ربما سيتساءل البعض منكم فور قراءته للعنوان عن أي (حجي) أتحدث، فكلهم أصبحوا حجاجا والحمد لله، ولو وضع جدار شرف على الكعبة لتسجيل اسماء الزوار فقد يشكل عدد المسؤولين العراقيين النسبة الأكبر من الحجاج. لكن (الحجي) الذي يعنيني والذي قد أرأف بحاله وأنتخبه هو أبعد مايكون عن تفكيركم. فقد إحتلت صور الحجاج المعروفين والحاجات من المرشحين والمرشحات أهم الساحات والجدران والجزرات الوسطية وواجهات المباني حتى ارتفعت نسبة الحوادث المرورية لهذا الشهر بسبب كرنفال الصور بألوانها وأشكالها والتي ضمت وجوها مألوفة وغير مألوفة ووضعيات فنية للبعض بينما غابت عنها الشعارات التي تشير الى البرنامج الانتخابي للمرشح أو المرشحة.
من ينظر الى الالاف المؤلفة من الصور، من المؤكد سيتساءل عن ملايين الدولارات المهدورة بعد ان تحول الكثير من هذه الصور الى نفايات تتناثر على الارصفة، وعاثت ببعضها الرياح والأمطار. وبينما يتبارى المرشحون في عدد الصور ظنا منهم انها ترفع (كيج) الدعاية الانتخابية، فان الكثير من المواطنين ينظر الى الأمر من وجهة نظر معاكسة، فكلما ازدادت عدد صور فلان، فهذا يعني انه كان (حرامي) بامتياز وانه استغل اموال الوزارة او الدولة او الدول المجاورة لدعم حملته الانتخابية مما يعزز مشاعر الغضب والحقد والرفض لدى المواطن.
أما فيما يخص اللقطات الفنية، فقد تفنن البعض فيها، فأحدهم التقط صوره ب(الكوت) متناسيا ان الشتاء انقضى واننا في فصل الصيف، ربما ليعكس أصله (الراقي) كونه انحدر من بلاد الغربة بجنسية اجنبية وانه تميز عن المواطن العراقي الفقير بامتلاكه ل(كوت) وناقصة (القبعة). وآخر قدم دعاية لمعجون اسنان وهو يكشف عن اسنانه جميعها في ضحكة غريبة. أحدهم يرفع شيئا ما بين يديه فرحا وكأنه سينقض على ضحية. أما المرشحات، فحدث ولا حرج، فلم يكتفين بلقطات فنية متميزة بل إرتدت بعضهن كل ماتوفر في دولاب ملابسها، ووضعت كل ماصنع من مستحضرات تجميل على وجهها حتى يشعر من ينظر اليها انه أمام (كاولية) وليس امرأة قيادية سياسية ستمثل شريحة من المواطنين في قبة البرلمان، و(رحمه على والديه) ذاك الذي اخترع (البوتوكس)، فقد انتفخت وجوه بعض المرشحات بل وحتى المرشحين، إما بفعل برامج الفوتو شو أو عمليات التجميل، ولاأعرف هل هي مباراة الى البرلمان ام للحصول على لقب ملك او ملكة الجمال؟؟
وفي خضم طوفان الصور، الذي تجمعت فيه بعضا فوق بعض، يبدو ان أحد الحجاج لم يجد فسحة ليعرض صورته فإختار لها مكانا أقرب الى المجهول. ففي الزقاق المتواضع الذي اسكن فيه، لم توضع صورة أي مرشح أو مرشحة لأن الدور فيه لاتتجاوز عدد أصابع اليد كونه ليس شارعا رئيسيا أو تجاريا. لكني فوجئت وأنا أذهب الى عملي قبل بضعة أيام بصور احد المرشحين الذي بلغ من العمر عتيا وقد ألصقت على مولدة الديزل التي تجثم على الرصيف المقابل لداري. حينها قرأت إسم (الحجي) والكتلة التي يمثلها لكني لاأعرفه ولم أره سابقا بل نسيت الآن حتى ماقرأته، وكل ماكان يشغل تفكيري، مالذي أتى بهذا (الحجي) المسكين الى هنا، ومن تكفل بتوزيع صوره ليرميه هذه الرمية؟؟ ربما عجز موزع الصور عن أيجاد مكان له بين عتاولة المرشحين والمرشحات وصورهم الضخمة، وربما لم يدفع له الحجي الكثير، ولكن ماحدث ان صورة الحجي المسكين لم تستقر أكثر من يومين، فقد اختفت في اليوم الثالث بعد ان مزقها اطفال المنطقة أو صاحب المولدة، وكوني لم أر صورة مماثلة لهذا الحاج المرشح في أي زاوية من العاصمة، فقد شعرت بتأنيب الضمير كوني تجاهلت رغبة الحجي بأن توضع صورته أمام داري وكأنه يطلب مني أن أنتخبه، وقد (أسويها لالله) وأنتخب الحجي، لكن المشكلة اني نسيت اسمه وأي كتله يمثل؟؟؟