يوماً بعد يوم تزداد اعداد الضحايا من كل نوع ومن مختلف الاسباب والاضرار الجسدية والمادية والمعنوية والتي وصلت الى حدود لم يتوقعها العقل والضمير الانساني خاصة بعد سقوط مدينة الموصل ومدن وقصبات سهل نينوى وسنجار ومدن اخرى كثيرة في انحاء مختلفة من العراق.
وعلى الرغم من صعوبة المواقف وماساويتها التي تصل الى حد الابادة الجماعية والاغتصاب والتجارة بانسانية وآدمية الانسان من خلال ما تعرض له الايزيديون والشبك والمسيحيون والكورد والعرب والسنة والشيعة والصابئة وكل مكونات الشعب العراقي بدرجات او صور متفاوته او مختلفة حسب المكان والزمان الذي تعرضوا فيه للعنف والارهاب، فانه من المهم والضروري ان نقوم بمساعدة النازحين والمُهجرين واللاجئين من كل جنس وقومية ودين ومذهب باعتبارهم اخوة لنا في الانسانية والوطن والمصير.
وتمثل جهود حكومة اقليم كوردستان ومساعداتها المقدمة الى النازحين والمُهجرين واللاجئين المتواجدين في الاقليم محل تقدير وتثمين من مختلف المنظمات والجمعيات التي تعمل في المجالات الانسانية والاغاثية وخصوصاً الامم المتحدة ومنظماتها المختلفة.
الا أن هذه الجهود رغم اهميتها وفاعليتها في الوقت الحاضر كونها تقدم اغاثة ومساعدة مطلوبة في هذا الظرف الصعب الذي يمر به هؤلاء الذين ينطبق عليهم وصف المعذبون في هذه الارض حيث خرجوا بملابسهم التي عليهم وتركوا ديارهم اموالهم ومدخراتهم مما يتطلب اجراءات والتزامات اكثر من كونها مساعدات او اعانات تقدم على سبيل العون والمساعدة، بل يتطلب الامر التزام قانوني واجراءات واضحة وبسيطة بحيث تعيد لهؤلاء الناس الامل وتزرعه في نفوسهم من جديد.
وقد اصدر مجلس النواب العراقي القانون رقم (20) لسنة 2009 (قانون تعويض المتضررين جراء العمليات الحربية والأخطاء العسكرية والعمليات الإرهابية) والنافذ من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية بالعدد 4140 الصادر بتاريخ 28/12/2009، حيث جاء في الأسباب الموجبة له (بهدف تعويض المتضررين جراء العمليات الحربية والأخطاء العسكرية والعمليات الإرهابية التي وقعت في العراق إبان وبعد سقوط النظام البعثي البائد وبإجراءات ميسرة ومحاطة بضمانات دقيقة. شُرع هذا القانون)، ويهدف القانون إلى تعويض كل شخص طبيعي أصابه ضرر جراء العمليات الحربية والأخطاء العسكرية والعمليات الإرهابية , وتحديد الضرر وجسامته وأسس التعويض عنه وكيفية المطالبة به.
ويشمل التعويض المنصوص عليه الأضرار المتمثلة في حالات الاستشهاد و الفقدان جراء العمليات المذكورة في هذا القانون، والعجز الكلي أو الجزئي بناء على تقرير لجنة طبية مختصة، والإصابات والحالات الأخرى التي تتطلب علاجاً مؤقتاً بناء على تقرير اللجنة الطبية المختصة في هذا المجال، والأضرار التي تصيب الممتلكات، والأضرار المتعلقة بالوظيفة والدراسة .
كما صدرت التعليمات رقم (4) لسنة 2011 الخاصة بالحقوق التقاعدية والمنحة لذوي الشهداء والمصابين والمفقودين والمختطفين نتيجة العمليات الحربية والاخطاء العسكرية والعمليات الارهابية المقررة بالقانون، حيث نصت على تسري هذه التعليمات على الموظف على الملاك الدائم والمتعاقد في دوائر الدولة والقطاع العام ومنتسب القوات المسلحة وقوى الامن الداخلي بما فيها حماية المنشآت والاجهزة الامنية الاخرى ممن لم يصرف له مبلغ المنحة وفق احكام قانون تعويض المتضررين جراء العمليات الحربية والاخطاء العسكرية والعمليات الارهابية ومنتسبي القطاع المختلط والمواطن ممن يستشهد او يصاب بعجز كلي أو جزئي أو يفقد او يختطف نتيجة العمليات الحربية او الاخطاء العسكرية او العمليات الارهابية واجراءات تفصيلية عن طريقة ومراحل تقديم طلب التعويض.
ان اهمية هذا القانون والتعليمات التي صدرت من اجل تنفيذه تتزايد بعد التطورات الكبيرة والمتسارعة للاحداث والازمات في العراق حيث سقطت العشرات من المدن ووصلت اعداد النازحين الى ارقام مليونية مما يوجب المراجعة السريعة لهذا القانون من قبل مجلس النواب فيما يتعلق بالتعديلات المطلوب اجراؤها على هذا القانون وبما يتماشى مع تطورات الاحداث بعد سقوط الموصل، وكذلك مسؤولية مجلس الوزراء باعتباره السلطة التنفيذية المكلفة بتنفيذ احكامه ويستوجب اختصار الكثير من الاجراءات والمعاملات الروتينية التي يتطلبها تنفيذه.
كما ويتطلب الامر ان تقوم السلطة القضائية بواجبها من خلال تبسيط وتسهيل الاجراءات التي يتطلبها تهيئة العديد من المستمسكات الرسمية مثل حجج الوفاة والقسامات الشرعية وحجج الوصاية والقيمومة وغيرها من المستمسكات التي تُتعب المواطن وتجعله يدور في دوامة الروتين والمراجعات المستمرة.
ان التطبيق الامين والسليم لكل القوانين النافذة هو الطريق الامثل حتى لا تضيع حقوق الناس بين نصوص القانون الانسانية والمثالية من حيث التشريع وواقع الحال الذي يبين ان العراق بحاجة الى ثورة وتغيير حقيقي في كل الروتين والمعاملات وحجم الوثائق المطلوب استنساخها وتصديقها وضرورة جلب كتب صحة صدور لكل وثيقة منها مما يجعل المواطن ضحية من جديد لتطبيق القانون بعد ان كان ضحية للارهاب والعمليات العسكرية.
مقالات اخرى للكاتب