بعيدًا عن السياسة، وبعيدًا عن كل برامج واجندات وايديولوجيات وتصريحات وتعليقات المكونات والاحزاب والشخصيات السياسية والدينية والشعبية سواء الممثلة بالعملية السياسية او خارجها، من كل الاتجاهات والالوان والدوافع والاوزان التي تمثلها والدول والقوى التي تدعمها اوتقف ورائها في عالم السياسة والتاثير في العراق، والذي طاح بالبلاد والعباد الى الحال الذي صاروا اليه من ارهاب وتهديد وقتل وتشريد ونزوح وتهجير بين كل المكونات وفي جميع الاتجاهات، حتى اصبح الامن والامان وحال العراق والعراقيين كالمستقيمان المتوازيان مهما أمتدا لا يلتقيان لافي علم الرياضيات ولا في عالم الحياة او الممات.
بعيداً عن كل هؤلاء مهما قالوا ومهما اجتمعوا ومهما اتفقوا او اختلفوا، فان الإرهاب في العراق مستمر وهو يتوسع ويتمدد في خارطة الموت والدمار التي يسيطر عليها من قرى ونواحي واقضية ومدن ومناطق تعيش هاجس الخوف والترقب من هذا الغول الذي تحول فجاة الى قوة مهيمنه ونفوذ يصارع العالم كله وتقف 41 أو 44 دولة من اقوى دول العالم بجيوشها ونفوذها وعلاقاتها واتصالاتها و..و..ومع هذا فهو يضرب ويقتل ويهاجم ويحصد أرواح الأبرياء بلا تمييزاو رحمة بين صغير او كبير.
لقد تجاوزت الأعمال الإرهابية في العراق كل الحدود والمديات التي يمكن تصورها او التحسب او التخطيط لها، فقد سقطت الكثير من المدن والمناطق الواسعة بايديهم ويعاني الملايين من هذا الواقع الماساوي سواء الذين مازالوا في المدن والمناطق التي تحت سيطرة الارهابين او المُهجرين والنازحين الى مناطق ومدن اخرى.
اما الذين اسعدهم او حالفهم الحظ الى خارج العراق فحالهم يختلف حسب المكان او البلاد الذين وصلوا اليها رغم انهم يحملون جميعا هماً ومعاناةً واحدة هي اللجوء والنزوح والهجرة والظلم الذي طال الجميع، ولكن هل المطلوب ان نموت جميعاً اويغادر آخر عراقي بيته وحياته كي نفهم الدرس او نعي ما يحدث ؟ او لماذا يحدث الذي يحدث؟
ان الامر لا يحتاج الى الكثير من الكلام او التنظير او السحر او الـتاثير بل هو بسيط بساطة الانسحابات والسقوط لأكبر وأهم المدن واكثر المعسكرات حصانة وعدة وعدداً من الرجال والرتب العالية، هذه القوى والترسانات العسكرية والامنية التي كانت قوية ومُتنمرة علىى الناس والتي اوهمتهم وخدعت الناس البسطاء الآمنين في الموصل وسنجار وزمار وتلكيف وبرطلة وقرقوش وقرى الشبك وسهل نينوى وغيرها من المدن والمناطق، والتي انسحبت اوهربت وتسللت وتركت الناس لمصيرهم الذي وجدوا انفسهم فيه خلال ساعات تظللهم الرايات السود بعد ان هربت وتبخرت كل القوات والرايات من مختلف الاسماء والاتجاهات.
ان ما حدث وما يمكن او ماهو مرشح للحدوث في اي مكان وفي اي وقت لهو سبب واحد يجمع كل الخلل والزلل والاخطاء التي تشكل جرائم تعاقب عليها كل القوانين الارضية والسماوية، هو ثلاثية الفساد والارهاب والافلات من العقاب الذي صار القانون الجديد المطبق والسائد في العراق الجديد.
مثلث متساوي او مختلف الاضلاع يختلف او يتصارع فيه اوعليه المتحالفون او الاضداد، لكنهم جميعاً مشتركون فيه مساهمون مدانون يستحقون أشد العقاب وأسوء المصير عندما لا يُطلعون الناس على الحقائق كي نعرف ماذا حصل.. وأين الخلل؟
فلا حاجة لتكرار الحديث عن الفساد في اعداد الجنود والمقاتلين الذين وصلت اعدادهم مئات الآلاف في قوائم الرواتب ونفقات الطعام والتسليح والارزاق، وهم لايتجاوز عددهم في الواقع واحد من عشرة او اقل من ذلك، وما قيل ويقال عن الشراكة والتجارة بين بعض المسؤولين والارهابين في النفط وتبادل المنافع والمواقع لقاء الرشاوى والفوائد، ولا نجد متهماً او مسؤولاً عسكرياً او مدنياً موقوفاً او ينفذ فيه حكم القانون!.
واخيراً فان الافلات من العقاب الذي صار هو القانون السائد، والعقاب الغائب عن التطبيق في كل ما جرى ويجري من أحداث وجرائم نتمنى من مجلس النواب العراقي وبرلمان كوردستان ان يبادرا الى تفعيل وتطبيق كل القوانين المدنية والعسكرية..على الاقل من اجل ان لا يتكرر ماحدث في القادم من الايام.
القاضي عبدالستار رمضان
نائب المدعي العام-أقليم كردستان -العراق
مقالات اخرى للكاتب