عراقيون نحن ولا عزاء فينا ...البقاء لله وحده !!، هكذا تمتمت بصوت خافت وأنا أحث السير بخطا متثاقلة الى اللامكان حيث اللا أحد واللا بلد واللا صبر واللا جلد واللا سند - من غير حسد - فأخذ الفضول من صاحبي الذي بالكاد سمعني كل مأخذ وسألني ذات السؤال اليومي المعتاد من قبل معارفي وأصحابي وكلهم خلاني وأحبابي، لماذا أنت متجهم الوجه ، حاد المزاج بإستمرار يا هذا؟ تره لعبت نفسنه من صدك هالمرة !
قلت وعلى خلاف المعهود ، إذ أنني إعتدت على تغيير مجرى الحديث عند سؤالي مثل هذا السؤال المحرج كي لا أجرح مشاعرهم ، سأروي لك ما حررته من مآس وأخبار اليوم تحديدا لتحكم بنفسك وأبدأ بواحد من ذوي الاحتياجات الخاصة من أهالي خانقين ، استدان مبلغا من المال لشراء أطراف صناعية تمكنه من السير فوق ثرى وطنه من العاصمة بغداد فأوقف سيارة الأجرة التي كان يستقلها مسلحون مجهولون على طريق ، بعقوبة – المقدادية ،وسرقوا منه مبلغ الـ 5 ملايين دينار التي استدانها ولاذوا بالفرار الى جهة مجهولة ، فعاد - المسكين أدراجه خائبا - بلا مال ولا أطراف " وفوكاها ..دين !!"
عراقي شاب عمره 35 سنة تسلق عمود الكهرباء المخصص لحركة القطارات في، درسدن ، الألمانية ، عاقدا العزم على إنهاء حياته إنتحارا صعقا بالكهرباء - التي لم يتمتع بها في بلده الأم ، العراق، برغم إنفاق ما يوازي 10 أضعاف ميزانية البحرين البالغة5.5 مليار دولار، لإصلاحها - فاشوشي - وأكثر من ميزانيتي الكويت والإمارات ، بمعدل 27 مليار دولار حكوميا ، واكثر من 80 مليار دولار انفقها المواطنون على المولدات الأهلية او ما يعرف محليا بـ" السحب " والله يرحم أيام الفانوس واللالة - بعد اخفاقه في الحصول على اللجوء هناك ما تسبب بقطع التيار الكهربائي من المحطة الرئيسة قبل وصوله إليها لأنقاذ حياته ، الأمر الذي أسفر بدوره عن توقف 24 قطارا وتسجيل ساعات تأخير في حركة القطارات لمدة 20 ساعة وبعد مفاوضات استمرت لأكثر من ساعتين نجح خلالهما أحد عناصر الدفاع المدني من أقناعه بالعدول عن فكرة الانتحار التي سيطرت عليه من دون أن يقطع له وعدا بمنحه حق اللجوء في ...المانيا كبديل مؤقت او دائمي عن وطنه الغم ..قراطي !!المفوضية العليا للاجئين أعلنت غرق 10 آلاف مهاجر في البحر الأبيض المتوسط منذ عام 2014 خلال محاولتهم الهروب إلى أوروبا، بينهم مئات العراقيين المهاجرين بنحو 2809 مهاجرا من مختلف الجنسيات واغلبها سورية وافغانية وارتيرية وعراقية منذ مطلع العام الجاري 2016 .
الجواز العراقي الأسوأ عربيا وثالث أسوأ جواز عالميا يتقدمه الجوازين السوري والسوداني بحسب إحصائية أخيرة ضمن تصنيف موقع Passport Index الذي يعتمد على عدد الدول التي يمكن لصاحب الجواز دخولها من دون تأشيرة ، ما يعني ان حامل الباسبور العراقي لا يحق له الدخول الى اي بلد في العالم من دون فيزااااااااا " وتظلي دايما فووووك ..منصورة يااااا بغداد !.
انتشار أورام الدماغ الحميدة منها والخبيثة بشكل خطير جدا وغير مسبوق منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921، والسبب يرجع الى التلوث البيئي والتشوه الجيني والأشعاعي وفي مقدمتها استخدام العراق البنزين المخلوط برابع ايثيل الرصاص السام المحظور دوليا والذي يؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على بناء الهيموغلوبين ما يؤدي إلى فقر الدم وضعف التركيز وتدني القدرات العقلية مع مرور الزمن!! علما ان تكاليف اجراء العملية الجراحية الخطيرة للغاية بشقيها الخبيث والحميد تتراوح بين 8 - 13 الف دولار " والما عنده منين يجيب ياخلق الله ؟!!"
مؤذن وخادم مسجد " نعيمة الجيبه جي" وسط بغداد اصيب بالمرض فمات من دون ان تجري له العملية لأنه لا يمتلك غير 100 الف دينار - اقل من 80 $- فقط لا غير !! طاهرة التنظيف المبجلة ولا أقول - الخادمة او الفراشة - في احدى المؤسسات الحكومية ماتت بالمرض ايضا من دون قدرتها على إجراء العملية لأن كل ما تملك من حطام الدنيا الفاني هو 50 الف دينار ..اشترينا بها كفنا لها اضافة الى مستلزمات الغسل والنقل ومراسم الدفن البسيطة جدا والتي لم تغط ثروتها - 50 الف دينار - عشرها !!
امرأة شابة تبلغ من العمر 35 عاماً انتحرت بحرق نفسها داخل منزلها في قضاء الشطرة، الشهر الجاري ، شاب يبلغ من العمر 16 عاماً انتحر بحرق نفسه في قضاء سوق الشيوخ الشهر الجاري ، امرأة عمرها 34 عاما اقدمت على الانتحار بحرق نفسها داخل منزلها في محافظة ذي قار في تموز الجاري ، رجل في الخمسين من العمر اقدم على الانتحار حرقاً داخل منزله في قضاء الرفاعي الشهر الجاري !!! انا شخصيا اشكك بوجود جرائم جنائية تقف وراء ما يروج على انه انتحار في ذي قار، هذا رأي الشخصي أو ان أمراضا نفسية حادة تجتاح هذه المحافظة أكثر من غيرها !!
مأساة جديدة اضيفت الى مأساة نازحي الأنبار على وجه الخصوص ، والى ملف النازحين عموما وعددهم يربو على ثلاثة ملايين نازح منذ عام 2014 ، حيث الجرب ، الحصبة ، النكاف ، حبة بغداد، الإسهال الحاد ، القيء ، العطش ، الجوع ، الحر اللاهب صيفا والبرد القارس شتاء ، العواصف الترابية ، البعوض ، العقارب ، الأفاعي السامة ، نقص الأدوية والعلاج الحاد ، المياه الملوثة ، ليلحق بهم هذه المرة نازحون من اهالي الشرقاط والقيارة ممن يعانون الان الجوع والعطش والحر الشديد والإجهاد فهناك اكثر من 4 آلاف و902 أسرة نازحة من المنطقتين المذكورتين في حالة يرثى لها وهم يفترشون الفيافي والقفار اذ لم يبت في أمر إيوائهم وإسكانهم في الخيام حتى الان لحين الانتهاء من سير العمليات العسكرية هناك " وانوه الى ان خمسة الاف أسرة x خمسة افراد لكل أسرة = عندك الحساب ...تاج راسي ، علما ان تقديرات الأمم المتحدة لموجة النزوح القادمة بعد بدء معارك الموصل ميدانيا ستكون الأكبر على مستوى العالم ..يا عالم ، بنحو مليون نازح أو أكثر خلال أيام !!
صاح رفيق الدرب الطويل وصاحب السؤال العليل ، حسبك لقد فهمت أسباب تجهمك يااااهذا بل ولقد جهمتني معك أيضا ، ولله در القائل :
لا تشكو للناس جرحاً أنت صاحبه... شكوى الذبيح إلى الغربان والرخمِ
لا تشكو للناس جرحاً لا تشمته.... شكوى الأسير إلى القضبان و الظلمِاودعناكم اغاتي
مقالات اخرى للكاتب