صورة تتكرر كل عام .. نواح وبكاء واتشاح بالسواد ومواكب عزاء وخيرات ومواقف أحسانية وتلاوات للقران الكريم وللسيرة الجهادية الحسينية الوضاءة علاوة على مسيرات الى حيث يرقد الحسين في دعة وامان مستمتعا برياض الله وأفياء الجنان .. سيد شباب اهل الجنة وامام الشهادة في كربلاء .. علاوة على الطبخ والنفخ ودعوات للغداء او العشاء في هذه الايام التي تسبق تاريخ الشهادة والايام التي تتلوا الفاجعة الكبرى .
ومن سيرة الحسين ومن اقوال الشهيد نشعر اي رجل كان واي بطل هو واي امام مغوار ستظل ابدا صورته المفجعة وعملية الغدر التي تعرض له هو واهله .. بحيث لم ينج حتى الطفل البري (عبد الله الرضيع) من سكاكين الغدر لاعداء اللة واعداء الرسول .. بل واعداء الانسانية ايضا ولعل مقولته الشهيرة اثناء الحرب (والله لا اعطيكم بيدي أعطاء الذليل ولا اقرلكم اقرار العبيد ان كان دين محمد لا يستقيم الا بقتلي فيا السيوف خذيني) اذن فهذا الصوت النبوي الحر .. مشروع مفتوح على الشهادة فهو لا يقر بالباطل ولا يخضع له ولا يتذلل امامه .. بل والاكثر من ذلك فهو مهيأ للموت إن كان اعداء الله يظنون بان دين جده (صلى الله عليه وسلم) لا يستقيم الا بقتله .
وفي اوائل ايام دراستنا بالجامعة .. سألت استاذنا المؤرخ الجليل العلامة جواد علي (رحمه الله) صاحب سلسلة كتب المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام وهي من اهم المصادر الموثوقة في تلك المرحلة .. قلت لاستاذنا حدثنا عن ثورة الحسين (ع) فاجابني مستغربا :
وهل قام الحسين (ع) إلا لاحياء سنة جده (ص) والعودة الى قيم الدين الصحيحة وزوال حكم الطغاة واعادة توزيع الثروة على الملأ على اساس العدالة والاستحقاق ؟
ولعل من اشهر من كتبوا عن هذا الثورة الاديب المصري الكبير عبد الرحمن الشرقاوي مؤلف مسرحية (الحسين ثائرا) التي مثلها عبد الله غيث وسناء جميل ومثلث في ساحة الازهر الشريف ان الشرقاوي يلمح الى ان هذه الثورة .. كانت ملحمة حقيقية من اجل ازالة الطغيان واعادة توزيع الثروات على اسس الاستحقاق والاحتياج .. بل انها كانت ثورة اشتراكية بحق وحقيق وسواء اتفقت مع الشرقاوي ام لم اتفق فان الحسين بن علي بن ابي طالب (ريحانة رسول الله) لم يكن غير ثائر عظيم من اجل قضية ايمانية واجتماعية كبرى .
ان هذه المناسبة الاليئمة مناسبة عاشوراء .. اثبتت انتصار الدم على السيف ورسمت معالم الطريق الحقيقي لانتصار المستضعفين على الطغاة .
مقالات اخرى للكاتب