انظر ماذا يجري في العالم الاسلامي والعربي بشكل خاص، احداث سياسية متلاحقة وأزمات لا اول لها ولا آخر، والفوضى هي السائدة فيه، جميع انواع المساوئ والآثام وكبائر الذنوب التي نهى عنها الله ورسله والحكماء والفلاسفة والمصلحون عبر التاريخ تتغلغل فيه؛ من جهل وفساد وبلطجة وقلة ذمة وضمير والهرج وهو يعني القتل كما جاء في الحديث الشريف: (ان بين يدي الساعة الهرج قالوا وما الهرج ؟ قال القتل، انه ليس بقتلكم المشركين ولكن قتل بعضكم بعضا )مع انه يظهر التقوى والصلاح ويحرص على اداء فرائضه الدينية من صلاة وصوم وحج على اكمل وجه، ولكنه مع ذلك، لا يتوانى لحظة عن ارتكاب افظع الجرائم وأقساها بحق الآخرين، ولو كان الحق الى جانبهم، كما فعل النظام العراقي مع الشعب الكردي في عمليات قتل جماعية سماها «الانفال» على اسم سورة في القرآن الكريم عام 1988 (لاظهار العملية على انها عملية جهادية ضد الكفار!!) حيث قام بدفن اكثر من 180 ألف بريء في الارض وهم احياء دون ان يرف له جفن، وكما يفعل اليوم النظام الاسدي الطائفي المجرم بحق الشعب السوري المظلوم.. لا شيء يوقف هذا العالم المتناقض المعقد عن عدوانيته وهمجيته، مع انه يدعي الاسلام ومحبة الله!! والله بريء من افعاله وتصرفاته.. والعجيب انه رغم قيامه بعمليات قمع منظمة ضد شعوبه المسلمة وقتله من دون رحمة، نراه يرفع صوته مستنكرا ومحتجا على ما يجري من انتهاكات صارخة في «ميانمار» بحق شعب «الروهينغا» المسلم هناك!! مطالبا المنظمات الاممية باتخاذ اقصى العقوبات الرادعة ضد سلطاتها، او نراه يندد بشدة بالرسوم الكاريكاتيرية الساخرة التي ينشرها رسامون غربيون للرسول صلى الله عليه وسلم بين فترة وأخرى ويدعو الى التظاهر وتحشيد القوى ضدهم. هذا هو الوضع البائس للعالم العربي الاسلامي الذي أضاع طريقه وفقد اتجاهه وبوصلته، ولم يعد يعرف الى اين يسير و بماذا ينتهي به المطاف، فمنذ ان ابتلي بحكم العسكر والانقلابات البوليسية، والحكام المتسلطين على رقابه، لم يعد قادرا على التمييز بين الصواب والخطأ، وبين الايمان والكفر، تشوشت لديه الرؤية ولم يعد قادرا على الرؤية الطبيعية الصحيحة، بينما هو في هذه الحالة الهلامية غير المتوازنة، مهزوم ومدحور ومحطم داخليا، يدور في ساقية العبط والفوضى مثل الثور المعصوبة عيناه، نرى العالم «الغربي» في الجهة المقابلة يقف امامه متفرجا، ينظر اليه بكل برود أعصاب ويواصل مسيره نحو التقدم والتطور.. ففيما هذا الغرب «الكافر» يبني ويتقدم بهدوء وثبات في عمق المعرفة ليضيف شيئا جديدا لمصلحة مجتمعاته ورفاهية شعوبه، حتى حول بلاده الى جنة حقيقية تليق بكرامة الانسان ومكانته كسيد المخلوقات في الارض، ويتمتع بالحياة ويعيش في الحاضر، فإن الشرق «الإسلامي العربي» يعيش في الماضي السحيق، ويعرف كيف يموت ويودع الحياة دون ان يترك شيئا مفيدا وراءه، عالم الغرب؛ مشغول بأبحاثه واكتشافاته، والشرق مشغول بتفاهاته وحماقاته ومغامراته العسكرية، وبنزاعاته الطائفية والقومية التي لا تنتهي، والنتيجة ان الهوة بين العالمين تتسع أكثر فأكثر، والاختلاف يكبر ويتضخم، عالمان متناقضان، لا يلتقيان أبدا، مختلفان في كل شيء، حتى في الصفات الانسانية المشتركة، فشتان بين من يعمل للحياة وبين من يعمل للموت.. لا يستويان!!