خلقنا الله تعالى ، وصوّرنا بأحسن تقويم ، لنكون نموجاً راقياً لقدرته عز وجل .
ولنتعلم ونَعْتَبر من الدروس والعبر التي تمر علينا وعلى غيرنا من الشعوب والامم ، لنصل بالتالي لأرقى أنواع التصرفات الحضارية في مجتمعاتنا .
لم يخلقنا الله لنتكبّر ونتجبّر ونُعاند ، إرضاءاً لكبرياء مقيت ، وغرور أحمق ، لايمكن أن يكون له قيمة ووجود في كتاب مقدّس ، او سُنة نبوية ، أو نهج للأولياء والصالحين .
عندما تخرج علينا يادولة السيد الرئيس الهُمام في جلسة رمضانية مع بعض المقربين ودقاقي الطبول ، لتُعلن للملأ ، وبدون نبرة إعتذارٍ أو أسف ، او حتى خجلٍ او ندم ، أن نوّابك قد فشلوا ، ووزرائك فشلوا ، وضبّاطك فشلوا ، وإنهم كانوا يكذبون عليك ويعطوك الأرقام والمواقف غير الحقيقية ، وبالتالي فشلت بتقديم ماكنت تتمنى أن تُقدّمه لشعبك من خدمات وتنمية وثقافة وإستثمار وبُنى تحتية وأمن ، ولأسباب وجدتها بنفسك واهية ، ثم تُنهي لقائك بطريقة دراماتيكية ، وبإصرار على إكمال ولايتك الثانية ، طامحاً مصرّاً بولاية ثالثة ، متجبراً متكبراً مستهزءاً بشركائك ومعارضيك وشعبك المسحوق ، فأنا لا أرى ولا يمكنني أن أصف مثل هذا المشهد إلّا قمّة للغرور والعنجهية والضلالة والديكتاتورية .
علماً التاريخ البعيد والقريب ، قد علّمنا أن ثورات الشعب لايُمكن الوقوف بوجهها ، ونعيش اليوم ثورة الشعب المصري التي سطّر فيها أروع سطور البطولة والفداء ، ألم يكن الأجدر بك يادولة السيد الرئيس أن تَعتبر مما جرى للرئيس المصري المخلوع الاول والمعزول الثاني .
إن عناد الشعب ، والتكبّر والتجبّر عليه ، ليس له نهاية طريق إلّا مزابل التاريخ .
وأظنها بطولة وشجاعة أن تعترف يادولة السيد الرئيس بالفشل ، وعلى الملأ ، لكنها كانت ستكون بالتأكيد أكثر بطولة وأكثر شجاعة ، لو أكملت جملتك وإعتذرت من شعبك ، وقلت لهم هذه مقدرتي ، وهذا إحتمالي ، وأنا طوع أمركم ، وفرد منكم ، مقاتلاً مجاهداً عاملاً لبناء وطننا العراق .
أليس الأكرم والأحسن أن يتخلّى المرء عن ثقلٍ يحمله ويتململ من حمله ، من أن يُنتزع ويُرفع عنه بقوة الشعب او قوّة القانون الذي سيطالك لامحالة عند خروجك المؤكد بعد إسقاط حكومتك او إنتهاء ولايتك .
أليس من الأكرم ، أن يخرج المرء رافعاً رأسه ، من أن يخرج منها مذموماً مدحورا .
فإعْتَبر من قصص الآخرين ياأخي ، واُكتب مجدك بيدك ، وتخلّص من الثُقل الذي سيُحاسبك الله عليه يوم العرض ، وإغسل يديك مما علق بها من دمٍ بريئ ، ووسخ دنيا ، وإرجع لدعوتك التي كانت نموذجاً للطُهر والشرف والعزّة والرفعة .
(( لَقَدْ كانَ في قَصَصِهِمْ عِبْرَة لأولي ألالبابْ )) . صدق الله العلي العظيم .
ألّلهم إشهد . . أني قد بلّغتك . . ألّلهم فإشهد هذا فراق بيني وبينك .
والله من وراء القصد .
المُرسل / د. نبيل احمد الامير