بين خيبة السنوات الماضية والأمل يقضي العراقيون أوقاتهم، وليس لهم من حديث سوى الانتخابات التشريعية المقررة نهاية أبريل هذا العام وما سينجم عنها من "كابينة حكومية" ستحدد ملامح حياتهم لأربعة أعوام مقبلة.
وفي وقت أصبح فيه لعب الفرقاء الأساسيين مكشوفاً و"تحت الحزام"، ولا جديد فيه بعد أن وصلت التصريحات الطائفية إلى حد أن تكون "موازنة القتل" موزعة بالقسطاط وعلى الهوية بعيداً عن "مشروعية الدم"، وهو أمر يعلقه المتنافسون الطامحون بالتغيير في رقبة رئيس الحكومة، باعتباره "الرئيس التنفيذي الأول"، طارحين أسماءهم البديلة عنه، فيما تتمسك كتلة الرئيس به ولا ترى بديلاً له بل وصل الأمر بأحد قياديي حزبه إلى الدعوة لـ"استنساخه" في حالة غيابه الجسدي، وهو كلام عدّه المحللون دعوة صريحة لديكتاتورية جديدة ملّ منها الشارع العراقي.
ومع أن الحديث عن تسمية الشخص الذي سيتولى تشكيل الحكومة العراقية المقبلة سابق لأوانه، لأن صناديق الاقتراع هي الفيصل في تحديد هويته، لكن ذلك لم يمنع تسرّب بعض الأسماء المتداولة سراً وعلانية خصوصاً للكتل الشيعية التي هي من أوصلت المالكي إلى المنصب.
فالتيار الصدري أعلنها صراحة أنه لا يريد أن يكون هذه المرة "رقماً مكملاً" فقط وهو ما كشفه القيادي محمد صاحب الدراجي، داعياً أنصار التيار إلى "التوجه جميعاً لصناديق الاقتراع لتحقيق أكثر من سبعين مقعداً في مجلس النواب العراقي المقبل".
وهذا الرقم في حالة حصولهم عليه سيضمن لهم فرصة الترشح لرئاسة الوزراء، وتدور التوقعات حول اسم الأمين العام السابق لتيار الأحرار والرقم (1) في قائمة النخب الصدرية "ضياء الأسدي" باعتباره كان وزيراً للدولة وشخصية متزنة، فضلاً عن ثقافته الأكاديمية وقربه من السيد مقتدى الصدر وعلاقاته الطيبة مع "السنّة" والأكراد.
أما تيار الحكيم، فاسم بيان جبر (الرقم1) في قائمة المواطن مطروح بقوة، ويتزامن معه اسم عادل عبدالمهدي نائب رئيس الجمهورية السابق، وقد قالها عمار الحكيم لأكثر من مرة بأن هذه الانتخابات ستشهد مفاجآت كثيرة، علماً أن العلاقات بين الحكيم والمالكي قد وصلت إلى القطيعة، خصوصاً في صراعهما حول منصب ولاية البصرة بعكس علاقة الحكيم بالسيد مقتدى والتي تشهد انسجاماً ملحوظاً.
اسمان جربا رئاسة الحكومة وأبعدتهما التكتلات عنها، هما إياد علاوي وإبراهيم الجعفري، فضلاً عن الطامح بقوة أحمد الجلبي.
وعلى الرغم من تفتت قائمة علاوي "العراقية" بجهود حثيثة من منافسه نوري المالكي، فإن الرجل استطاع أن يكون قائمة "قديمة-جديدة" وربما ستعينه تحالفاته على الوصول إلى منصب قيادي معين.
أما الجعفري، والذي كان زعيماً لحزب "الدعوة" قبل أن ينفصل عنه بسبب خذلان رجالات الحزب له في ترشيحه للمنصب عام 2010 ويؤسس له حزباً منفصلاً سماه "تيار الإصلاح"، فيطمح للرئاسة معتمداً على تفهم من خذلوه لمقدار خسارتهم باختيار منافسه.
ويبقى الجلبي، الذي يحمل ألقاباً عدة دون أن تترجم نتائجها على أرض الواقع، فهو "مؤسس البيت الشيعي" وهو "مهندس التغيير" الذي حدث في 2003 وهو "زعيم المؤتمر الوطني العراقي"، ولذا فهو يرى طموحه مشروعاً في قيادة المرحلة المقبلة.
وبشكل عام فإن من يريد الوصول إلى كرسي رئاسة الوزراء عليه أن يحصل على رضا الفصائل الشيعية، ويكون مقبولاً لدى الأطراف السنية ويأمن الأكراد جانبه، وهي اشتراطات صعبة لدولة تحاول أن تنهض في واقع وطني وإقليمي مضطرب.
مقالات اخرى للكاتب