أحاديث «الأستاذ» هيكل غزيرة مؤخرًا، رغم أنه سبق أن طلب إذنًا بالانصراف.
من هذه الأحاديث ما جاء في صحيفة «السفير» اللبنانية، المنتمية للمحور «الممانع»، إن كانت هذه التسمية ما زالت «تشتغل»، بعدما هبت رياح الفوضى، وأعيد ترتيب المواقع والصفوف بهوجة الربيع العربي.
في الحديث الذي تصدى لإدارته رئيس التحرير شخصيًا طلال سلمان، بأسلوب ممتع، كرر هيكل مقولاته الحاكمة حول الشرق الأوسط و«لعبة الأمم». من ذلك مثلاً هذه المصادرات الهيكلية المعتادة، والرجل يكررها بإيمان صوفي:
«في مصر، وفي إيران، وإلى حدّ ما تركيا طبعا.. هذه أوطان حقيقية، والباقي كله يشكل فسيفساء بين أوطان حقيقية».
دعنا من عمان العريقة، والسعودية ذات الثلاثة قرون، وحتى من العراق، ماذا عن المغرب الأقصى، الذي كان كذلك من مئات السنين، بحدوده وشخصيته وملكيته؟
كل منطقة الشرق الأوسط، ما خلا عمق الجزيرة العربية في نجد، وبعض اليمن، في فترات، وأجزاء من سلطنة عمان، وطبعا إيران.. ما خلا ذلك، فكل منطقة الشرق الأوسط، كانت «ولايات» عثمانية.
غير أن ذلك ليس أول مصادرة وجزم للأستاذ، مؤسس على جرف هار، فهو قد جزم من قبل بأن السعودية ودول التحالف؛ العربي والإسلامي، بل والدولي، لن تدخل الحرب في اليمن، ولن تشنّ «عاصفة الحزم»، قبل هبوب العاصفة بقليل، لتهب العاصفة عاصفةً بقطعيات الأستاذ. كما ذهب رأيه العجيب من قبل حول أن منفذي هجمات 11 سبتمبر (أيلول) كانوا من الصرب!
لا تقدر أن تتعامل مع آراء هيكل بطريقة منطقية، لأنه يجبر المتابع على فهمه من طريق عاطفي وتحيزات نفسية مسبقة، يحاول تغليفها بغلالة تحليلية.
خذ لديك في حديثه هذا، وهو يسوّق للخطاب الإيراني، بلسان عربي، فيقول عن حزب الله، اللبناني، الذي هو جزء عضوي - وفخور بذلك - من نظام ولاية الفقيه الإيراني، مشخصًا عدوان ميليشيا حزب الله على السوريين: «قتال حزب الله هو من أجل بقائه، ودفاعًا عن نفسه، وعما يمثله في لبنان، وهذا ما يؤكد مشروعيته في أنه يقاوم، وليس في أنه جزء من مشروع إيراني».
غير أن النص الكاشف لأزمة هذا الرجل «النفسية» حقًا، مع دول الخليج، خاصة السعودية، هو حين تحدث بقنوط عن مستقبل الدولة السعودية، مؤكدًا أنها «في أزمة» وجودية، ولكن المشكلة المحيرة له أنه لا توجد بدائل، ثم يصل لخلاصة محبطة له، وهي أن هذا هو «ما يبقي السعودية».
هل هذا كلام محلل محايد، أم أمنيات شخص حانق؟
كل العداوات قد ترجى مودتها
إلا عداوة من عاداك عن حسد
مقالات اخرى للكاتب