بعد ظهور نفوذ المملكة العربية السعودية الاقتصادى القوى بعد ثورة الثلاثين من يونيو بمصر، ثم الدفع بالذراع السياسى لها فى المنطقة سواء فى الانتخابات العراقية او اللبنانية و الملف السورى، ثم أطلاق الذراع العسكرى بمناورات سيف عبد الله و ما حملته لنا تلك المناورات من " رياح الشرق " القادرة على حمل الرؤوس النووية، و تنامى نفوذ المملكة العربية السعودية السياسى و الاقتصادى بالاقليم، ثم التغيير فى شكل و نهج قادة المملكة مع حركة التغيير التى تمت مؤخرا بعد مبايعة سمو الأمير " مُقرن بن عبد العزيز آل سعود " وليُّا لوليِّ العهد، ثم تعيين الفريق اول " يوسف بن على الادريسي " رئيسا لجهاز الاستخبارات السعودية العامة خلفا لسمو الامير " بندر بن سلطان "، بجانب أقتراب انتهاء فترة تولى امراء المناطق لمناصبهم، و كذلك بعض الحقائب الوزارية، مما يؤدى الى الدفع بدماء جديدة و اجيال واعدة الى دائرة سلطة الحكم بالمملكة، كان كل ذلك كافيا لنفخ بالون أختبار للمملكة العربية السعودية، لجس نبض تعاملها مع الغرب و قياس رد فعلها من جانب، و محاولة وضع القيادة الحالية فى حالة من الحرج، و قلة الحيلة أمام شعوبها و الرأى العام من جانب أخر .
و لو رجعنا بالذاكرة الى الخلف سنجد تكرار تلك البالونات بعد أحداث تغيرات جذرية كما حدث الان، و دائما ما يتم نفخ تلك البالونات بواسطة غاز اليمين المتطرف، و غالبا ما يتم نفخها فى شمال اوربا، فقد كانت البالونات السابقة بالدنمارك و السويد، اما الان البالون الجديدة تم نفخها بهولندا على يد النائب البرلمانى اليمينى " خيرت فيلدرز " رئيس " حزب من أجل الحرية " و هو صاحب سجل حافل من الهجوم العنصرى على العرب المتواجدين بهولندا، خاصة المغاربة، و أطلاق سلسلة تصريحات ضد العرب و وصفهم بالارهابيين، و مطالبته الدائمة للبرلمان الهولندى بحماية أمن أسرائيل، و الان يعود " فيلدرز " ليقوم باستبدال عبارة الشهادتين على العلم السعودي بعبارات مسيئة للدين الاسلامي و للمملكة العربية، و بات من يصنع البالون و يرسلها لشمال اوربا ليتم نفخها بواسطة غاز اليمين المتطرف ينتظر فى بيته الابيض رد الفعل، حتى جاء رد الفعل سريعا بحزمة قرارات من المملكة بفرض عقوبات تجارية على شركات هولندية، ونيه المملكة خفض عدد تأشيرات الدخول المعطاة لرجال أعمال هولنديين، و أصدار أمر ملكي يدعو الشركات السعودية إلى عدم تمكين الشركات الهولندية من المشاركة في المشاريع المستقبلية في السعودية، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، مما أجبر هولندا بتحرك دبلوماسى رفيع المستوى لتهدئة حالة الغضب السعودى، و هو ما جعل وزارة الخارجية الهولندية فى حالة أرتباك، حتى أعلنت وزارة الخارجية الهولندية إنها بصدد ايفاد مبعوث خاص الى السعودية، لمحاولة تدارك تدهور العلاقات بين البلدين نتيجة التصريحات والتصرفات الصبيانية لـ " خيرت فيلدرز " كما ذكر بعض الدبلوماسيين الهولنديين، ثم تصريح وزير الخارجية الهولندي " فرانس تيمرمانس " للصحفيين بأمستردام، إنه ركز في مباحثاته مع الجانب السعودى على تبني هولندا لمبدأ حرية الرأى و التعبير، ولكن الحكومة الهولندية لا تشارك " خيرت فيلدرز " مواقفه و أفعاله، و أنه يجب أن تتفهم الحكومة السعودية انه ليس صحيحا ان تعاقب امة كاملة نتيجة تصرفات صبيانية يقوم بها نائب واحد .
بالفعل هى ليست بالون الاختبار الاولى، كما أنها لن تكون الاخيرة، لكن بات من المؤكد بعد ذلك ان اى بالون أختبار اخرى سيتم نفخها لاختبار جديد ستنفجر فى وجه صاحبها .