سمعناها قبل السقوط من كل الإسلاميين على اختلاف أحزابهم وتياراتهم ومراجعهم أو عوائلهم...كلهم قالوا والخشوع يغمرهم والتقوى تلفّهم والزهد يزينهم:
[ قال إمامنا ومولانا أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه: ميدانكم الأول أنفسكم، فإن قدرتم عليها كنتم على غيرها أقدر، وإن عجزتم عنها كنتم عن غيرها أعجز].
كانوا يسوّقونها للناس دون أن يدروا أنهم سوف يصلون إلى مرحلة التطبيق والاختبار ليكتشفوا أنهم سقطوا في الامتحان وأقبلوا على الدنيا إقبال الهيم العطاش فولغوا بالمال الحرام وتلوثوا بالفساد فدمّروا البلاد وفقدوا ثقة العباد ولما حانت ساعة الحساب في الدنيا أصبحوا حائرين ماذا يفعلون.
.....اجتماعاتهم متوالية، اتصالاتهم مستمرة، تصريحاتهم متضاربة، يعصرون أدمغتهم بحثاً عن فكرة نافعة،... يغطّون وجوههم من الناس ....يتوارون من القوم من سوء ما بُشّروا به، ويغيبون عن مكاتبهم ويغلقون هواتفهم ويختبئون خلف الحواجز ويشددون التعليمات ويقللون من التحركات ويكثّفون الحمايات ... يتراكضون هنا وهناك بحثاً عن طوق نجاة، يحاولون الوصول الى جبل يتصوورونه يعصمهم من الماء، لكن الموج يحول بينهم وبينه.. ضاقت بهم الارض بما وسعت، وضاقت عليهم انفسهم... يبذلون المتستحيل للهروب من استحقاقات الوضع الذي ساهموا في إنشائه والذي كان المخلصون (الذين رفضوا مشاركتهم الغنائم تعففاً وديناً) يحذرونهم منه منذ البداية لكنهم وضعوا أصابعهم في آذانهم، واستغشوا ثيابهم، وأصرّوا واستكبروا استكبارا.
اﻵن وقد هاج المحرومون المسروقون وقعوا في حيص بيص...ماذا يقولون؟ ماذا يفعلون؟
هرع الأتباع الطيبون في كل فريق منهم إلى كبيرهم يبحثون عن مخرج... حارَ الكبير...فكّر وقدّر، فقـُتل كيف قدّر، ثم قتل كيف قدر...ثم نظر.. ثم عبس وبسر...ثم أدبر واستكبر...فقال إن هذا إلا مؤامرة من السعودية وقطر.
تقولون إنها مؤامرة؟ تقولون إن المطلوب منها إسقاط الإسلاميين؟
...أتفق معكم فيما تقولون...هناك مؤامرة، وراءها البعثيون والخليج وأمريكا والعلمانيون، وهم يريدون إسقاط سمعتكم لإبعادكم عن الساحة وللقضاء على الإسلام السياسي، ويريدون تشويه سمعة الإسلام والمسلمين لتخلو لهم الساحة. كل هذا أو بعضه صحيح، إنها مؤامرة، لكن من الذي نفذّها؟ من الذي هيّأ أرضيتها؟ ألستم أنتم الذين نفذتموها بمشاركتهم في السرقة؟
المتآمرون - وهم أخبث منكم وأفسد- لم يفتروا عليكم، لكنهم أمسكوكم بالجرم المشهود بينما لم تستطيعوا إمساكهم... بقيتم عاجزين عن مكافحة الفساد مردّدين بكل غباء: إن الفاسدين ماهرون في تغطية فسادهم لذلك لم نتمكن من فعل شيء!
أمسكوا بكم تسرقون مع أنهم سارقون، وفضحوكم بجيوش إعلامهم وأنتم نائمون، وعندما جدَّ الجد، وهرب شركاؤكم من اللصوص الكبار أو اختبأوا وراء جُبنكم وعجزكم عن فضحهم بقيتم وحدكم في الساحة والجماهير تحيط بكم تريد أن ترجمكم...أين المفر؟
أتبكون؟ فلا هدأت الرنّة ولا سكنت العبرة.....
كأنّي بكم مصلوبين على الكناسة...
لا مفرَّ إلا بالتطهير الذاتي والمحاسبة الذاتية والاعتراف بالسرقات وإعادة الثروات المسروقة.
مؤامرة؟
نعم هناك مؤامرة، والسياسة كلها مؤامرات، فإذا لم تحسنوا لعبة السياسة ومواجهة مؤامراتها فلماذا تقدمتم للمناصب السياسية؟
وإذا كانت إدارة الدولة معقـّدة وتحتاج إلى خبرات وكفاءات فلماذا أبعدتم - عن علمٍ وعمدٍ وسبقِ إصرارٍ- كلَّ الكفاءات المخلصة التي يزخر بها العراق واقتصرتم على أقربائكم الجاهلين، ومقرّبيكم الأمّيين، والبعثيين المتسلقين، خشية أن ينافسكم كفوء يفضح عباطتكم وتخلّفكم، او مخلص يكشف انتهازيتكم ووصوليتكم؟
تدّعون عدم وجود الكفاءات المخلصة... نعم، وكيف تعرفون الكفاءات المخلصة وأنتم لا تعرفون معنى الكفاءة أصلاً (ماعدا الكفاءة في جمع المال الحرام)، ولا تعرفون معنى الإخلاص لغير شهواتكم في السلطة والثروة ؟
إنها فعلاً مؤامرة ...مؤامرة كبرى أن يؤتى بالجهلة الجياع من الإسلاميين ليقدموا نموذجاً فاشلاً من السياسيين لا يعرف ألفباء السياسة الإسلامية التي تقوم على العدل، والتي جسّدها أمير المؤمنين عندما حارب الفساد من أول لحظة فأطفأ الشمعة، وأخذَ من بيت المال حصة مساوية لباقي الناس، وكوى اخاه عقيلا عندما طلب اكثر من غيره، ورفضَ أن يشبع وحوله بطون غرثى وأكباد حرّى .
إنها فعلاً مؤامرة على الإسلام أن يؤتى للسلطة بأمثالكم من المتشدقين باسمه، او المتلبسين بلباسه، أوالمدّعين الالتزام به.
هل تريدون القضاء على هذه المؤامرة؟
تستطيعون الآن كشف المؤامرة وإفشالها...
الطريقة بسيطة جداً....كونوا مثلاً أعلى لغيركم، طبـّقوا التعاليم الدينية التي تحدثتم عنها اربعين سنة تتيهون في الارض، أمسكوا فاسديكم- مهما كان موقعهم فيكم- وانتزعوا منهم الأموال المسروقة وأعيدوها لبيت المال ولو نـُكحت بها النساء واشتريت بها العقارات....افعلوا هذا وستفشل المؤامرة..
ألستم تقولون إن أمير المؤمنين قال هذا؟
افعلوا ما فعل أمير المؤمنين لكي تتطهروا من الفاسدين ولكي تبدلوا غضب الجماهير إلى رضا، وليتوجه الغضب الشعبي إلى شركائكم اللصوص الكبار من الكرد الذين يسرقون نقط العراق وثروات العراق ويتعاونون مع إسرائيل...وإلى زعماء السنة الذين باعوا مدن السنة الى داعش، وسلّموا أعراض السنة إلى داعش ....هكذا تقضون على المؤامرة التي تريد إسقاطكم، وهكذا تقلبون عليهم الطاولة وتفشلون مؤامرتهم...
.....اما الانكار والهروب ودفن الراس في التراب فلا ينفعكم، فقد سكنتم في مساكن الذين ظلموا انفسهم.... وتبيّن لكم كيف فعلنا... بهم وضربنا لكم الامثال.
فيا حزب الدعوة، ويا مجلس اعلى، ويا تيار صدري ويا حزب الفضيلة ويا تيار الاصلاح ويا من ذكرتهم ومن نسيتهم....لا تذهبن بكم المذاهب...فو الله لن تنجيكم مظاهرات تأييد، ولا اجتماعات ولا حلول ترقيعية ولا تصريحات عنترية ولا جلسات صوفية، فالامواج تتقاذف السفينة، والماء دخلها ووصل الى غرفة القبطان، وسوف لن تصلوا الى جبل يعصمكم من الماء، وستذكرون ما اقول لكم..
.....ويا قومِ اني لكم نذير مبين
ألا هل بلّغت؟ اللهم اشهد
مقالات اخرى للكاتب