بين ليلة وضحاها صار الرقص لدينا عنوانا للثقافة وبتنا نبحث عن الولوج الى العالمية من خلال هذه "الثقافة الحضارية"وكاننا لم نكن معروفين للعالم إلا بعدما انحدرنا الى مستوى صار فيه الصغير والكبير يهز وسطه طمعا في الشهرة والدخول الى موسوعة غينيس . فبعد حملة اعلامية اقتصرت على بعض وسائل الاعلام شبه الحكومية وحاربتها قنوات بعثية طالما طبلت يوم اختيرت المنامة رغم انوف ابنائها عاصمة للثقافة لتلميع وجه نظامها القبيح ,انطلقت فعاليات بغداد عاصمة الثقافة العربية بحضور لابأس به على المستويين السياسي والثقافي العربي ,كانت المفاجأة لنا جميعا ان القائمين على الفعاليات قدموا لنا لوحات راقصة لرجال ونساء من مختلف محافظات العراق مجسدة التراث لتلك المناطق والادهى من ذلك كله تظهر خلفيات صورية لمراقد دينية مقدسة تتمايل امامها نساء يرتدين عباءات لاتستر منهن شيئا في دلالة الى تراثها..بربكم هل هذه هي الثقافة ؟ اما كان الأجدى التعريف بتلك المحافظات وتاريخها بذكر رموزها الكبيرة من رجال دين وادباء وشعراء وعلماء بدل ان تعطي الضيوف صورة ضيقة ومشوهة عن تاريخنا بمثل هذه الوسائل اللااخلاقية والبعيدة كل البعد عن قيمنا الاسلامية واعرافنا الاجتماعية . على مايبدو ان ثقافة النظام البائد في الرقص والهوسات والدبكات ووسائل الاثارة الغريزية لاتريد ان تفارق عقلية القائمين على وزارة الثقافة التي نعلم جيدا ان بعضا من كبار موظفيها هم من بطانة ذلك النظام المأفون والذين أبوا ان يفسحوا المجال وطالما اتهموا من يعارضهم بالرجعية والتخلف لمجرد المطالبة بالالتزام بالدين والحفاظ على القيم . وبمناسبة الحديث عن الرقص فقد شارك آلاف المواطنين في مدينة اربيل برقصات شعبية حول المدينة والتي استمرت لساعات بمناسبة احتفالاتها باعياد نوروز وجاءت هذه الرقصات ضمن برنامج مهرجان الحرية ونوروز في محاولة منها للدخول في موسوعة غينيس للارقام القياسية في تنظيم اكبر رقصة شعبية كوردية في العالم ,فبدلا من الدخول لموسوعة الأرقام القياسية بالانجازات العلمية والعمرانية رحنا نقلد الاخرين في الدخول للموسوعة من اوسع ابوابها عبر تعليم المجتمع لابجديات هز الاكتاف ,ولن نستغرب بعد اليوم اذا ما وجدنا مدارس ومعاهد لتعليم ابنائنا على هذه "الثقافة" التي لم نكن لنسمع عنها الا في الدول الغربية . اننا في الوقت الذي نطالب بعودة العراق الى مواقعه الريادية في العالم العربي ومحيطه الاقليمي فاننا نرفض ان نتحول الى سوق للذات الشيطانية تحت يافطة التثقيف على طريقة الإعتدال العربي والتعايش السلمي مع الكيان الإسرائيلي.
مقالات اخرى للكاتب