لم يكن الأنهيار الأمني وليد صدفة أوأحداثاً طارئة. ففي كل يوم وفي كل ساعة يسقط العشرات من الأبرياء شهداء في وطني العراق وسوريا وأقطار أخرى في وطننا الكبير فتُرمِّل نساء وتُيتِّم أطفال وتُخرَّب وتفجر ممتلكات عامة وخاصة.بل هيَّ برامج مدروسة وممولة دولياً وإقليمياً ومؤدلجة بالفكر الأنتهازي الميكافيلي فإفتقد العراقيون الأمن والأمان .فإنَّ مَنْ يفجر مسجداً فيه شيعة يأدون عباداتهم, أو سنة يصلون لله, ومن يفجر كنيسة أو يستهدف عمال فقراء في مسطر ينتظرون رزقهم ورزق عيالهم, ومن يستهدف مرآباً للسيارات يقصده بسطاء الناس وهم ذاهبين لعملهم أو مدارسهم ,كانَ من كانَ. فهذا الذي يقتل ويفجر ويدمر ليس بإنسان ولا هو بمسلم. هؤلاء خريجوا المدرسة الميكافيلية ويمكن تسميتهم ببساطة بالنفعيين والوصوليين.الذي لا يكترثون لدين أو لخلق كريم أو مبادئ شريفة.
إن لظروف القهر والأقصاء والتجبر والتسلط التي مرت بها مجتمعاتنا الأثر الكبير على نفسية وسلوك الساسة وقادة الأحزاب والتكتلات في بلداننا, فلم تفهم الديموقراطية على حقيقتها وأصول لعبتها ومفاهيمها الأنسانية. فنحت الى أفعال وممارسات تخالف تماماً أدبياتها وما تعلنه من فكرٍ وأيدلوجيات في وسائل إعلامها وأدوات تثقيفها.بعد إنتهجت الميكافيلية سياسة وأسلوباً. ولكن بغير تدبر ولا تعقل, بل بغباءٍ شديد . فما أن تسنح لها الفرصة حتى ترتكب جرائم مشينة بحق شعوبها. فتمارس الأرهاب وتوغِل في الكذب والأداعاءات الباطلة, لتشويه سمعة منافسيها وبأقذر الوسائل.ولا مانع عندها مِنْ أن تضع يدها بيد الأرهاب لتسفك الدماء وتزعزع الأمن ليسهل عليها الوصول لسدة الحكم وهيَّ الغاية. وهذا مانراه جلياً وواضحاً للعيان اليوم في العديد من الأقطار العربية.
يدعي الميكافيليون إنهم واقعيون وهذا كذب وإفتراء. فالواقعية التى تسمى بالبركماتية تعني تصحيح الواقع الى الأحسن وتطوير ما هو جيد ونافع لمنفعةٍ أكبر.أما الميكافيليون فهم يستغلون الواقع لمصالحهم ومنافعهم وإن كان هذا الواقع مدمراً للشعب.فهم يطورون الواقع السيء الى الأسوء.
ساسة وكتل وأحزاب تسرق وتنهب وتقتل وتفجر وتتهم الآخرين بذلك. والمهم هو الغاية والهدف ولا مانع لها ولا رادع ولا وازع أخلاقي عن الوسيلة التي ستحقق بها الهدف, وهوتسقيط الآخرين سياسياً. والزحف للسلطة للأستحواذعليها. ومن ثم نهب خيرات البلاد أو تنفيذ مأرباً من مآرب الآخرين الذين دفعوا الثمن من وراء الحدود.فهم صبح مساء يقرأون كتاب الأمير لميكافيلي ليتعلموا منه أشرَّ أفكاره.ولكي يتفهم الشباب من هو ميكافيلي وما هيَّ أهم أقواله وتعليماته نوجز ما يلي:
هو نيكولو دي برناردو دي ميكافيلي ولد في فلورنسا في 3 مايس عام 1469 وتوفيَّ فيها في 1527 وهومفكر وفيلسوف سياسي إيطالي إبان عصر النهضة.وهو الشخصية الرئيسية المؤسسة للتنظير السياسي الواقعي والذي أصبح لبّ وعصب دراسات العلوم السياسية.وأشهر كتبه على الأطلاق كتاب ( الأمير), والذي هدف منه ميكافيلي إعطاء تعليمات للحكام. وقد نُشر هذا الكتاب الخطير بعد موته. وكان جوهره (إن ما هو مفيد هو الضروري ). وهي فكرة نفعية لا تلتزم بالأخلاق والدين. والمبدأ هو الغاية تبرر الوسيلة .وهذا يعني عدم التورع عن القيام بأي عمل وبأي طريقة( قتل تدمير سرقة غش إحتيال وأي شيءٍ آخر مُحرَّم أو مُستهجن ) من أجل الغاية.وهي الوصول للسلطة والإنتفاع بها.
:من أهم أفكار ميكافيلي وإرشاداته للحكام والساسة
كومة إن الدين ضروري للحكومة لا لخدمة الفضيلة ,ولكن لتمكين الح-1من السيطرة على الناس.
حبي لنفسي قبل حبي لبلادي. -2
يحبوك"من الأفضل أن يخشاك الناس على أن -3
شل أثبتت الأيام إن الأنبياء المسلحين إحتلوا وإنتصروا,بينما ف -4المسالمون.
الغاية تبرر الوسيلة. -5
ما ولو كان يعتقد بفساده. من واجب الأمير أحياناً أن يساند ديناً -6
ليس أفيد للمرء من ظهوره بمظهر الفضيلة وإخفاء ما يخالفها. -7
رف ء شريفاً دائماً ولا ضرر من التخلي عن الشلا يُجدي أن يكون المر -8وقت اللزوم..
لم يبقَّ حاكم ولا سياسي إلا وإقتنى كتاب الأمير يقرأه صباحاً ومساءاً وقبل النوم فمنه يتعلم ويستقي فكره ومنهجه وبه يستنير.
إن المهاترات وعملية التسقيط السياسي التي يقوم بها الفرقاء السياسيون والمشاركون في السلطة اليوم تنطلق من مفاهيم ميكافيلي. فلا هم لهم إلا الأفتراء والكذب ورمي الآخرين بالتهم . وهم مُتهمون بها بواقع الحال. فالفساد طال الجميع والكل متهمون بالعنف والأرهاب.وهذا ما نسمعه منهم كل يوم. فلم نرَّ منهم خلافاً على برامج تنموية وإصلاح, بل تكالب على سلطة هُمْ جزء منها. فلا هم مع الحكومة ولاهم معارضة. تركيبة عجيبة هذه العملية السياسية في العراق الكل حكومة والكل معارضة والفكروالسلوك ميكافيلياً وسلاحه ووسيلته التسقيط السياسي
فكل ما تعمله الحكومة بنظر الشركاء خطأ .وسبحان مَنْ لا يخطئ.فيضخموا الخطأ ويصطادون بالماء العكر. أو يجملون الخطأ ليُعجّلوا بإسقاطها.وإن فعلت الصحيح يهاجموه ويقللوا من شأنه ويرموه بالخطأ .مستشارون ومحللون ومبرمِجون لا هم لهم إلا التسقيط من أجل الكعكة. والكعكة بيد اليتيم عجبة.فمتى يكبر اليتيم (شعب العراق) ويقضم جزءاً من هذه الكعكة قبل أن يلتهمها بالكاملها الميكافيليون؟
يعتقد الميكافيليون إن شعب العراق اليتيم لن يكبر. وسيقى طفلاً يتيماً يتلاعبون به وبدماءه وخيراته .لأنهم حجبوا عنه ثديَّ أمهِ .ولكن المفاجأة آتيه لا ريب.فلن يجف ثدي أمه ولن ينضب الرحم عن منقذين .فهل مِنْ مُعتَبِر؟
مقالات اخرى للكاتب