السلام عليك سيدي، يا قاهر الطغاة ومحطم أغلال سجونهم، السلام عليك يا مخير في كل شيء، فاخترت المطامير لتناجي السماء، وتنقطع إلى الكمال الأكمل، السلام عليك ونحن نعيش ذكرى الجنازة، المنادى عليها بذل الاستخفاف، وها هي ترتقي بشموخ لتشق أعباب السماء، ولتنزل ملائكة الرحمن مشيعة ومتبركة، سيدي يا موسى بن جعفر.
نحن كما نحن بالأمس عندما هتفنا لهارون، نهتف اليوم لمن يسلك طريق هارون، تركنا يدك ممدودة وهي تدعونا لإصلاح حالنا، وذهبنا لنبايع هارون، نحن اليوم مثلنا بالأمس، لم نعرف ولم ندرك موسى بن جعفر، لذا اتبعنا هارون، ليس لغموض فيك سيدي، بل لقصور فينا، حيث بدلنا من بعدكم، كما بدل القوم بعد جدك رسول الله.
نرفعكم شعار، وندافع عنكم جاهلية، نزور أضرحتكم لطلب الحوائج والتبرك، وحشر مع الناس، فلم نصل يوما إلى سركم ونكتشف حقيقتكم، فتعاملنا معكم كموكب ومشي على الأقدام، ولطم وبكاء، وهجرناكم وانتم احد الثقلين الذي تركها فينا جدكم، كما هجرنا الثقل الآخر كتاب الله، وأصبحنا نضعه في البيوت للتبرك والبركة، أو قد نحتاجه لتثبيت قلب خائف أو فزع طفل.
سيدي يا أبن رسول الله، نسمع الروايات عنكم من على المنابر، لأجل البكاء أو اللطم، وليس لغرض الاعتبار، لذا أمضينا بعدكم العمر ظالم يسلمنا للآخر، حتى وصلنا اليوم أننا نسلم أنفسنا للظالم بإرادتنا.
نصحتم ووجهتم لكن على قلوبنا إقفالها، وران عليها، وها نحن ننتظر أيام، وربما أشهر، لنبدأ الأنين تحت سياط ألسندي ابن شاهك ورهطه، ها نحن ننتظر أيام تزيد أو تنقص، لنرى موسى بن جعفر في سجن هارون، ونجد العلويين يدفنون في أبنية الزهو والغطرسة العباسية، وقد بدأت إمارات ذلك قبل أيام في مدينة جدكم أمير المؤمنين.
سيدي أن كان سليمان بن أبي جعفر قد انتفض، ليخلص جثمانك الطاهر من أيدي حماليه من جلاوزة هارون، واقعنا يخبر أننا سوف لن نجد حتى سليمان، وسيبقى علي بن سويد ومن معه، يتابعون نقل الجثمان عن بعد ويتحسرون.
هي سيدي نفس الخطوات ونفس الطريق وعلى نفس النهج والمسار، تاريخ تكتمل حلقاته ليكون حاضر، من سلط هارون وإباءه وأجداده، يقوم بنفس الدور ويمارس نفس الأسلوب، تحت نفس الشعار، لتحقيق نفس الهدف، فالفضول الأربعة كلهم موجودين، وندماء الخليفة يملئون الساحة، سيدي يا كاظم الغيظ، نحن الآن نبحث عن بهلول، فلا نجد ما يشير إليه، فقد وجدنا رهط هارون كاملا، ونظن أنصار موسى بن جعفر يتهيئون أو يهيئون لدورهم، سيدي يمتلكنا الرعب من القادم، فقد اخبر أباك صادق أهل البيت ( ابكونا بني أمية ولما جاء بني العباس بكينا على من ابكونا)، أذن ننتظر ويل ضعف، ويل وثبور البعث ألصدامي، فقد هيئ ابن شاهك سجنه، والسجانين تم إعدادهم من مخلفات وبقايا بني أمية، وليس لمن قال ربي الله واستقام إلا رحمة ربه، وشفاعتكم أل البيت، وإلا فالأيام حبلى بالموت والقتل والقهر، على يد من أغرته الدنيا، فباع أخرته بالثمن الاوكس.
مقالات اخرى للكاتب