من المهم القول أولاً أن الاستفتاء هو موضوع قانوني منصوص عليه في القانون والدستور قبل ان يكون موضوعأ سياسياً او وجهة نظر لمكون قومي او جهة سياسية او شخصية تدعو تنادي بهذا الحق المنصوص عليه في معظم القوانين والدساتير، كما ان حق تقريرالمصير لأي شعب او قومية في هذا العالم ومنها شعب كوردستان هو حق إنساني طبيعي مشروع في كل القوانين والعهود والاتفاقيات الدولية، وقد نصت عليه واكدت عليه المواثيق العالمية لحقوق الإنسان وإعلاناتها، وقرارات الأمم المتحدة خلال مسيرتها من ايام عصبة الامم المتحدة الى يومنا هذا والتي تقر وتعترف بحقوق اﻻﻧﺴﺎن وما يتبعها من حق اﻟﺸﻌﻮب ﻓﻲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼﻴﺮها بنفسها.
واذا كان هذا حال القوانين والشرائع الارضية فان الشرائع والاديان السماوية وفي مقدمتها الديانة الاسلامية قد اقرت هذه الحقوق لأن جميع البشر يقفون في رحابها على قدم العدل والمساواة في الحقوق والواجبات.
ان الدستور العراقي لعام 2005 وهو الدستور الذي لم يكتسب الشرعية والوجود الا من خلال الاستفتاء العام الذي جرى عليه والذي اصبح نافذا بعد اجراء الاستفتاء مما يعطى اهمية وقدر كبير من التقدير والاحترام لارادات وآراء الناس الذين يتوجه اليهم الدستور والذي لا بد ان يكون لهم رأي وقرار في مواده ونصوصه.
وقد نص في مقدمته أن الالتزام بالدستور يحفظ للعراق اتحاده الحر شعباً وأرضاً وسيادةً وبالتالي فان المفهوم المخالف لهذا القول ان عدم الالتزام وخرق احكامه تعطي الحق في تقرير المصير لشعب كوردستان الذي كان وضعه أشبه بالاستقلال قبل تاريخ 9نيسان2003 ووافق من خلال هذا الدستور بالاتحاد الاختياري المشروط بالالتزام شكلاً وروحاً باحكامه ومواده.
ان الاستفتاء في ابسط تعريف هو (أخذ رأي الناس في موضوع معين له علاقة بحياتهم ومستقبلهم) وهو قد يكون في المواضيع الحياتية اليومية البسيطة ويتردج الى اكبر واهم المواضيع التي تمس مستقبل وكيان الافراد والشعوب، فالاستفتاء قد يجري حول مواضيع مختلف عليها مثل العنف الاسري أوتحديد ايام العطلة الاسبوعية من قبل احدى المنظمات او الجهات لمعرفة اتجاهات الراي في مجتمع ما حول هذه المواضيع، او قد يكون حول قوانين او نص معين فيها صدرت حول تلك المواضيع فيكون (استفتاء قانوني) او (استفتاء تشريعي) حول تشريع ما اصدرته السلطة التشريعية(البرلمان) وتريد ان يحظى باعلى درجات القبول من خلال عرضه على الشعب للاستفتاء عليه، كما ان الاستفتاء قد يكون على الدستور فيسمى( استفتاءاً دستورياً) كما حصل على الدستور العراقي عام 2005 والدستور المصري عام 2013.
فالاستفتاء قرار داخلي للشعب يصدر وفق السياقات والطرق الدستورية والقانونية اي من خلال السلطة التشريعية(البرلمان) بناء على طلب عدد من اعضائه او طلب من السلطة التنفيذية او الرئيس او مجموعة تواقيع من عامة الشعب تصل الى البرلمان.
عليه فان طلب السيد مسعود برزاني رئيس الاقليم من برلمان الاقليم بتشريع قانون المفوضية العليا المستلقة للانتخابات الخاصة بالاقليم لغرض القيام بالاجراءات الخاصة بالاستفتاء في اقليم كوردستان هو تصرف قانوني صحيح وسليم من حيث اتباعه الطرق القانونية السليمة، لان الاستفتاء لا يمكن ان يتم الا بقرار من البرلمان باعتباره ممثل الشعب طبقاً لنظرية الديمقراطية غير المباشرة والتي ينوب فيها النواب عن الشعب، لكنه في ذات الوقت تطبيق سليم للديمقراطية المباشرة من حيث تصويت الشعب كل الشعب على موضوع مهم ومصيري هو حق تقرير المصير ولا بد ان يكون للشعب صوته وقراره على ورقة التصويت الخاصة بالاستفتاء من خلال التاشير على علامة موافق او عدم موافق والتي ستلزم بعدها كافة السلطات لاتخاذ واقرار كل الخطوات القانونية والدستورية من اجل تطبيق ارادة المصوتين على الاستفتاء على ارض الواقع.
ان واقع المجتمع الدولي واهمية الاستفتاء الذي جرى في اماكن واوقات مختلفة خلال السنوات الاخيرة تبين اهمية هذا الطريق باعتباره احد الطرق الديمقراطية والسلمية من اجل تقرير المصير والذي ساهمت فيه الامم المتحدة والمنظمات الدولية في تنظيمه ومراقبته والاعلان عن نتائجه، ويمثل الاستفتاء الذي جرى في اقليم تيمور الشرقيه الذي كان جزءاً من اندونيسيا، ودولة جنوب السودان، ومحاولات الاستفتاء في اقليم القرم في الانفصال عن اوكرانيا نماذج حية لاهمية هذا الطريق.
اننا نعتقد انه من المهم التركيز على قانونية الاستفتاء وعدم تسييس الامر، اي التركيز والاستفادة من ايجابيات تجربة هيئة الانتخابات المستقلة في العراق واصدار قانون في الاقليم يتلافي كل عيوب هذه الهيئة الى جانب النص في القانون المزمع تشريعه على اشراك الامم المتحدة من خلال بعثتها المتواجدة في العراق والاقليم الى جانب بعثة الاتحاد الاوربي والمنظمات والبعثات الدولية والدبلوماسية والقنصلية من اجل خلق مناخ اقليمي ودولي يتقبل نتيجة هذا الاستفتاء والذي يجب ان يتم بصورة شفافة وديمقراطية ومن غير اي املاءات او فرض آراء او مواقف على احد.
فالشعب ..وحده سيكون له القرار في هذا الاستفتاء ونقترح ان يجري في ذات الوقت جمع تواقيع المصوتين على هذا الاستفتاء بشكل منفصل لغرض الاستفادة منها في تقديم طلب الى الامم المتحدة والمنظمات الدولية واعلامهم برغبة شعب اقليم كوردستان المحب للحرية والاستقلال والملتزم بمبادئ حسن الجوار واحترام حقوق الانسان.
القاضي
عبدالستار رمضان
نائب المدعي العام –اقليم كوردستان العراق