لاتوجد مدينة في العالم العربي ولديها من الثروات المختزنة في باطن أرضها إلا وأصبحت في أوج عظمتها في هذه الأيام أمثال الدوحة والمنامة ودبي ومسقط والكويت نتيجة استغلالها الأمثل لثروتها وقد عمت الفائدة على أبنائها وأصبح الغالبية العظمى منهم من الأغنياء .
أما مدينة كركوك العراقية فأنها تحتضر وهي خارج المقاييس والمعادلات والتي ينبغي أن تكون كأخواتها من المدن العربية التي اشرنا إليها فقد اكتشف أول حقل نفطي في تلك المدينة عام 1927 اثر حدوث تدفق تلقائي عظيم للنفط في منطقة بابا كركر بالقرب من المدينة التاريخية وتقدر كمية المخزون الاحتياطي في حقول النفط في كركوك بأكثر من 10 مليارات برميل وبقدرة إنتاجية قدرها مليون برميل يومياً ، وعرفت المدينة بحقول أخرى مثل حقل جمبور وحقلي باي حسن الجنوبي والشمالي وحقل آفانا وحقل نانة وحقل كيوي بور وتتميز الحقول بغزارة إنتاجها وجودة نفطها الذي يعد من النفوط الخفيفة القياسية ولو تم حساب المدة الزمنية من عام 1927ولغاية عام 2013 فستكون النتيجة 86 سنة من الإنتاج فتخيلوا حجم العائدات في هذه المدة فالأمر طبيعي أنها ستكون أرقام هائلة جداً ولكن بيت القصيد هنا هل كان ريع هذه العائدات يصب في هذه المدينة فللأسف الشديد لم يؤت أكله ولم تجن ثماره بسبب السياسات التعسفية ، فالمدينة تفتقر إلى الكثير من المشاريع الصناعية والخدمية والفرص الاستثمارية الأمر الذي تسبب بزيادة نسبة العاطلين عن العمل ولقد تراجعت الحياة التجارية والحرفية والثقافية فيها وان السلطات المحلية تقاعست عن تنفيذ المشاريع المؤكلة لها بسبب استشراء الفساد الإداري والمالي وان الوعود السابقة وحتى اللاحقة ليست سوى فقاعات من الهواء أما موظفي مجلس المحافظة فأصبحوا أداة للتخريب و التدمير وكان واجبهم فقط هو خدمة ميكروفونات الدولة ، وفي ظل هذه الأجواء أرى ان الرجال الذين يتصفون بالنزاهة العالية ونكران الذات والكفاءة المتميزة والقاطنين في كركوك فقد اركنوا جانباً وتم تهميشهم ناهيك عن اغتيال وإبعاد البقية الباقية منهم أما الذين لازالوا يتنفسون منهم فهم ( مسطورين ) في دوامة المشاكل التي أفرزتها الكثير من الحوادث السلبية والتي أصابتهم شظايا الطائفية والأمر الأخر الذي يلفت للنظر بان المدينة تفتقر الى رجل اللوحة والمسرحية والموسيقى وقاعات للعرض وحتى مهرجانات للشعر( آه يامدينتي فقط برز فيك رجال السياسة ) .
ولكني انتهيت الى قناعة مفادها وفي ضوء ماتقدم بان هذه المدينة ميتة ومنسية وياللاسف ، ولن تحقق الإنشاد المنشود وعلى رأي المثل ان هذه المدينة (( مثل البعير يحمل على ظهره الذهب ويأكل (العاكول )). فمتى سيأتي المنقذ ؟؟؟
يا مدينة الآبار
فقد غصت في سبر أغوارك
فأدركت وتيقنت
انك فقدت الأنوار والأضواء
ولم تتلألأ يوماً في سمائك النجوم
وأصبح اهلك من الصم والبكم
وشوارعكِ مسرحاً للدمى
ليس فيها حرارة لجسد
ومنذ عشرات السنين
لم تهبط عليك الملائكة
فأصبحتِ سوى رزمة من النقود
في قبضة الجلاد
فمتى يأتيك مدد المؤمنين
لينقذك من الأسر
مقالات اخرى للكاتب