في كل مرة احاول ان اجد وصفاً حقيقياً لمشاعر التي تنتاب كل من ابعدتهُ الظروف عن وطنه وهاجر الى بلاد المنفى سواء كانت بأرادته ام قسراً عن تلك المشاعر الممزوجة بألم الغربة وانين الشوق الذي يعتصر قلوبنا ويعجز التعبير في بعض الاحيان عن تلك الامنيات التي نحملها هناك حلماً توقف في منتصف الطريق وهناك امل ماتَ منذ الوهلة الاولى مواقف يمر بها كل من لسع بنار الاغتراب يحدثني احد الاصدقاء عن محطات حياته العابرة عن معاناة مازال يواجهها فكلُ جلسة حوار معه يبتسم في نهاية الحديث قائلاً (الحمدالله استاذ اهم شي بأمان ونشتم هذا الهوى) اصبح حلمنا الوحيد هو الامان والسلام واي سلام هذا الهاجس الوحيد الذي يتمناه كل انسان على وجه هذه الارض يستدرك حديثه صديق الغربة مشاعر الحزن والاسى وهو يتذكر كيف هرب من جحيم الحرب التي لحقت مدينته صلاح الدين
موضوع الإغتراب موضوع كبير , وهام , وواسع , إنه مأساة العصر .. وأزمة هذا الزمن الرديء.. وظاهرة تتّسع يوما بعد اّخر
فمنذُ خمسينات القرن الماضي , حتى هذه اللحظة اخذت بالإتساع وإرتفاع وتيرتها , نظرا للظروف والتطوّرات السريعة والمتغيّرات الداخليّة المحليّة . والأقليميّة والدوليّة
الإغتراب أو الإرتحال .. والتهّجير أو الغربة , قديمة قدم الإنسان الذي يجول على هذه الأرض , في صراعه ضدّ الطبيعة , والوحوش الضاريّة أوّلا , ومن ثمّ أخيه الإنسان الذي ثبّت –بضم الثاء – الاّن الصراع مع وحوش الغابة أسهل بكثير من الصراعات بين البشر , حيث يسيطر القوي على الضعيف .. والغني على الفقير .. ورجل السلطة على المواطن العادي
في الغربة، ومنذ اليوم الأول سيعانق المغترب دموعه كثيراً، وستفشل كل محاولات احتباسها أو البحث عن بديل لها، سيفاجأ بثمة كلمات تختنق، ومشاعر لا تترجم إلاّ دموعاً تنهمر بسخاء، خاصةً حينما يسمع صوتاً يشبه أصواتاً أحبته، أو يري لمحة بسيطة تشابه هيئة أجسامهم، أو وجوههم
فمحطات الغربة لاتنتهي ودروسها لن تتوقف ففي كل اشراقة صباح جديدة هناك درسً نتعلم منه ابجديات الحياة نصوغ منها معالم المستقبل والذي نتمناهُ خيراً فالتفاؤل هو الطريق الوحيد الذي سيبدأ به كل شخص حالم بغدً افضل بطموحً لايتوقف فمواقف الغربة وتجاربها تصنع الامل لكل من فقد الامل
واختتم حديثي عن أحلام مستغانمي من رواية (عابر سرير ) تقول فيها ان النّاس تحسدك دائماً على شيءٍ لا يستحقّ الحسد؛ لأنّ متاعهم هو سقوط متاعك، حتّى على الغربة يحسدونك، كأنّما التشرّد مكسب وعليك أن تدفع ضريبته نقداً وحقداً
مقالات اخرى للكاتب