الطريق المجرب ليس هو الأفضل دائما، كثيرا ما تطرق أسماعنا هذه الحكمة، وتترك أثرها في خياراتنا المستقبلية، لتحمل بين طياتها اكتشافات وأسرار، قد غفل عنها السابقون، سلوكيات الأفراد تجتمع وتتجمع تراكميا، من خلال إدراكه العقلي، والمساحة التشغيلية لخلايا المخ، حيث يعتبر القاعدة الأساسية، لاتخاذ القرار حسب قراءة تلك البيانات المخزنة.
الغباء والذكاء، عوامل صفاتية وبيئية، ترافقها الحكمة والسذاجة، ممكن للإنسان أن يكون ذكي حسابيا، لكنه يفقدها تحريريا، وهذا ينطبق على السياسة أيضا، فهناك غباء سياسي مطبق، وسذاجة سياسية مقحمة، تراود بعض سياسيينا، وتحرفهم عن جادة الصواب، حتى تتركهم بين أمواج متلاطمة، تفقدهم التوازن الفكري، تترجمه خطواتهم المتعثرة، وكلامهم الخيالي، بعيدا عن الواقع.
في لقاء متلفز بث على إحدى القنوات العراقية، تلمس قمة الغباء المبطن بسذاجة فكرية، كان يفتقر لأبسط المقومات السياسة، والمنطق ألعقلائي، بتصوره إن الشارع الذي استغفله سابقا، بسندات وهمية، ومجالس إسناد عشائرية(مدفوعة الثمن) وهدر للمال العام، على شبكات إعلامية وإعلانية تحرف الحقيقة، وتسقط الآخرين سياسيا وأخلاقيا بكل الوسائل الغير شريف، أنها ستنجح مجددا(بعد ما تعبر علينه).
الم تعلم يا أستاذ، أن سبعمائة ألف صوت، لم تكن حقيقة! جمعتها بالتزوير وشراء الضمائر واستغفال البسطاء، فهل ستعمل على نفس طريقتك السابقة، التي ضيعت بها ثلث البلد، بيد العصابات الإرهابية، وجثامين اسبايكر الذين ذبحوا، ولم يهتز لك جفن، يا سيادة القائد العام للقوات الفضائية.. أي نوع من الإمراض قد أصاب عقلك المتصابي، وأي خلل تعانيه بعد إخفاقاتك الواضحة للجميع، حقا انك تودع السياسة بغباء متصاعد وعقدة نفسية متزايدة.
قرينك بالسذاجة وخصمك في السياسة، يتقدم هو الأخر بخطوة نحوى الانتحار السياسي، ليفرض فشله وتخبطه وخروجه عن كافة الأطر السياسية، ونزوله لمستوى الشوارع و(البلطجية) لفرض آراءه السياسية، تهديد ووعيد ثم خرق وتدمير، وانسحاب يتبعه اعتكاف حتى احترقت، جميع أوراقه التجارية، أخذ يجمع بقايا خيمته الخضراء، وملابسه المرقطة ، و"جكساراته" باهظة الثمن، ليعود أدراجه حيث مضى سابقا، بعد خيبة الأمل، منية بها في تظاهراته الأخيرة.
أي نوع من السياسة يتبعوها هؤلاء، وأي صنف من العقول يحملون، إناّ على يقين إن عقولهم لم تتجاوز مراهقتها، فمازالوا يتبارزون بالسباب والشتائم، والانتقاص الشخصي، ليرمي احدهم الأخر بالصفات التي لم تتركهم يوما.
حقا أنهم فقدوا اتزانهم، وكشف زيفهم، وأصبحوا لعبة انتحارية تدق طنين أجراسها متسارعه، لتعلن نهاية مأساوية لأحزاب حكمت وتحكمت بمقدرات الوطن، وأسست لحاشيتها إمبراطوريات فاسدة، تتحكم بمصير الشعب، ما ستفرزه السنوات القادمة من وجوه جديدة وتوجهات مختلفة ، تعتمد بالأساس على مقدار الوعي، الذي اكتسبه الشعب من تجاربه السابقة، و قوة إرادته في التغيير نحو الأفضل.
إذا شعب يوما أراد الحياة، فلا بد للحشد أن يستمر، ولابد لليل أن ينجلي، ولابد للقيد أن ينكسر.
مقالات اخرى للكاتب