تتوالى الانباء عن اعتقال اشخاص متهمين بالارهاب وخاصة من مختلف الجنسيات جمال الشعراوي وقبل ذلك صلاح عبد السلام وثلاثة اخرين في المانيا وكشف اسماء منفذي بروكسل ( خالد وابراهيم البكراوي ) وهما مشهورين بالاجرام بعد الاحداث الاخيرة التي ضربة قلب اوروبا بروكسل. وفي الواقع وجود الارهاب في بلجيكا لم تكن ظاهرة جديدة فقبل نحو عقد من الزمان ، كانت بروكسل مركزا لجماعة تطلق على نفسها اسم "شريعة من أجل بلجيكا" والتي استنسخت الجماعة فكرها من تنظيم القاعدة وارتبط اسمها بعدة نشاطات إرهابية من بينها المجرم حسن الحسكي العقل المدبر لهجمات مدريد في عام 2004. وتركزت في مدن مولينيك واندرلخت وسكاربيك ورغيتي وولوي ولامبير وفوريست ومدينة شالروا جنوب العاصمة وكانت محكمة قد حكمت في فبراير 2015 على المتحدث باسمها فؤاد بلقاسم بالسجن لمدة 12 عاما ، والتفجيرات التي حدثت اخيراً في عاصمة الاتحاد الاوروبي والتهديدات المباشرة للجماعات الارهابية الضالعون فيها هم نتاج ما كانت الدول الصانعة لها بقيادة الصهيونية العالمية والدعم المالي بلا محدودية من المملكة العربية السعودية وتركيا وبعض دول الخليج الفارسي يلعبون على مشاعر المسلمين بالمغريات المالية والجنسية عبر زواج النكاح الجهادي والتي اسست مراكز ومدارس وجوامع تكفيرية وهابية منتشرة في كل انحاء اوروبا .
الفاعلون لم يأتوا من خارج تلك البلاد وانما خرجوا من رحم مجتمعاتها .هذا يعني ان المشهد يكمن في ظهور ارهاب محلي ذي امتدادات عابرة للاوطان بعد ان كانت دول اوروبا تخاف من الارهاب المستورد لضرب اراضيها في السنوات الاخيرة .
تغيير الوضع مع الارهاب المحلي الصنع او الجهادي التكفيري الاوروبي وما التحاق الالاف من هؤلاء ذوي الاصول العربية – الاسلامية او الذين اعتنقواالاسلام حديثاً بالتنظيمات في سورية والعراق وبعض الدول الاخرى مثل اليمن وليبيا وحتى تونس ودول افريقية ضمن حركاتها الشريرة هم يمثلون تهديداً مباشراً للامن العالمي ومخاطرها عند العودة من مسارح القتال خاصة بعد ان تلقوا تدريباً عسكرياً مروا به بشكل عملي ويتم تطبيقها على الواقع في المدن الغربية مثل ما حدث في باريس وبروكسل ولندن ودانمارك وهي في توسع . والتخوف الاكبر هو مشاركة هذه الفئة الشاذة في تعلم افعالهم وصفاتهم بحكم تجربتهم في تجنيد مجاميع الشباب والتي استغلت في الاونة الاخيرة مما جعل من الصعوبة بمكان محاربتها ومن الصعب مراقبتهم وخاصة المشتبه بهم كأجراء وقائي لتجنب سفرهم الى الخارج والتحاقهم ببؤر التوتر في المشرق ...هنا يتطلب من دول القارة الاوروبية والعالم اجمع الاتفاق عموماً على بعض الاجراءات الواجب اتخاذها منها تغيير قوانين الحريات والعمل عليها على الصعيديين الوطني ومحاربة الاعلام التكفيري عبر وسائل التواصل مثل الانترنيت وتدعيم المراكز المختصة في محارب الجريمة عبر هذه الوسائل وكذلك التنسيق بتدعيم مراقبة حدود ( الشنكن )لضمان مراقبة وتقصي تنقلات العناصرالمشتبه بهم . لان الملتحقين بهذه العصابات غالباً ما تستفاد من هذه الطريقة خوفاً من اعتقالهم في بلدانهم ... كما إن جنوح تنظيم داعش إلى استخدام العناصر المتعاطفة والتي تم تجنيدها عبر مواقع التواصل الاجتماعي يكشف عن استراتيجية جديدة للتنظيم تشمل تنفيذ هجمات باستخدام تلك العناصر بأساليب غير معتادة في النشاط الارهابي، وبأدوات بدائية وتكاليف محدودة.
على كل حال فأن وجود ظاهرة الجهادية الاوروبية بحد ذاتها وقيامها بتجنيد هؤلاء للقتال في صفوف الارهاب الخارجي دلالة على اختراق اجتماعي وامني وثقافي خطر يدق ناقوس الانفلات الامني ووجود خلايا مجندة تعمل بشكل سري وعن الطرق الالكترونية وشبكات التواصل او عبر اللقاءات المباشرة للحرية الفردية التي لايمكن مراقبتها بسهولة وقد توسعت هذه الظاهرة بشكل ملفت للنظر مما يجعل من الصعوبة بمكان متابعتها ومن ثم محاربتها رغم كل وسائل المراقبة الامنية الواسعة وتطورها ...وقد تمخض عن التعامل والتفاعل بين هذه المجموعات ، فئتان الاولى الارهاب الهرمي المعزول نتيجة انتماء افراد الى خلية او تنظيم يجندهم ويغذيهم بالفكر ويزودهم بالدعم الضروري لتنفيذ عمليات قد تم التخطيط لها..وهي من السهولة كشفها من قبل الجهات المسؤولة لانها تعودت عليها وفي الامكان التعامل وتحديد مسؤوليها والضالعين بها بفضل هرمية الخلية الارهابية .
اما الفئة الثانية وهو نمط عمل تطور من حيث الاداء والنوعية في الاونة الاخيرة ويعتمد على الارتباط الخيطي البعيد والعابر دون ان يكون ورائهم تنظيم محدد يدعمهم والتي من الصعوبة كشفها بسهولة ...خذ مثل ان الداخلية الفرنسية قد كشفت من ان البلجيكي عبد الحميد ابا عود احد العقول الكبيرة المدبر للهجمات في باريس متورطاً بأكثر من هجمة تم اهباطها منذ ربيع السنة الماضية ومنها الهجوم الفاشل على قطار تاليس وكنيسة في ضاحية (( فيلا جويف )) جنوب باريس في حين ان الهجوم الذي استهدف متحف يهودي في قلب بروكسل نفذه من يحمل جنسية فرنسية ويدعى مهدي نموش ..كما ان المعطيات الامنية تؤيد تورط بلجيكيين اخرين من بين ثمانية متهمين بتنفيذ هجمات باريس هم الاخوين ابراهيم وصلاح عبد السلام الذي تم القاء القبض عليه خلال عمليات امنية دقيقة لاسبوع الماضي ، والاخر بلال هادفي العاد من سورية بعد ان قضى سنة فيها وعاد لينفذ هجوم ملعب باريس وقد التحق نحو 600 شخص بلجيكي لحد الان لصفوف عصابات داعش مما يعني انها تساهم بشكل كبير في تطوير المقاتلين الاجانب من المتطرفين . ومن بين كل 1260 مسلم في بلجيكا الذين يبلغ عنهم نحو 650 الاف نسمة هناك شخص واحد يعمل مع التنظيمات الارهابية والجماعات المتشددة . ومن البديهي وخلال التجربة ان القوات الامنية قد اصابها الارتخاء بعد اعتقال بعض الارهابيين في الايام الاخيرة مثلما حدث بعد اعتقال صلاح عبد السلام .والدلائل تشير ان هناك اصرار من هذه العصابات للاستمرار في عملها ونموها فيجب ان تتظافر الجهود والتعاون المكثف من قبل جميع المؤسسات الاستخبارية الدولية والاستفادة من التقنية العالية لكشف خلاياها وعدم انتسابها بالاسلام ابداً فهي بعيدة كل البعد من ديننا الحنيف وهذه الحركات لاتعرف لا دين ولا مذهب ولا قومية ولا انسانية . والتي كانت الغاية الاساسية في تشكيلها ان تكون عضداً من اجل تغيير الخارطة الجغرافية للمنطقة وتقسيمها الى دويلات صغيرة من السهولة السيطرة عليها إلا انها فشلت كل الاذرع القائمة من اجل تنفيذها واليوم ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت إليهم .
مقالات اخرى للكاتب