الامن المفقود اصبح الان في العراق الاولوية الاولى للمواطن والحكومة معا. ولكن ثمة سؤال بات واجب الطرح وهو .. ماذا عن الامن الغذائي؟ لماذا تنشغل كل وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بالخروقات ان لم نقل الانهيار الامني الى الحد الذي تراجعت فيه الانشغالات الخاصة بنقص الخدمات مثل الماء والكهرباء والبطاقة التموينية والبطالة. وينشغل أيضا كتاب اعمدة الراي في الصحافة ومقدمي البرامج الحوارية في القنوات الفضائية ولا احد يلتفت الى خبر ربما يكون مفرحا هنا او هناك؟ الم نفرح حين نفوز بمباراة لكرة القدم ونطلق الرصاص الحي تعبيرا عن فرح يمكن ان يكون قاتلا هو الاخر مثل عمليات الارهاب؟
وبودي هنا ان اطرح سؤالا امام الجميع .. الى اي حد يستحق خبر مثل وصولنا مرحلة الاكتفاء الذاتي من واحد من اهم المحاصيل الاستراتجية مثل الحنطة ولو الحد الادنى من الاهتمام؟ لماذا لانزال نندب حظنا بوصفنا كنا بلد النخيل الاول في العالم بواقع 30 مليون نخلة بينما تراجع اعداد النخيل في بلادنا بسبب الحروب والتجريف والامراض الى 6 ملايين نخلة فقط؟ فماذا لو علمت ان اعداد النخيل الان في حالة تزايد وان اخر الاحصائيات لدى وزارة الزراعة تشير الى ان الرقم يقترب من الـ 19 مليون نخلة؟
الامن اليومي للمواطن في غاية الاهمية ولكن الامن الاستراتيجي طويل الامد المتمثل بالزراعة والمياه لايقل اهمية وخطورة. فالعراق وبرغم كونه بلدا ثريا جدا فانه لايزال يستخدم واحدا من اسوأ الانظمة الغذائية في العالم وهو نظام البطاقة التموينية. وبالنسبة للمواطن العراقي فان مادة الطحين تشكل المفردة رقم واحد يليها الرز. وحيث ان العراق يحتاج الى نحو 4 ملايين طن من القمح سنويا فان وزير الزراعة الدكتور عزالدين الدولة رفع قبل ايام سماعة الهاتف ليخبرني باننا حققنا الاكتفاء الذاتي من الحنطة هذا العام بعد ان صدرنا الى السايلوات نحو 4 ملايين طن هذا الموسم مع الاخذ بنظر الاعتبار الحنطة التي تضررت بسبب موسم الامطار. الا يعني هذا اننا حذفنا الان واحدة من اهم فقرات نظام البطاقة التموينية؟
لم اعرف وزير الزراعة من قبل. ولم التقه سوى مرتين .. مرة في برنامج "المنجز" على قناة "البغدادية". ومرة في بيته بالقادسية عندما كلفتني الجريدة العربية التي اراسلها من بغداد "جريدة الشرق الاوسط" عمل تحقيق موسع عن الزراعة في العراق. وقبل هذا كنت من منتقدي عودته الى منصبه بعد استقالته الشهيرة لاننا اعتدنا النظر الى منصب الوزير في عراق ما بعد عام 2003 على انه حصلة الكتلة لا الدولة. وقادتنا المحاصصة الى ما هو اسوأ بحيث صار زعيم الكتلة لا رئيس الحكومة هو المسؤول عن الوزير.
الوزير عندنا يجب ان يكون "من غزية" ان غوت غوى وان "ترشد غزة" يرشد. وهذه واحدة من ماسي نظامنا السياسي الجديد التي انعكست سلبا على كل شئ. لكن حين يحقق وزير منجزات مهمة على صعيد الزراعة قروضا واسمدة ومبيدات فضلا عن توفير معظم محاصيل الخضر في السوق المحلية الا يعني ذلك ان هذا الوزير الان وزير العراق .. لا وزير .. اياد علاوي او نوري المالكي او اسامة النجيفي؟
مقالات اخرى للكاتب