قاسى العراقيون كثيراً في كوكب المريخ.. واشتكوا قسوته للزمان.. لكن ولاتَ حينَ مناصٍ..  وأثر ذلك على مفرداتهم اليومية المستعملة بل على أسماء بعض أبنائهم، فقد استلهموا من المريخ أسماءً لمواليدهم الجدد مثل: “مريوخ، مريوخة، مريخي، موريخي، مورخان… أمَّا الألفاظ التي كان يستعملها أهل المريخ بينهم فهي رقيقة وشفافة وتمس شغاف القلب، بل تخرج من القلب للقلب مخترقة الحجاب الحاجز!

فعندما ينادى الأب على ابنه لايستعمل الكلمات الرسمية التي بها تكلف وسجع، أمثال: (تعال حبيبي، أو يابُني يا أبني..) بل ألفاظ توحي بالحميمية أكثر من أمثال: (تعال اثول، مطي، زمال)!

وكانوا متواضعين جداً في التعامل مع الأبناء، فإذا أراد الأب شتم ابنه يبدأ أوّلاً بشتم نفسه مرتين، بالقول: (ألعن أبوك يابو الخلفك)!

والأم ليست أقل تواضعاً من الأب، بل هي تعترف بجرأة بخطيئتها، ويحدث هذا فيما لو كانت منشغلة بالكلام مع جارتها بأمر ما، وابنها يلح ويصر بمناداتها، فسيأتيه الرد صفعة شديدة وهي تقول: “أي نغل شتريد؟”! كما يتميز الرجال هناك بالاعتراف بقدراتهم الذهنية، فإذا سأل زوجته مثلاً عن نتيجة ابنهما وكان راسباً، يقول بسرعة: “عرفته، هذا ابن الثور ماراح يدبرها هل السنة”!  ولا يُعرف السرّ بين ألفاظهم والحيوانات، فمثلاً الأمّ القلقة والحنونة على أبنيها، إذ رأت أحدهما، فتسرع لسؤاله، : “لعد وين الزمال اللاخ؟”!، وإذا أرادت أن تنبه ابنتها على أنَّها أصبحت سمينة، تقول لها: “صايرة مثل الهايشة”!

وأحياناً هناك ألفاظ ثابتة، فلكل نداء جواب ورد، فمثلاً: إذا نادى الأب ولده، وأجاب الولد ب (ها)، يجيبه الأب (وجعاه)، وإذا أجاب الابن: (نعم)، يقول الأب: (نعم الله ضلوعك)! أمَّا الألفاظ المستعملة بين الحبيبين فهي عادة ماتكون في اوَّل أيام: (حبيبتي، وحياتي..)، وسرعان ماتختفي.. لتحلّ محلها حال الاشتياق: (وينج ولج؟)!، وفي حال الوله ومنتهى الرومانسية: (أحبج ولج)!  وبعد الزواج ستختفي هذه الألفاظ تماماً.. تحلّ محلها ألفاظ أكثر رصانة وقداسة ورسمية تليق بالحياة الزوجية!! وإذا ما ألتقى شخصان لم يلتقيا منذ فترة، يسأل أحدهما الآخر، وهو ماشياً: (شكو ماكو؟)!.. وإذا كانت (الشكو) اعتيادية فإنَّ (الماكو) قنبلة موقوتة! ومن ألفاظهم التي حيرت علماء اللغة، (الشسمه).. فلو اتصل مدير بموظفٍ، وقال له: (حضر لي الشسمه اللي طلبوا مني الشيسموهم.. حتى نسوي مثل الشيسمو).. فذلك لغز يحتاج إلى الذهاب للعرافين !