اليوم ايقنت تماما بالحكمة القائلة (اذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب) اكثر من اي وقت مضى ، وايقنت اكثر بأن الصمت سيد الاخلاق ، ورفعت شعاراً مع نفسي عسى ان يستفيد منه الاخرون هو ( اسكت ) خاصة واننا نعيش في عصر الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير اللتان يتيحان للجميع الكلام بأي موضوع.
اصبح السكوت اليوم واحدا من مكملات شخصية العراقي الذي يريد الحفاظ على سمعته وهيبته او ربما حياته في اغلب الاحيان ،فقد تكون زلة لسان صغيرة تنقلك الى العالم الاخر وانت لا تعرف لماذا ، ولا يوجد هناك من يبرر لماذا انت في هذا الموقف .
اقول اسكت ولا تفضح نفسك فالعيون مفتوحة والاذان تراقب ، اسكت ولا تشكو ضيمك لاحد، اسكت واحتفظ به خزينا تحت ثنايا جسدك الذي يكاد ينفجر من كثرة البلع ، اسكت وخيم على همومك كي لا يراها احد او يسمع بها من يبحث عن تجار الهموم، فالسكوت اليوم وسيلة نجاة او طريقة حكيمة لاستمرار الحياة وصار الحديث او الإفشاء باي شيء مثلبة بشخصك لأنه يجعلها منطقة رخوة يسهل اختراقها في اي زمان، وابتعد عن الشكوى لأنك ستكون موضع استرحام واستعطاف في المجتمع لا اكثر ولا اقل، ولا تحاول ان تبدي رايك بأي قضية لأنها ستحلق بك الى مصاف المنبوذين والمستهدفين .
انها نصيحة للعاجزين عن حفظ السنتهم مكتومة في افواههم ، نصيحة لمن يريد ان يعيش بلا مشاكل حياتية يحاول البعض ان يصطنعها لمجرد كلام قد لايحمل في طياته ماهو سيء .
اذا كان كل الكلام محرماً في الزمن الرديء وتم استبداله بالسكوت فكيف لنا ان ننتقد او ننصح ، او نساهم في البناء انها معادلة صعبة عندما ترجح كفة السكوت على الكلام ما دامت كفة فتح الافواه مدعومة ببنادق ومسدسات كاتمة .
ليس امامنا سوى السكوت اليوم بانتظار ان تنجلي الغمة ونبدأ التمرين من جديد على اطلاق الصرخات بملء أفواهنا.
مقالات اخرى للكاتب