فتت الهولنديون عقدة الماضي، متحررين من تبعاته؛ فما يستفرز الفرد او المجتمع، يفرض سطوته على مشاعره، وبالتالي يستعبده؛ لذا تحرر الهولنديون من عبودية الحقد، بالتسامح؛ لأن الكره سجن يحد من حرية الحاقد ويقيد افكاره؛ فيقعد كسولا يجتر غيظه.
الشعب الولندي خلوق.. يستحق حياة الخير والرفاه، التي اعمها الله عليه؛ لأنه رب القلوب والضمائر، الطاهرة، وليس ولي الادعياء، الذين يجلدون الاخرين بطروحات ايمانية، مقلقة، ويسمحون لانفسهم بارتكاب الموبقات.
شعب هولندا متسامح، يتقبل الغريب، ويفتح امامه سبل الانتماء، من دون توجس ولا ريبة، سلام مطلق، ينشرونه ببساطة القروي القائمة على وعي متحضر.. رفيع، لا يحملون الآخر مسؤولية الاتكيت الذي يتقنونه، انما ينفتحون على سواهم، باحترام تام وبلا تكلف، على الرغم من دفق الوفرة الذي يمتلكون.
لا يتحسسون من لغة اخرى، مثلما تفعل شعوب سواهم، تعد التحدث بلغة اجنبية، اهانة لهم على اراضيهم؛ فمعظمهم يجيد الانكليزية، اضافة الى لغته المحلية.. الهولندية.
الخضرة تفترش هولندا، بساطا، اكثر من انتصاب العمارات عليها.
شعب يرعى الجار ويعنى بابن السبيل والغريب.. يجيبون لهفة المستجير، عارضين الخدمات مجانا، قبل ان يطلبها المرء، بل يسعدون بتقديم يد العون لمن يسألهم عونا.
هولندا بلد الزهور والطيور والخضرة والوجوه البرتقالية، حررهم وليم اورانج، من الغزو الاسباني في القرن الرابع عشر وحررها الحلفاء من هتلر، الذي غزاهم خلال الحرب العالمية الثانية وقدموا مئات الشهداء، لكنهم لا يعاقبون الالمان بشأنهم الان، انما يستذكرونهم، باحترام واجلال، لا تنكيل فيه للمتسبب.
تتعايش الديانات والقوميات والاجناس البشرية، بسلام فيها.. بيئة جميلة، اخترتها وطنا لدراسة اولادي وتنشئتهم، وفق ثقافة مجتمع ودود.. عالي الوعي بلا احقاد.
مناهج الحياة الزراعية، تنعكس على ارض الواقع، خضرة بطول المدى، لا يحدها منظور على لوحة الكون.. انها لوحة ساحرة.
تنتظم البحيرات الصناعية، في هولندا، بالتكامل مع البحيرات الطبيعية، اللتين تتجمدان شتاءً فيتزلجون عليها.
هولندا كاملة الطيبة.. كرما وترحابا واهلا وسهلا، صادقة لا اغراض من ورائها.