نقرأ في القسم المختصر من الموسوعة البريطانية تعريفا للأنقلاب العسكري بأنه (( الأطاحة الفجائية بحكومة قائمة من جانب فرد او مجموعة صغيرة ، عادة بواسطة عنف محدود واحيانا بلا عنف على الأطلاق )).. وربما ان كلمة ( الفجائية ) التي وردت في التعريف ستكون حجة للمنبطحين مع حكومة المالكي لكي يفككوا ترابط هذا الموضوع وسياقه المنطقي في قراءة واقعية ( تعاموا عنها ) لطريقة ادارة البلاد في الوقت الراهن .. إلا ان كلمات وردت في نفس التعريف من أمثال ( فرد أو مجموعة صغيرة ) و ( واحيانا بلا عنف على الأطلاق ) ستعطي حتما للموضوع حججه المتينة في ان ما قام به السيد القائد العام للقوات المسلحة هو انقلاب مكتمل الأركان وفق التدرج ( الخبيث ) للأحداث ، ومنذ بداية الولاية الثانية للسيد المالكي .
فمن ينكر ان السيد المالكي ( انقلب ) على العملية السياسية ( الديموقراطية ) في العراق ، وبمساعدة جهاز قضائي فاسد ، عندما مسخ فوز الفائزين في الأنتخابات البرلمانية السابقة .. ومنح جائزة الفوز التي هي تشكيل الحكومة للفائز الثاني .. أي منحه لنفسه بعد فتوى غريبة من من كان وما زال على رأس ذلك الجهاز القضائي الذليل .
ومن ينكر ان السيد المالكي كان قد ( انقلب ) على شركائه في اتفاقية اربيل التي قسمت ادارة البلاد بأسلوب توافقي تشاركي ، بعد سويعات من جلوسه على كرسي الولاية الثانية .. وأخذ لنفسه ما منحه هو اليهم بعد ان بصم عليه بالعشرة .
ومن ينكر ان السيد المالكي كان قد ( انقلب ) على الدستور عندما استخدم القوات المسلحة في ضرب مدن العراق وتطويقها وتدميرها وتهديمها على رؤوس ساكنيها ، وكأن محاربة الأرهاب ومكافحته التي ينشدها الجميع أعطت مبررا للمالكي لكي يحرق الأخضر واليابس على حد سواء .. ووفق سياق اسلوب عمل المالكي وقواته المسلحة فأن أي مدينة في العالم يتواجد فيها ارهابي او مجموعة ارهابية هنا او هناك فيجب ان تزال من الخارطة من قبل الحكومة التي تحكم تلك البلاد .
ومن ينكر ان السيد المالكي كان قد ( انقلب ) على العملية السياسية برمتها عندما احتكر لنفسه المناصب الأمنية الحساسة أو ادارتها بالوكالة بمخالفة دستورية كبيرة .. وبضربة قاضية للتوازن الوطني الذي اقره الدستور والذي كان سيكون الأساس المتين لمصالحة وطنية شاملة .. نبذها المالكي وكرهها بمقدار كرهه لعزرائيل .
ومن ينكر ان المالكي كان قد ( انقلب ) هو ومجموعته الصغيرة اللصيقة به على الأسلوب الديموقراطي في ادارة شؤون البلاد عندما ارعب شركائه باستخدامه لقواته المسلحة في اعتقالهم او تهميشهم او تهديدهم .. ولم يسلم منه حتى من كانت له حصانة قانونية وفق الدستور والقانون .
ثم من ينكر ان المالكي كان قد ( انقلب ) على العملية السياسية عند استفراده برسم السياسات النفطية والأقتصادية والأمنية وادارة ملف العلاقات الخارجية ، دون أخذ رأي شركائه في العملية السياسية .. تلك السياسات التي جعلت من العراق مفسدة تثير القيء واضحوكة امام كل شعوب المعمورة .
يقينا ان شركاء المالكي في المشهد السياسي العراقي وحتى بعض معارضيه يتحملون وزرا ليس بالقليل في كل ما جرى ويجري .. وليس السبب الوحيد ان بعضهم امعات ضعاف امثال علاوي والنجيفي والمطلك .. لكن هناك اسباب اخرى كثيرة قد لا يكون آخرها هي اموال السحت الحرام التي يشتري بها بعض من ذمم شركائه الذين طافوا على المشهد السياسي في غفلة من هذا الزمن الأغبر .
ويقينا ان المالكي ما زال يبيض نفطا وذهبا لأمريكا .. وما زال عنصرا مساعدا في رسم سياساتها لشرق اوسط جديد .. وستتغافل وتغض النظر عن كل ( انقلاباته ) السابقة واللاحقة ، حتى لو وصل به الأمر الى أستخدام كاتم الصوت في اغتيال وتصفية كل مراجعنا العظام اذا وقفوا حجرة عثرة أمام طموحه في الأنقلاب على كل شيء وتوزير نفسه الولاية الثالثة
مقالات اخرى للكاتب