اقرُّ ، وفي العين قذى وفي الحلق شجا ، ان اي تلميذ مبتدىء في مدرسة الوهابية التي لا تفرخ الا الارهاب والارهابيين ، هو اقرأ واحفظ للقرآن من مئات خطباء المنبر الحسيني الشريف . بالمقابل يتفوق هؤلاء الخطباء على تلميذ مدرسة محمد عبد الوهاب السعودي ، بانهم يحفظون عن ظهر قلب آلاف اللطميات البائسة التي تهين اول من تهين الامام الحسين و حزامي ظهره العباس وزينب "عليهم جميعا السلام " . احدى هذه "النواعي" تنقل عن لسان عقيلة بني هاشم قولها باللهجة العراقية ما نصه : " عساني لكربله لا جيت ... ولا بيهه انبنالي بيت " ، ما معناه ، ان بطلة الطف وهي ابنة علي ابن ابي طالب تعرب عن اسفها الشديد على المجىء الى كربلاء وكانه قد غرر بها ، وتتمنى لو انها لم تجىء ولم يشيد لها دار سكنية فيها . طبعا الشاعر الملهم الذي ورطه شيطان شعره بهذا البيت الشعري ، جرته القافية الى استخدام كلمة "بيت " والا فان التاريخ لم يرو لنا ان زينب "ع" ضمها كوخ في كربلاء فضلا عن بناء بيت . واذا حدثت احدهم بذاك جاءك الجواب السريع انه استدرار الدمعة على الحسين ، وكان الهدف الذي تقطع من اجله الامام اربا اربا ، انما هو استدرار دمعة من عيوننا الجامدة . هذا التفرغ للمنظومات البالية التي ليس عليها رقيب منذ مئات السنين هو الذي صرف اتباع مذهب اهل البيت عن تعلم القران وتعليمه . ولا اريد بهذا الصدد ان اذكر باحاديث نبوية صحيحة حثت المسلمين على تعلم القران ، فافقركم علما بالحديث افضل مني بهذا الخصوص . اقولها بمرارة انني لم اجد واحدا من "علماء" الوهابية الضالة المضلة ، يلحن بالقول حتى كانهم الهموا الفصاحة واشربوا بها . اما نحن الذين نزعم باننا اتباع مدرسة علي بن ابي طالب وهي مدرسة العلم والفصاحة بلا منازع ، فان عورتنا تبين مع اول كلمة نتفوه بها . و من نافلة القول التذكير بان الجهل ليس ذنبا ، الذنب الكبير الذي نقترفه اليوم وفي كل آن هو هذه المكابرة الفارغة التي نتسلح بها والقدرة السوبرمانية في اخفاء الخلل ... رحم الله " الملة مهدي " الروزخون ، حيث كان يبتدع طرقا في اخفاء القصاصة التي كان يدون عليها الاية القرانية المراد تفسيرها عندما يعتلي المنبر الحسيني في ايام عاشوراء . اقسم ان بعض الايات كانت كلماتها لا تتجاوز السبع ولعل حفظها عن ظهر قلب ياخذ من الوقت اقل من الذي يهدره شيخ مهدي في كتابتها ثم في اخفائها في بطن راحته عن اعين المستمعين لخطبته الغراء . لكن مهدينا هذا لم يكن يعنى كثيرا بتشكيل حروف الاية القرانية ، ونتيجة هذا الاهمال كان اللهُ - حسب قراءة الملة - يخشى عبادَه العلماء . ولحسن حظ قارئنا المرحوم ان الجمهور ، و كان لا يتجاوز الخمسين شخصا في ساعات الذروة من ليلة العاشر من محرم ، لم يكن ليكترث كثيرا للاية وتفسيرها ، بل للرثائيات المستهلكة التي تاتي في نهاية المحاضرة ، والاهم منها بالنسبة لهم - ولي شخصيا - هو ما يعقب المحاضرة من زاد مادي بعد ان تزودنا بما يكفي من الزاد المعنوي ، حينها تبدد "القيمة النجفية المركزة " مع الرز كل مظاهر الحزن . ما دمنا في ذكر الموتى فان استاذي الاديب العراقي الكبير عبد الامير الورد "رحمه الله " اخرج في ساعة انفعال ، مصحفا صغيرا من جيب سترته في قاعة الدراسة ، وصاح باعلى صوته : ايها الجهلة !!! هذا قاموس الفقراء اقرأوه مرة واحدة بتدبر وساضمن لكم سلامة اللغة العربية في السنتكم المعوجة ... كانت مجرد صرخة في الصحراء لاننا كنا ننتظر انتهاء محاضرة الدكتور الورد بفارغ الصبر ليتفرغ كل منا الى شيطانه الذي ظل عليه عاكفا الى يومنا هذا .