في الثلاثين من نيسان الماضي، خرج من خرج لانتخاب نواب البرلمان العراقي الجديد، هي صورة تتكرر، وحلم جميل لا يمكن أن يستفيق منه الشعب، الإ ساعة تشكيل الحكومة المنتظرة، من قبل الجميع، حكومة تغيير الواقع، حكومة رافضة بالجملة والتفصيل سنين العجاف الماضية، حكومة تُحول الأعوام القادمة لأمن وأمان وازدها .
لست أول المتشائمين؛ لكني لست أول المتفائلين، فالحكومة الماضية فشلت فشلا ذريعا في إدارة البلاد، وتوفير الأمان لمعظم العراقيين، وحسب ما اعلن عنه الناطق الرسمي السابق بأسم الحكومة العراقية، (علي الدباغ) في بيان له عام 2011 إن:"عدد ضحايا العنف في العراق قد بلغ (69163) شهيدا خلال الفترة من نيسان 2004 وحتى أيلول 2011" أي بمعدل (21) شهيد يوميا.
والحكومة السابقة كانت على علم مسبق وصريح؛ بمن يقتل هذا العدد من الضحايا يوميا، ففي تصريح سابق لرئيس الوزراء العراقي الطامح لولاية ثالثة:"أنا على علم بكل من يفخخ ويقتل الأبرياء لكني أخشى على العملية السياسية من الإنهيار".. ولو أردت الحديث لأصبح البرلمان (دك بوكسات)"..!
هي معادلة بسيطة لمن أراد الحل والنجاح في قادم الأيام بسياسة واقعية منضبطة تأخذ على عاتقها هموم ومشاكل البلاد والعباد لا هموم حزبية فئوية سلطوية ضيقة.
ما كان يريده الساسة من الناس قد تحقق من خلال المشاركة الواسعة في الانتخابات حسب ما ذكرته المفوضية العليا "المستقلة" للانتخابات، رغم كل اللغط، والجو الذي رافق العملية من إختيار قانون (سانت ليغو) المشين وانتهاء بالبصمة المشؤومة، لا أود الحديث عن تفاصيل وخروقات المفوضية التي تستطيع الزوغان من خلال القانون والدستور العراقي الذي يحمل أوجه متعددة.
اليوم وكما يقال يوم جديد يحمل أفكار ورؤى جديدة لبناء البلد، كيف سيبنى البلد؟!
بل كيف سيتم تشكيل الحكومة المقبلة على أُسس متينة غير قابلة للانهيار أو التشكيك، وتجمع كل الأطراف، والتعاطي معها وتقويتها؟
بعد ظهور النتائج وعدم حصول أي كتلة من الكتل المشاركة؛ على الأصوات المؤهلة لها لتشكيل حكومة بأغلبية بسيطة، بات على تلك الكتل البحث عن العامل المشترك بينها والآخرين لتشكيل الأغلبية البسيطة.
ليست هناك مشكلة في ذلك، التوافقات سمة من سمات العملية السياسة المعاصرة في العراق، لكن المشكلة الحقيقية تكمن في بعض الكتل، التي استطاعت بحملتها الانتخابية تظليل الشارع العراقي؛ وتقسيمه الى فئات طائفية، وعرقية، ومناطقية، وهي الآن تسعى الى إيجاد مساحة كافية من أجل التوافق مع تلك الكتل التي رفضتها قبل أن تعلن نتائج الانتخابات.
هنا عادت المعادلة الصعبة، فكيف لنا برفع الاقواس عن نظرية ذي الحدين.. دون إيجاد الحل المطلوب وكل ما حولنا يثير
الجدل، لماذا التلاعب بعقول الناس، وتصوير الاخر لهم بانه عدوهم الأكبر، ويجب الخلاص منه وفي ذات الوقت، يكون التقرب اليه حسنة، ومثوبة للخروج من عنق الزجاجة وتشكيل الحكومة.
أذن لا مبادئ في السياسة حسب متبنيات بعض المشتركين في العملية السياسية، إذ لا يمكن وصف ما يجري في الساحة العراقية بانه حالة مثالية، ولا يمكن القول إن السياسة هي (فن الممكن)، وفق المعيار السابق الذكر.
فالسياسة رسم لعمل مستقبلي بناء، قادر على النهوض بالبلد وتدارك سنين الضياع والحرمان، والفقر والتشرد، وليس للسياسة دخل من قريب أو بعيد بألاعيب صبيانية، ومواقف متغيرة على طول الخط.
ايها السادة ان لم تستطيعوا بناء بلد قادر على توفير ابسط حقوق مواطنيه من امن وخدمات واعمار فالجدير بكم ان تعتذروا لهاذا الشعب وتكونوا مواطنين ضمن حدود ادارية وتتمتعوا بكافة امتيازات حامل الجنسية العراقية.
مقالات اخرى للكاتب