه كان جبرائيل ..فلما رأت مريم جبريل يقصد نحوها نادته من بعيد : ( قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا ) مؤمنا مطيعا خائفا من الله .. ولو كان كما توقعته انه شاب من شباب بني إسرائيل يجب ان يعود ويرجع .لان الاستعاذة عادة تقال للفاجر .. مثل الاعاذة من الشيطان  ,قالت : إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا؟  قيل : هذا كقول القائل : إن كنت مؤمنا فلا تظلمني . أي : ينبغي أن يكون إيمانك مانعا من الظلم ، وكذلك هاهنا . معناه : وينبغي أن تكون تقواك مانعا لك من الفجور . ( قال ) لها جبريل : ( إنما أنا رسول ربك لأهب لك ) أي : ليهب لك ربك ، , لاحظ هنا : " لأهب لك " أسند الفعل إلى الرسول  وهو جبرائيل , ، وإن كانت الهبة من الله تعالى ، لأنه أرسل به . ( غلاما زكيا ) ولدا صالحا طاهرا من الذنوب . ( قالت ) مريم ( أنى ) من أين ( يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ) لم يقربني زوج ( ولم أك بغيا )فاجرة؟ تريد أن  تقول :.. الولد يكون من نكاح أو سفاح ، ولم يكن هنا واحد منهما . فَقَالَ لَهَا الْمَلَك َمُزِيلًا لِمَا حَصَلَ  مِنْ الْخَوْف عَلَى نَفْسهَا لَسْت مِمَّا تَظُنِّينَ وَلَكِنِّي رَسُول رَبّك أَيْ بَعَثَنِي اللَّه إِلَيْك...ثم َعَادَ إِلَى هَيْئَته .

 

 

ـــــــــــ إذن هاجر جاءها جبرائيل , وضرب بجناحه مكان معين فانفجر الماء , ومع فوران عين زمزم فاضت مياهها في الوادي‏,‏ وجاءتها الطيور من كل صوب وحدب معلنة عن وجود الماء‏.‏

وبينما أم إسماعيل ورضيعها في هذه الحال مر بالمنطقة { ركب من قبيلة جرهم } قادمين من الشام بتجارة لهم‏,‏ وهم في طريقهم إلي اليمن‏,‏ فرأوا طيورا تحوم حول وادي مكة فأدركوا أن عينا من الماء قد تفجرت فيه‏,‏ فأسرعوا الخطي إلي محط الطيور‏,{ انحرفت مسيرة القافلة مسافة بعيدة عن سيرها } , حين وصلوا المكان فوجئوا بوجود امرأة وحدها في تلك الصحراء ومعها طفل ..فاستأذنوا أم إسماعيل بالنزول علي الماء فأذنت لهم‏,‏.. هنا تحققت إرادة إلهية غير متوقعه من هاجر أن يبقى عدد من رجال ونساء القافلة , وبعثوا إلي اليمن من أتاهم بأهلهم إلي وادي مكة ... هكذا وبإرادة إلهية تحولت البقعة التي تسكنها هاجر وولدها إلى مقصدا للكثيرين , بعد أن شاع خبر تفجر ماء زمزم فيه‏,‏وصار الناس يفدون أليه..  وتكاثر الناس في هذا الوادي وشعابه استجابة لدعوة نبي الله إبراهيم ـ عليه السلام‏.‏

       بعد أن بلغ إسماعيل أشده تزوج من قبيلة جرهم زيجتين‏,‏ إحداهما بعد الأخرى‏.‏ ثم جاء أمر الله ـ تعالي  برفع القواعد من البيت‏,‏ فعاد إبراهيم إلي مكة المكرمة وتعاون مع ولده إسماعيل على إعادة بناء الكعبة المشرفة ورفعها من قواعدها‏,‏ ولما تم لهما ذلك رجع إبراهيم إلي أرض فلسطين المباركة‏,‏ تاركا ولده إسماعيل يرعي بيت الله‏,‏ حتى أمره الله  تعالى  بدعوة قومه إلي دين الله‏,‏ وهو الإسلام العظيم ..

ـــــــــــــــــ  أول من جاء بالأصنام إلى الكعبة وكيف عبدوا الصنم :....عاش أهل مكة على التوحيد حتى جاءهم أحد التجار الذي كان يتردد على الدول بحكم سفراته التجارية ..يدعي عمرو بن لحي الخزاعي الذي أضل الناس  بعبادة الأصنام التي كان قد جلبها إليهم من بلاد الشام‏.‏ وكأي دعوة باطلة انتشرت عبادة الأصنام والأوثان‏,‏ وعبادة النجوم والكواكب‏,‏ وعبادة غيرها من الوثنيات المبتدعة انتشارا واسعا في جزيرة العرب ونسيت دعوة كل من إبراهيم وولده إسماعيل ـ عليهما السلام ـ وإن بقيت قلة نادرة من حنفاء العرب يذكرونها‏,‏ ولا يستطيعون الدعوة إليها وسط ركام الوثنيات المبتدعة‏.

   حقيقة القصة إن عمر بن لحيي أصيب بمرض جلدي , فزار الشام وهناك وجد قوما يعبدون أصناما , وأهل مكة لا يعرفون هذه العبادة , فسألهم :. ما هذه الأصنام التي تعبدونها ..؟ قالوا: إنها تنفعنا في حياتنا , إذن هي للنفع وليس للخلقة التكوينية ,وعمر ليس إنسان عادي, فخزاعة وليت البيت يتوارثون ذلك كابرا عن كابر، حتى كان آخرهم حليل بن حبشية الخزاعي، الذي تزوج قصي بن كلاب ابنته اسمها حبى ، فولدت له بنيه الأربعة: عبد الدار، وعبد مناف، وعبد العزى، وعبدا...استمرت خزاعة على ولاية البيت نحوا من ثلاثمائة سنة. وقيل: خمسمائة سنة، وفي ولايتهم أي في زمانهم كان أول عبادة الأوثان بالحجاز، وذلك بسبب رئيسهم عمرو بن لحي , فإنه أول من دعاهم إلى ذلك وكان ذا مال جزيل جدا.

ـــــــــــــــــ دور التجار في تحديد شكل الدين :..... يقال: إن عمر بن لحيي  فقأ أعين عشرين بعيرا وذلك عبارة عن أنه ملك عشرين ألف بعير، وكان من عادة العرب أن من ملك ألف بعير فقأ عين واحد منها، لأنه يدفع بذلك العين عنها....ذكر السهيلي: أنه ربما ذبح أيام الحجيج عشرة آلاف بدنة، وكسى عشرة آلاف حلة للفقراء ، في كل سنة يطعم العرب، ويحيس لهم الحيس بالسمن والعسل، ويلت لهم السويق.... حتى أصبح  قوله وفعله فيهم كالشرع المتبع لشرفه فيهم، ومحلته عندهم، وكرمه عليهم.

قال ابن هشام: حدثني بعض أهل العلم: أن عمرو بن لحي خرج من مكة إلى الشام في بعض أموره، فلما قدم مآب من أرض البلقاء، وبها يومئذ العماليق، وهم ولد رجل اسمه عملاق بن لاوذ ، بن سام بن نوح، رآهم يعبدون الأصنام، فقال لهم: ما هذه الأصنام التي أراكم تعبدون؟ قالوا له: هذه أصنام نعبدها فنستمطرها فتمطرنا، ونستنصرها فتنصرنا، فقال لهم: ألا تعطوني منها صنما فأسير به إلى أرض العرب فيعبدونه؟ فأعطوه صنما يقال له: هبل، فقدم به مكة فنصبه، وأمر الناس بعبادته وتعظيمه. ويقال انه اشتراه من العراق شمال نهر دجله .. تحديدا الآن من تكريت فحمله وكانت يده اليمنى مكسورة فصنع لها يدا من ذهب .. لم يبقى الأمر إلى هذا الحد ... هنا أصبحت إرادتان .. إلهية وشرك ..

        كان أهل مكة جرهم وخزاعة وغيرهم يعبدون الله على دين الحنيفية , ولم يكن هناك صنم في مكة .. يسمونهم الأحناف .. الأحنف لها معنيين .. الأول هو الرجل الذي التوت قدمه يسمى أحنف .. الثاني :.. المتعبد الذي لا عوج فيه كما في قوله تعالى  { ملة إبراهيم حنيفا }

يزعمون أن أول ما كانت عبادة الحجارة في مكة ، أنه كان لا يظعن من مكة ظاعن منهم حين ضاقت عليهم الأماكن ، والتمسوا الفسح في البلاد ... وحين يبعد احدهم ببيته من الكعبة .. حمل معه حجرا من حجارة الحرم تعظيما للحرم ، فحيث ما نزلوا وضعوه فطافوا به كطوافهم بالكعبة، حتى وصل بهم الحال بعد أجيال  أن كانوا يعبدون ما استحسنوا من الحجارة، وصار بعضهم يتفنن بصنمه أن يجعل منه شكل شيْ يتالفه مثل بعض الحيوانات , كالأسود والصقور والبهائم ..عن أبي رجاء العطاردي قال: كنا في الجاهلية إذا لم نجد حجرا جمعنا التراب، وجئنا بالشاة فحلبناها عليه ثم طفنا بها......  هكذا استبدلوا بدين إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام غيره، فعبدوا الأوثان وصاروا إلى ما كانت عليه الأمم قبلهم من الضلالات، وفيهم على ذلك بقايا من عهد إبراهيم {ع}  يتمسكون بها من تعظيم البيت، والطواف به، والحج والعمرة والوقوف على عرفات والمزدلفة، وهدي البدن والإهلال بالحج والعمرة، مع إدخالهم فيه ما ليس منه. فكانت كنانة وقريش إذا هلوا قالوا:{  لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك، تملكه وما ملك.}  فهم يوحدونه بالتلبية ثم يدخلون معه أصنامهم، ويجعلون ملكها بيده. يقول الله تعالى{ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ } [يوسف: 106] وأول من لبى هذه التلبية عمرو بن لحي , واتبعه العرب في ذلك. وكان رسول الله {ص} كان إذا سمعهم يقولون: لبيك لا شريك لك، يقول: « قدِ قدِ ». أي: حسب حسب.

عن النبي {ص} قال: « إن أول من سيب السوائب وعبد الأصنام أبو خزاعة عمرو بن عامر وإني رأيته يجر أمعاءه في النار ».وهذا يقتضي أن عمرو بن لحي هو أبو خزاعة وهو زعيم من حكم مكة .. عن الزهري قال: البحيرة: التي يمنع درها للطواغيت فلا يحلبها أحد من الناس، والسائبة: التي كانوا يسيبونها لآلهتهم لا يحمل عليها شيء.أصبحت سائبة لأنها تابعة للصنم .....

ــــــــــــــــــــــ الغاية من الهجرة العظيمة :...  يتصور البعض أن الله تعالى أمر إبراهيم {ع}  بوضع زوجته هاجر ورضيعها إسماعيل عند البيت الحرام لكي يعيدا بناءه من القواعد بعد أن يبلغ إسماعيل أشده‏,‏ويأتي الناس لحجه والتبرك به , وتبادل التجارة ...هذا صحيح‏ هو جزء من المهمة ...,‏ ولكن نضيف إلي ذلك أن من أهداف هذه الغربة أن يأتي خاتم الأنبياء والمرسلينمحمد {ص} من نسل نبي الله إسماعيل{ع} .. فيولد

 

بمكة المكرمة أشرف بقاع الأرض علي الإطلاق ـ تلك البقعة المباركة التي خلقها الله تعالى  أول ما خلق من اليابسة‏,‏ وأمر ملائكته ببناء أول بيت وضع للناس فيها استعدادا لمقدم أبينا آدم {ع}  بها‏,‏ فيلتقي أول النبوة بخاتمها‏,‏ تأكيدا علي وحدة رسالة السماء‏,‏ وعلي الأخوة بين الأنبياء وبين الناس جميعا‏,‏ وتأكيدا كذلك على وحدانية الخالق ـ سبحانه وتعالى ـ ولذلك أجري الله ـ تعالي ـ علي لسان نبيه إبراهيم قوله‏:‏﴿رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي ...﴾ ولم يقل إني أسكنت ابني أو ولدي‏.‏

ومن الدقة العلمية المطلقة التي يتميز بها القرآن الكريم ما جاء في هذا النص القرآني من قول ربنا ـ تبارك وتعالي ـ‏: ﴿..بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ...﴾ ولم يقل‏(‏ بواد غير ذي نبت‏)‏ وذلك لأن الزرع لا يتحقق إلا في الأماكن الآهلة بالسكان‏,‏ ومنهم من يقوم بالزراعة إذا توافرت شروطها من التربة الصالحة والماء‏,‏ والنبات كلمة عامة تشمل كل ما تنبته الأرض بالفطرة أو بالزراعة‏,‏ ولما لم يكن في وادي مكة‏,‏ أي ساكن ساعة أن وضع نبي الله إبراهيم زوجه أم إسماعيل ورضيعها عند قواعد الكعبة المشرفة فقد انتفت إمكانية وجود أية زراعة بها نفيا قاطعا ولذلك قال تعالى : ( بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ...﴾ ووادي مكة حينئذ لم يكن به إلا بعض أشجار من السلم‏,‏ والسمر‏,‏ وهي من الأشجار الشوكية التي لا تصلح إلا للوقود‏..‏

وفي قوله ـ تعالي ـ‏: ﴿...عِندَ بَيْتِكَ المُحَرَّمِ...﴾ تأكيد علي قدم هذا البيت وحرمته انطلاقا من قول ربنا ـ تبارك وتعالي ـ‏:‏﴿ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وَضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ ﴾ ... ــــــــــــــــــــ

امتيازات مكة :ــــــــــــــــــــ  قال رسول الله {ص}  " كانت الكعبة خشعة علي الماء فدحيت منها الأرض "‏ ومعنى الخشعة تأتي بعدة حالات .. منها الخشوع وهو نوع من الخوف .. والشمس إذا كسفت يقال خشعت الشمس أي كسفت .. وسنام الجمل حين يقل لحمه يقال كسف .. والأرض إذا يبست يقال كسفت .. وهذا الحديث مهم جدا يبين إن الأرض كانت على الماء , وفيها مكة كانت خاشعة , أي هي موجودة قبل الارض .. ودحيت الارض من تحتها ..يقول تعالى {  وَمِنْ ءَايَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ }أي كانت يابسة .. وقوله تعالى : { لو أنزلنا هذا القران على جبل لرايته خاشعا متصدعا من خشية الله }لذلك تاريخ الارض يقول انها  دحيت من مكة‏,‏ فمدها الله تعالى كل هذه الكرة الارضية  من تحتها فسميت أم القرى " ‏(‏ مسند الإمام أحمد‏305/4) .‏ويأتي العلم المكتسب ليؤكد هذه الحقيقة في أواخر القرن العشرين‏,‏ العلم الان يؤيد حديث رسول الله تعالى ‏:‏ إن مكة المكرمة سميت باسم‏(‏ أم القرى‏)‏ لأن الأرض دحيت من تحتها لكونها أقدم الأرض‏.‏‏.. مكة حرمها الله‏,‏ ولم يحرمها الناس‏ "  هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض‏,‏  فهي حرام بحرام الله إلي يوم القيامة " ‏.....‏

هذه الدقة العلمية المطلقة في هذا النص القرآني الكريم من مثل‏:﴿... أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي... ﴾, ﴿...بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ...﴾ ﴿...عِندَ بَيْتِكَ المُحَرَّمِ...﴾ يضاف إليها إعجاز تاريخي في وصف هذه الواقعة التي كانت تفاصيلها قد محيت من ذاكرة الناس بعد مرور أكثر من ألفي سنة بين نبي الله إبراهيم{ع}  وبعثة خاتم الأنبياء والمرسلين{ص} .... هذه العلوم وشكل القصة وتفاصيل الأحداث التي وقعت تبين ان  القرآن الكريم لا يمكن إن يكون صناعة بشرية‏,‏ بل هو كلام الله الخالق الذي أنزله بعلمه علي خاتم أنبيائه ورسله وحفظه بعهده الذي قطعه علي ذاته العلية‏,‏ ‏ وشاهدا للرسول الخاتم {ص} الذي تلقاه بالنبوة والرسالة‏.‏

 

 

ثانيا‏:‏ في قوله تعالي‏:‏ ﴿...ِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ …﴾:

هذا النص له آراء مهمة جدا ــــــــــــــــــ

هذا النص القرآني الكريم يمثل دعوة أطلقها أبو الأنبياء إبراهيم {ع} فتحققت ولا تزال تتحقق إلي اليوم‏,‏ ‏ فمن الثابت تاريخيا أنه لم يكن في وادي مكة ساكن واحد زمن بعثة إبراهيم {ع} ولا يوجد حاج واحد  واليوم وصل تعداد الحجاج والمعتمرين إلي عشرات الملايين في كل عام‏.‏بين حج وعمره ...ــــــــــــــــــــــــ

ولكن قوله : ﴿فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم﴾ يعني كثير من الناس أضلتهم الأصنام بعبادتهن واستعذت بك وبني أن تجنبنا من عبادتهن افترقنا نحن والناس طائفتين: الضالون عن طريق توحيدك والعارضون لأنفسهم على حفظ دينهم دون زيادة ونقصان ...

 هنا بين القران في قوله تعالى: ﴿فمن تبعني﴾ والأتباع  يكون في طريق الأولوية الذين حملوا الرسالة لأن الضلال إنما يكون عن الطريق " البحث عن الأفكار التوافقية التي بعضها عبادة للأصنام"  وهم شخصيات ما انزل بها الله من سلطان , إذن لا بد أن نعرف من الذين يجب أن تهوي أليهم ...

 

فالقول الذي يقول ‏(‏ فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم‏)‏ أي تسرع الخطى إليهم شوقا وتلهفا إلى بيت الله تعالى .. ربِّ إن الأصنام تسبَّبتْ في إبعاد كثير من الناس عن طريق الحق، فمن اقتدى بي في التوحيد فهو على ديني وسُنَّتي، ومَن خالفني فيما دون الشرك، فإنك غفور لذنوب المذنبين ....

 

ـــــــــــــــــــ  رأي الشيعة في الآية المباركة :....يستند الشيعة عادة إلى أدلة عقلية ونقليه من أئمتهم {ع} ويعتبرون إن ما جاء منهم حق لا يرتقي له الشك .. وأنهم أحق الناس بأتباع أهل دين الله ، وهم على دين أنبيائه {ع}، وهم على الحق ، ولا يغفر إلاّ لهم ولا يقبل إلاّ منهم ...ـــــــــــــ هناك رواية ... يقول :...

كنا في الفسطاط عند الباقر (ع) نحو من خمسين رجلاً ، فجلس بعد سكوتٍ كان منّا طويلاً فقال (ع) : ما لكم لا تنطقون لعلّكم ترون أنّي نبيٌّ ؟.. لا والله ما أنا كذلك ، ولكن لي قرابة من رسول الله (ص) قريبة ، وولادة ، ومَن وصلها وصله الله ، ومَن أحبّها أحبّه الله ، ومَن أكرمها أكرمه الله .  ثم قال :....

    "أتدرون أيُّ البقاع أفضل عند الله منزلة ؟.. فلم يتكلم أحد ، فكان هو الرادُّ على نفسه ، فقال : تلك مكة الحرام التي رضيها لنفسه حرما وجعل بيته فيها ، ثم قال : أتدري أي بقعة أفضل من مكة؟..فلم يتكلم أحد وكان هو الرادّ على نفسه ، فقال : ما بين حجر الأسود إلى باب الكعبة ، ذلك حطيم إبراهيم نفسه ، الذي كان يذود ( أي يطرد ) فيه غنمه ويصلي فيه . .... هنا وضح بيانه .. حين قال :....

            "والله لو أنّ عبداً صفّ قدميه في ذلك المكان ، قام النهار مصلّياً حتّى يجنّه الليل ، وقام الليل مصلياً حتى يجنّه النهار ، ثمّ لم يعرف لنا حقّنا أهل البيت وحُرمتنا لم يقبل الله منه شيئاً أبداً ، إنّ أبانا إبراهيم صلوات الله عليه كان فيما اشترط على ربّه أن قال : { فاجعل أفئدةً من الناس تهوي إليهم } .

أما إنّه لم يقل الناس كلّهم ، أنتم أولئك رحمكم الله ونظراؤكم ، إنّما مثَلكم في الناس مثل الشعرة البيضاء في الثور الأسود ، أو الشعرة السوداء في الثور الأبيض ، ينبغي للناس أن يحجّوا هذا البيت وأن يعظّموه لتعظّيم الله إياه ، وأن يلقونا أينما كنّا ، نحن الإدلاء على الله . تفسير العياشي 2/234....

 

إذن على رأي الإمام الباقر{ع}:{  فاجعل أفئدة من الناس تهوي أليهم}  , نزلت في الأئمة المعصومين {ع} فقط دون غيرهم .. وفيهم قول الله تعالى { قل لا نسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى } وعشرات الأحاديث التي تحدث بها النبي {ص} في وجوب محبة أهل بيته ..

    هل هناك حرمة للطابوق والأحجار أو الغاية من هجرة إبراهيم{ع} وعائلته أن يدل على  حقيقة دين الله وان الكعبة جزء من منظومة الدين الذي يدل عليهم .....؟ أليك هذه الرواية ...نظر الباقر (ع) إلى الناس يطوفون حول الكعبة ، فقال : هكذا كانوا يطوفون في الجاهليّة .. إنّما أُمروا أن يطوفوا ثمّ ينفروا إلينا ، فيعلمونا ولايتهم ، ويعرضون علينا نصرهم ، ثمّ قرأ هذه الآية :  {فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم } ، فقال : آل محمّد ، آل محمّد ، ثمّ قال: إلينا ، إلينا....فسير العياشي 2/234... يعني لا ان اعتبر إني أحج بالدوران فقط دون معرفة نداء إبراهيم .. هذا أمر الله تعالى أن أطوف وأحج وليس للحجر قيمة .بشرط ان يكون في قلبي هوى لأبناء إبراهيم وإسماعيل وال محمد {ص}

 روى البخاري  قال: عن أنس بن مالك عن الصفا والمروة فقال: كنا نرى أنهما من أمر الجاهلية، فلما كان الإسلام أمسكنا عنهما، فأنزل الله عز وجل: { إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما } وخرج الترمذي عن عروة بن الزبير  قال: "قلت لعائشة ما أرى على أحد من باس إذا طاف على الكعبة ..ان يسعى ولم يطف بين الصفا والمروة ,ما أبالي ألا أطوف بينهما. فقالت: بئس ما قلت يا ابن أختي، طاف رسول الله{ص}  وطاف المسلمون، وإنما كان من أهل لمناة الطاغية  لا يطوفون بين الصفا والمروة، فأنزل الله تعالى: { إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا } ....

الرأي الثاني :... رجال  من أهل العلم يقولون: إنما كان من لا يطوف بين الصفا والمروة من العرب يقولون إن طوافنا بين هذين الحجرين من أمر الجاهلية.لكثرة ما فيها من أصنام ... وقال آخرون من الأنصار: إنما أمرنا بالطواف بالبيت ولم نؤمر به بين الصفا والمروة، فأنزل الله تعالى: { إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ

ـــــــــــــــ  قال لنا الصادق (ع) : ما أحد أحبّ إليّ منكم ، إنّ الناس سلكوا سُبلاً شتّى : منهم آخذ بهواه ، ومنهم آخذ برأيه .. وإنّكم أخذتم بأمرٍ له أصل.اي بأصل الدين ومعرفته به ...المحاسن ص156

يقول احد أصحاب الإمام الصادق عليه السلام ...ذكرت هذه الأهواء عند الصادق (ع) ، قال : لا والله ما هم على شيء مما جاء به رسول الله (ص) إلاّ استقبال الكعبة فقط. ... إذن الحج مضمون وليس أحجار فقط..

ــــــــــــــ يقول زرارة :..قلت للباقر (ع) قوله : { لأقعدنّ لهم صراطك المستقيم ثمّ لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين } ، فقال الباقر (ع) : يا زرارة !.. إنّما صمد لك ولأصحابك ، فأمّا الآخرين فقد فرغ منهم ....معنى  لأقعدنّ لهم } أي أرصد لهم كما يرصد قاطع الطريق للماشي ..أي طريق الإيمان { ثمّ لآتينهم من بين أيديهم } إلى آخره ، قيل : أي من جميع الجهات ، مثّل قصده إيّاهم بالإضلال من أيّ وجه يمكنه ، بإتيان العدوّ من الجهات الأربع .

ــــــــــــــــ  قال الباقر (ع) لابن تغلب :إذا قدمت الكوفة إن شاء الله فاروِ عنّي هذا الحديث : " مَن شهد أن لا إله إلاّ الله وجبت له الجنّة " ، فقلت :  جُعلت فداك !.. يجيئني كلّ صنف من الأصناف ، فأروي لهم هذا

 

الحديث ؟.. قال: نعم ، يا أبان بن تغلب !.. إنّه إذا كان يوم القيامة جمع الله تبارك وتعالى الأوّلين والآخرين في روضة واحدة ، فيسلب لا إله إلاّ الله ، إلاّ ممّن كان على هذا الأمر . قلت للباقر (ع) : قول الله :{ كل شيءٍ هالكٌ إلاّ وجهه } ماذا تعني ...؟ ،  هل يهلك كلّ شيء ويبقى الوجه ، فقال : إنّ الله أعظم من أن يُوصف ، ولكن معناها كلّ شيءٍ هالكٌ إلاّ دينه ، والوجه الذي يُؤتى منه ... 

روى الشيخ الصدوق في كتابه (عيون أخيار الرضا ج2 ص112) والعلامة المجلسي في البحار.. قال :

عن صالح الهروي قال: قلت لعلى بن موسى الرضا {ع} : يا بن رسول الله  ما تقول في الحديث الذي يرويه أهل الحديث: ان المؤمنين يزورون ربهم في منازلهم في الجنة فقال{ع} : يا أبا الصلت ان الله تبارك وتعالى فضل نبيه محمدا (صلى الله عليه واله) على جميع خلقه من النبيين والملائكة وجعل طاعته طاعته ومتابعته متابعته وزيارته في الدنيا والاخره زيارته فقال عزو جل: (من يطع الرسول فقد أطاع الله) وقال: (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم)...

 وقال النبي (صلى الله عليه واله): من زارني في حياتي أو بعد موتى فقد زار الله تعالى ودرجه النبي (صلى الله عليه واله) في الجنة ارفع الدرجات فمن زاره في درجته في الجنة من منزله فقد زار الله تبارك وتعالى قال: فقلت له: يا بن رسول الله (صلى الله عليه واله) فما معنى الخبر الذي رووه: ان ثواب لا اله إلا الله النظر الى وجه الله تعالى فقال عليه السلام: يا أبا الصلت من وصف الله تعالى بوجه كالوجوه فقد كفر ولكن وجه الله تعالى أنبياؤه ورسله وحججه صلوات الله عليهم على الناس ...هم الذين بهم يتوجه إلى الله عز وجل والى دينه ومعرفته وقال الله تعالى: (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام) وقال عز وجل (كل شى هالك إلا وجهه) فالنظر إلى أنبياء الله تعالى ورسله وحججه عليهم السلام في درجاتهم ثواب عظيم للمؤمنين يوم القيامة ... ولذلك انت تقول السلام عليك يا باب الله الذي منه يؤتى ..

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ   سر قول أمير المؤمنين صلوات الله عليه : أنا وجه الله .....

قال (عليه السلام) عندما قال له الحسن{ع}  يا أباه، سليمان بن داود كان يطاع بخاتمه و أنت يا أمير المؤمنين  بماذا تطاع فقال له أمير المؤمنين يا ولدى أنا وجه اللّه و أنا عين اللّه و أنا لسان اللّه الناطق فى خلقه و انا ولى اللّه و انا نور اللّه الذي لا يطفئ و أنا باب اللّه الذي يؤتى منه و حجته على عباده و انا كنز اللّه في أرضه بالقدرة و أنا قسيم الجنة و النار ... الخ ...

انــت الـعلـي الـذي فـوق الـعـلا رفـعــا ......... بـبـطـن مــكـة وســـط الـبـيــت اذ وضــعا

وانــت بــاب تـجلى  شــأن حــارســه ........ بـغـيـر راحــة روح الـقـدس مــا قــرعــا

وأنت ذاك الــبـطـيـن الـمـمـتلي حكما ......... مـعـشـارهــا فـلـك الافــلاك مــا وســــعا

وانــت نـقـطـــة بــاء مــع تـوحــدهــــا ......... بــــها جمـــــيع ما في  الــــذكر قد جمعا

وأنت أنت الـــذي حــطـت لــه قــــدم .......... فــي مـوضـع يـده الـرحـمن قـد وضعـــا

وانــت انــت الـذي لـلـقـبـلـتـيـن مــــع .......... الـنبــي اول مـن صـلى ومـن ركـعــــــــا

و قال (عليه السلام): انا وجه الله فى السموات و الارضين، كمال قال الله: (كل شى ء هالك الا وجهه) انا صالح الجبت و الطاغوت و محرقهما.-   عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أنا وجه الله، أنا جنب الله، وأنا الأول، وأنا الآخر، وأنا الظاهر، وأنا الباطن وأنا وارث الأرض، وأنا سبيل الله وبه عزمت عليه) البحار  ج39 .

عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : قلت لأبي جعفر الباقر(ع) جعلت فداك يا بن رسول الله حدثني بحديث في فضل جدتك فاطمة .... فقال أبو جعفر(ع) حدثني أبي عن جدي عن رسول الله (ص) قال : اذا كان يوم القيامة تنصب للأنبياء والرسل منابر من نور فيكون منبري أعلى منابرهم يوم القيامة ثم يقول الله اخطب فأخطب بخطبة لم يسمع أحد من الأنبياء والرسل بمثلها ثم ينصب للأوصياء منابر من نور وينصب لوصيي علي بن أبي طالب(ع) في أوساطهم منبر فيكون منبره أعلى من منابرهم ثم يقول الله يا علي أخطب فيخطب بخطبة لم يسمع بها أحد من الأوصياء .. وهكذا لابناءه الحسن والحسين عليهما السلام ..

ثم ينادي المنادي وهو جبرائيل(ع) أين فاطمة بنت محمد فتقوم (ع) الى أن قال : فيقول الله تبارك وتعالى : يا أهل الجمع لمن الكرم اليوم .فيقول محمد وعلي والحسن والحسين(ع) : لله الواحد القهار . فيقول الله تعالى : يا أهل الجمع اني قد جعلت الكرم لمحمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين(ع) .

يا أهل الجمع طأطئوا الروْوس وغضوا الأبصار هذه فاطمة تسير الى الجنة فيأتيها جبرائيل بناقة من نوق الجنة فتناخ بين يديها فتركبها فيبعث الله الملائكة ليسيروا عن يمينها ويسارها , فاذا صارت عند باب الجنة تلتفت فيقول الله يا بنت حبيبي ما التفاتك فتقول يا رب أحببت أن يعرف قدري هذا اليوم .فيقول الله : يا فاطمة انظري من كان في قلبه حبّ لكِ أو لأحد من ذريّتك خذي بيده فأدخليه الجنة .قال أبو جعفر (ع) : والله يا جابر انها لتلتقط شيعتها ومحبّيها كما يلتقط الطير الحبّ الجيّد من الحبّ الرديْ . عند باب الجنة يُلقي الله في قلوبهم أن يلتفتوا فاذا التفتوا يقول  تعالى : يا أحبائي ما التفاتكم وقد شفعت فيكم فاطمة بنت حبيبي فيقولون : يا رب أحببنا أن يعرف قدرنا في مثل هذا اليوم .فيقول الله : يدخل معكم من حبكم لحب فاطمة .

الحمد لله رب العالمين...  24 رمضان 1435

23/7/2014

 

اقرأ ايضاً

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.4356
Total : 100