اشتد الحوار في جو ساخن تملأه رائحة الشمس حيث لم نكن نتمتع ببرودة قلوب السياسيين المثلجة وفي حين تغيب التيار الكهربائي عن الحضور كنا نخوض في نقاش عقيم كباقي نقاشاتنا التي لا طائل من ورائها وفي هذا النقاش الساخن بسخونة الصيف العراقي دار الكلام حول ما يجري في البلد فبدأنا من زمان مضى كان كهذا الزمان ما عدى اختلاف الوجوه والاسماء وما فعل الساسة وغيرهم من تجار واطباء ومقاولين ساهموا بلانتكاسات واستغلال المواطنين واكل لحم كتف هذا الشعب فالحق يقال.. ليس الساسة هم الوحيدين الذين يعتاشون على جراح المواطن، بل حتى ان الشعب نفسه قد ظلم نفسه.. (على العموم .. مو هذا موضوعنة)، وفي هذا الجو المحموم والملئ بالصياح والتلويح باليدي يمناً وشمالا واذا بصوت جدتي يرتفع وهي تغرد خارج السرب بالقول (جدة استهدو بالرحمن .. دهيدو وكَعدو.. من زمان هذا البلد صايح عليه الصايحة) صمتنا لوهلة وبدأت الانظار تتحول الى الجدة فبادرتها بالسؤال (حبوبة شنو يعني؟) فبدت الجدة كانها نجمة سينمائية تحملق حولها الصحافيين بأنظارهم وأسئلتهم وأجابتني (من قال وبلة هذا البلد طاكَ ما طيكَ) وتابعت (جدة هذا البلد محسود) فأجابها احدنا بسخرية (اي جدة راح نعلك على الحدود أم سبع عيون) وتندر آخر (نطكَطكَ حرمل ساعة غروب) فلم تأبه واكملت وهي تعني ما تقول (جدة اكتبو على الخارطة آية الكرسي والمعوذات) واستطردت تقول (عبالك هذا البلد مطلوب ثار.. وكل ساعة كَوامة) وفي محاولة مني لكي افهمها ما يدور قلت لها (كل المصايبب من جوة راس أمريكة) فردت علي بعفوية (امريكة ما تكعد راحة وحكومتنة فاهية وفوكاهم داعش علينة .. يا جدة صالح الله هذا الوطن منفوس) ولكي اعرف ردة فعلها ولا اخفي عنكم كنت اسعى للحصول منها على كلام يشفي الغليل بحق الساسة.. قلت لها (لا تكَولين هذا الكلام ترة السياسيين يكَولون عليج جاسوسة) فصكت وجهها وختمت حديثها بالقول (دهر طكَ السيايين).
انتها الحوار (الساخر،الساخن) مع الجدة العزيزة وبالرغم انها تتكلم على سجيتها دون الاستناد الى منطق علمي، إلا انها خير من الساسة الذين يوجعون رؤوسنا بكلامهم دون فائدة فقد خرجت من حوارها على الاقل بثلاث جمل مفيدة ..الاولى (امريكة ما تكعد راحة)، والثانية (هذا البلد مطلوب ثار)،والثالثة (دهر طكَ السياسيين).
مقالات اخرى للكاتب