انا ضد مبدأ التوافق السياسي. أعلنها بصراحة. ولدي اسبابي في معارضة هذا المبدا الذي كان يفترض مغادرته بعد تشكيل الحكومة الحالية. لا يعقل ابدا ان نبقى اسرى خلافات تصل ذروتها في غالب الاحيان لـ "اخوة موزة" في حين يقبض المواطن ثمن تلك الخلافات من "دبش". تلك الخلافات تتعطل بسببها القوانين والانظمة والخدمات بحيث يصل الامر بالمختلفين غلق المجاري بصخرة عبعوب التي زنتها 150 كيلوغرام. او نكون اسرى توافقات سياسية غير منتجة لمجرد ان العلاقة تكون طيبة بين الرئاسات الثلاث. لنتحدث بصراحة عن هذا الموضوع. الحكومة الحالية تشكلت بموجب وثيقة اتفاق سياسي بين الكتل والاحزاب والقوى المختلفة كان التحالف الوطني بوصفه الكتلة البرلمانية الاكبر ومنه رئيس الوزراء الطرف الاول وباقي الاطراف لاسيما التحالفان السني والكردي الطرف الاخر في هذه المعادلة. فما هي النتيجة حتى الان؟
انظروا اولا الى التحالف الوطني الذي ينظر اليه الجميع على انه راعي العملية السياسية لكنه مع ذلك غير قادر على انتخاب رئيس له حتى الان. المشاكل بين مكونات هذا التحالف وصلت هي الاخرى لاخوة موزة علما ان اخوة موزة تاريخيا لا يحلون اية مشكلة من المشاكل بل ربما يعقدونها. وهذا يعني ان التحالف الوطني مرشح ان يبقى لفترة قد تطول "حاير بدرده". رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي هو جزء من هذا التحالف وممثله كرئيس للوزراء يبدو في وضع لا يحسد عليه الى الحد الذي بدأ يشكو علنا من وجود محاولات اغتيال ضده. لا قبضنا من دبش.
وانظروا ثانيا الى تحالف القوى العراقية الذي يقول ان لديه مطالب يتوجب تحقيقها بموجب وثيقة الاتفاق السياسي. هذا التوافق المبني حتى الان على نوايا طيبة بين الرئاسات الثلاث "الجمهورية والوزراء والبرلمان" والسلطات الاربع "التشريعية والتنفيذية والقضائية والاعلام" هو الذي يحول دون "التحرش" بـ "شيطان التفاصيل" لان لا احد من هؤلاء يريد ان يقول "اسم الله". اصبح لديهم "خرعة" من التجربة الماضية التي وصلنا الى طريق مسدود حتى على مستوى اختيار مدرب للمنتخب الوطني لكرة القدم. المحصلة ان القوم يريدون اليوم ان تمضي الامور هادئة بربيع سياسي وهمي بدات بوادر تخلخله من خلال اعلان تحالف القوى العراقية ان صبره بدا ينفد حيال وعود الاصلاح. في الحقيقة والواقع ومما لاشك ومن نافلة القول وبادئ ذي بدء انا اخشى دبش اكثر من خشيتي شيطان التفاصيل.
وانظروا ثالثا الى التحالف الكردستاني الذي كان وضع هو الاخر سقفا زمنيا لتحقيق مطالبه امده 3 اشهر. ومع انه زاد على هذه الاشهر الثلاثة بعد الاتفاق النفطي الشهير لكن لايزال هذا الاتفاق مبني على النوايا الطيبة ولم يتحرش احد حتى الان بشيطان تفاصيله حتى لايضطر الى ان يقول .. اسم الله. بلا شك ان هناك اطمئنان لدى الناس. وهناك مناخ من الامل. لكن هذا وحده لايكفي. فلابد من مغادرة التوافق السياسي الى بناء التجربة الديمقراطية القائمة على قاعدة الاغلبية والاقلية. والكرة في ملعب الكتل السياسية التي يتوجب عليها اتخاذ قرارات تاريخية واول ما ينبغي اتخاذه من قرارات ضد .. دبش واخوة موزة.
مقالات اخرى للكاتب