تخلى العراقيون عن أسلافهم.. تاركين الطاغية المقبور صدام حسين، يجفف الأهوار منتصف الثمانينيات؛ فتنطمر أنفاس أجدادنا، تحت سبخ الطين والطمي الرسوبي الحي.. مواتا! وتضافرت الإرادات الدولية المحيطة بنا، على تكريس هذا الجفاف؛ فأوقفت تركيا الإطلاقات المائية الواجبة عليها للعراق، بمباركة وتحفيز من صدام، لذا جاء درج اليونسكو للأهوار ومواقع أثرية.. أريدو والوركاء وأور، على لائحة التراث العالمي؛ يكفل للعراق نسبا قياسية من تدفق الماء التركي، على نهري دجلة والفرات، ليصبا وفرتهما، في الأهوار؛ فتنتعش صيدا وزراعة وسياحة و... كل شيء.
هذا الجهد الدبلوماسي، الذي بذلته غرفة عمليات معقدة الأداء.. تألفت من وزارات الثقافة والبيئة والخارجية والثروة المائية بإشراف أمانة رئاسة مجلس الوزراء، تمكنت من إدارة الملف، بين 22 دولة، منها 3 بالضد، و17 غير مبالية وإثنان متجاوبة، هي لبنان والكويت.
لكن لعبة المشاطرة، المشروعة دبلوماسيا، في سبيل تحقيق مكسبا أفرح شعبا نخرته النكبات، أكد أن الإرادة العراقية كالعنقاء، تنهض من رمادها، وهو جزء من عزاء يشفي غليل الشهداء في قبورهم، حين يتأملون من علياء الجنة، أن وراءهم أهل بدؤوا يسعدون، في وطن تكفله عقول واعية، لن ترضخ لشهوة المال التي لا تريد ان ترتوي لدى البعض.
إلا أن الخير هو الابقى، ويقيننا بالله، ذلل الصعاب، أمام لجنة ملف الاهوار والمواقع الأثرية، فشعرت كأن بلاغة علي ودرة عمر، توجهان المناقشات، الى أن صوتوا، على الملف العراقي، خلال إجتماع اليونسكو، في تركيا من 10 – 20 تموز الجاري، وقد لان الموقفان الفرنسي والايراني، وتعززت الحماسة اللبنانية والكويتية، بتضامن الأعضاء الآخرين، ولم يعق الرفض التركي، إقرار درج الاهوار والمواقع الاثرية العراقية، على لائحة التراث العالمي، بإعتباره منجزا عظيما أفلحت الحكومة بتحقيقه.
وكما يقول رئيس الوزراء الأسبق نوري السعيد: "خذ وطالب" فالمكسب يستحضر معه جملة إستحقاقات.. خارجية وداخلية.. الأمم المتحدة تلتزم إرسال ما وعدت به؛ وعلينا أن نحسن تسلمه؛ بإعداد خطط إستثمارية في السياحة والإقتصاد؛ تعود على المنطقة وعموم العراق، بمنافع كبرى.. مالية وحضارية... تنفيذ تلك الخطط مهمة الأمم المتحدة، وبالنتيجة تصب في منفعة العراق.
بإمكاننا دعوة رؤوس المال العالمية، بضمانة الامم المتحدة، الى الإستثمار في الأهوار والمواقع السياحية، من خلال إنشاء فنادق وكازينوهات وأسواق ومعامل تعليب وأعلاف ومصائد سمك وطيور وزراعة التمن والحنطة والشعير وحقول لتربية المواشي والدواجن وشبكة مواصلات للنقل البري والمائي والجوي..وسوى ذلك ثمة أيد عاملة ومهندسون وفلاحون ومحامون وخدمات مهنية متنوعة، ربما تستوعب العاطلين، على مقاهي العراق كلها.
ولأننا تجاوزنا خط الشروع، وهو الاصعب، فإن الهمة لن تفتر، في تدعيم وترصين إنفتاح العالم على العراق، وتمتين علاقاتنا الدولية، لبلوغ مستوى حضاري راق، كما هي الأهوار منذ سومر.
فلنحتكم لضميرنا الوطني المتوارث؛ كي نعيد للأسلاف حرمتهم التي سفحها الطاغية، ونبني مستقبل الأجيال.. بوركت الجهود الوطنية المخلصة، ولنسر دوما على منهج الأداء الذي حققته إدارة ملف "درج الاهوار والمواقع الأثرية، على لائحة التراث العالمي" في مفاوضاتها المحترفة، مع اليونسكو والدول الأعضاء، ريثما عادت بالبشرى للعراقيين؛ فإبتهج أبناء الأهوار والجنوب، بخير وفير سيعم العراق كله.
مقالات اخرى للكاتب