لا يخفى على احد وجود الكواتم والعصابات المسلحة واحتمائها تحت سترة الساسة , لم يترددوا برفع اصواتهم وتحريك العشيرة والطائفة والقومية حينما تكون لهم علاقة مباشرة , ولم يترددوا من التلويخ بالملفات للابتزاز والتهديد والحصول على مكاسب منها . الاتهامات عادة ما تكون مبهمة في سوء الحالة الامنية والفساد ويشار لجهة سياسية بتمّويه لعقلية الشارع او ربما جعلها في الادراج للتراجع واخفاء الملف بالصفقات , المواطن بريء لم يتهم في يوم بإنه سبب الازمات ولكنهم اتفقوا عليه بأن يدفع الضريبة من دماء وكرامة ومال عام وتردي خدمات وجعل رأس للحراب المتقاتلة أذ لا تحمية ترسانة كونكريتية وافواج حمايات وامتيازات ورواتب ضخمة بميزانية ونثريات مفتوحة مع جوازات دبلوماسية وجنسيات متعددة ولكنه يعرف ان كل هذا اقتطع من لقمة الفقراء ورضي به مؤقتاّ لتأسيس دولة تحترم القانون لا تكون فيها لجهة اليد الطولى او تدعي التحدث بأسمه والمحافظة على الدستور دون غيرها , فقد تكررت حالة الخذلان والفشل والتفكك بين القوى السياسية وقطع المتنافسين شوطياّ في رحلة حجز مقعد الحكم متجاوزين الاواصر الوطنية والاجتماعية والانسانية , كل مرة يتقاتل الساسة وتتعمق الهوة والثارات والعداوة ليعود بعدها للتفاوض والمجاملات و يخدع الساسة أنفسهم ويخدع الرأي العام والبسطاء خاصة وبإن هذا او ذاك يريد فرض هيبة الدولة بعمل يخرجها الى بر الأمان حتى سمحت الحكومة او بعض الاطراف لنفسها التفاوض مع من حمل السلاح او حكم بالاعدام وصور انه لم تلطخ يده بالدماء بل وصل الحال الى المصالحة مع من هم اكثر دموية وقتل , وهذا الاسلوب من التباعد والتقريب اصبح سمة للانقسام والشحن في نفس الوقت , الباطل والفتنة تشعلها شرارة بسيطة اما التعايش والبناء والاعتدال والحق يستوجب الحكمة والحنكة والادراك والأمانة الوطنية التي تتطلب التعبئة ضد الارهاب والفساد والتميز والطائفية والقومية والتخلف والفقر والامية ونهوض الخدمة وترسيخ مفاهيم شعب واحد. لقد ملّ العراقيون اللعبة بخلط الاوراق والتهديد بالملفات والحق بجرع الموت المجاني , والمصالحة الوطنية يقال انها قطعت الاشواط وتفتخر الحكومة بإنجازها وهذا بأسم الدفاع عن الدم العراقي والسعي لعقد الاجتماع الوطني , اليوم نحن امام منعطف خطير بعد توالي الازمات المتلاحقة من الهاشمي وسحب الثقة وكركوك وصفقة الاسلحة وفضيحة البنك المركزي والعيساوي وانتظار ازمة وفاة الرئيس وفي كل واحد تعصف المفخخات وتحصد الشهداء , وتدخل العشائر والقوميات على خط الازمة فمرة تقطع عشائر بابل الطريق الى شمال العراق واخرى عشائر الانبار الطريق الدولي وكأننا لا نعيش في دولة ذات قانون واصبح لعبة يتنازل فيه عن كل شيء بمجرد تراضي الاقطاب وضمان مصالح بقائها وإن لم يكن فالكل مستعد لنسف الاخر ويختار شركاء من رفضوا العملية السيسية جملة وتفصيلا , فلماذا لا تقدم فاتورة المجرمين والقتلة والحمايات والمفسدين جملة واحدة كي ندفع ثمن تلك الفاتورة مرة واحدة ؟؟..
مقالات اخرى للكاتب